معالم العلاقة بين التيار الوطني الحر ونائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي غير واضحة حتى الساعة. يثير هذا التقارب قلق القوات اللبنانية وغضب عدد من البرتقاليين، الذين يتهمون الفرزلي بالتدخل في أمور داخلية لحفظ مقعد عوني له. أما «دولته»، فيفخر بالتقارب مع عون، غير آبه بكل ما يُقال
يرتاب رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع من نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي. ليس السبب ضميره الذي يؤنبه كلما نظر في عين الفرزلي المشوهة بسبب تفجير كنيسة سيدة النجاة في زحلة عام 1987، الذي أمر به جعجع، و خشية رد فعل متأخر. أصلاً، عفا الفرزلي عما مضى، وبات يعرف طريقه جيداً. كما أن السبب ليس بالتأكيد محاولة الفرزلي تأسيس تيار سياسي يهدد جمهور القوات أو أي فريق آخر. جل ما في امر تقرب ابن البقاع من صهر عروسه، رئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشال عون. وقد عبّر جعجع، أمام أحد المسؤولين الذين زارهم أخيراً، عن انزعاجه من تقرب الفرزلي من الرابية. لكن اللافت، أن قائد القوات يتقاطع في موقفه هذا مع فريق داخل التيار، وان اختلفت النوايا. هذا الفريق الحاضر دائماً لـ «النبش» في سجل كل ضيف جديد يحل على دارة عون، و«يا ويله» ان لم يكن «عونياً منذ الولادة وحتى الشهادة»، فتلك التهمة التي سيحاربونه بها، وسينغصون حياته بسببها، ويوجهون اليه رسائل اعلامية وشعبية بأنه غير مرحب به.
ومع تصاعد الحديث عن نية عون التنحي عن رئاسة التيار الوطني الحر، لم يجرؤ أحد على الغوص في الموضوع. أعضاء «البيت الداخلي» رفضوا حتى تخيل من الذي قد ينال هذا الشرف. وحده الفرزلي تخطى المحظور عندما قال في عدد من اللقاءات الخاصة ما معناه ان الوزير جبران باسيل هو «الوريث الشرعي لعون». كلام الفرزلي استفز النائب آن عون، صاحب الطباع الهادئة عادة. ثار غضبه فصرح لـ«الجمهورية» بأن «وراثة التيار شأن داخلي وهم ليسوا جزءاً منه وليسوا معنيين به. وقد يطرحونه على خلفية مآرب شخصية». ليس عون وحده المؤمن بهذا امر، ا أنه الوحيد الذي تجرأ وعبّر. بعض من يتشارك ونائب بعبدا هذا الرأي يقول في مجالسه إن «الفرزلي قطع الامل من النجاح في الانتخابات النيابية»، الامر الذي دفعه الى «البحث عن دور يلعبه، مرة عبر مشروع انتخابي وتارة عبر مؤتمرات مسيحية». طموحه الكبير «أن يكون وزيراً، فكان الخيار ركوب موجة التيار أسوة بالوزيرين سليم جريصاتي وفادي عبود، فتقرب من الوزير باسيل». كل شيء كان مقبولاً، حتى اللحظة التي قرر فيها التحدث بالشأن الداخلي «فتخطى الخطوط الحمر». ولكن كل ذلك، بحسب المصادر، لن ينعكس على عون الذي «لن يتأثر برغبات أي كان، فقط يستفيد من تقرب أناس جدد اليه».
لا يعير الفرزلي هذا الكلام أي اعتبار. يقول: «هؤلاء هواة في العمل السياسي». يرفض بدء اي حديث قبل الغوص في صفحات ما يسميه «التاريخ المشترك بيني وبين التيار». يفخر «أنني كنت الوحيد الذي طالب ببقاء عون في الوطن لأنه طاقة يجب استفادة منها وا تلقفته جهات خارجية». ورغم أن الفرزلي «سوري الهوى وصديق للقيادة السورية». يشير الى أن القاعدة العونية «صوّتت لي» في انتخابات النيابية عام 1992. «وكرروا امر عامي 1996 و 2005 رغم أن المناخ العام لم يكن مؤيداً لي، ا أن ذلك لم يولد العداء بيننا». بعد عودة عون من المنفى، «وحتى قبل ذلك، كنت دائماً حريصا على الكرامة في العلاقة، ولكن مع عودته تمكنا من بناء علاقة ايجابية بادرت أنا الى نسجها». ويشير الى أن رئيس التيار لم يردّه خائبا، أما الثقة «فلم تتعمق ا مع الوقت».
سمع الفرزلي جيدا الاصداء السلبية لمدحه باسيل. باستخفاف العارف بكل ما يدور حوله، يقول إن «لدى عون القدرة على أن يعطي الشرعية لمن يراه قادرا على أن يجسد أفكاره». يعتبر أن المطالبة بابراز المقتدرين والمتمكنين في التيار من أجل ضمان استمراريته هو «مطلب كل شخص تهمه مصلحة المسيحيين، ولكن ذلك يعني التدخل بالشؤون الداخلية للحزب، اضافة الى أنني أسعى الى حجز موقع متقدم في التيار، ولو أنه شرف أدّعيه». أما عن سبب الهجمة عليه، فيعتقد أن «(النائب) أن (عون) انزعج نه اعتبر أن زيارتي وجبران (باسيل) لمعراب (لمناقشة قانون الانتخابات النيابية قبل أشهر) قد تعني أنني نزعت منه ملف قانون انتخابات الذي كان يعمل عليه». أما الحقيقة فهي «أنني طرحت على عون فكرة الحوار مع جعجع، فوافق من دون تردد منتدبا جبران لتمثيله، ما اعتبرته خطوة جدية كون باسيل مقرباً جداً من عمه». «انبهار» الفرزلي بالوزير باسيل «ليس هداف خاصة. بل نني وجدت فيه انسانا مثقفاً قادراً على خوض المفاوضات الناجحة». أما الكلام عن استغلاله اقتراح قانون اللقاء الأرثوذكسي لحفظ مقعد متقدم عند عون فـ«غير صحيح»، لأن قانوناً كهذا «كان ليمكنني من تأليف ئحة وحدي من دون العودة الى أحد. مقعدي في المجلس يعود الى ما قبل إنشاء التيار العوني». يفاخر بأنه قادر على «تأمين آف اصوات لوحدي، في حين أن بعض العونيين ينساهم الجمهور أن لم يتبناهم الجنرال». يحتدّ قائلا: «ساهمت في كتابة التاريخ الحديث من خلال الدور الذي كسبته خارج الحكم. لذلك أريد شيئا من التيار». ربما يعتبر البعض أنه قد أخطا بالحديث عن وراثة الجنرال في الاعلام، بيد أنه مؤمن بوجود «تقاطع فكري مع عون»، يدفعه الى أن يطمح إلى «البقاء الى جانب العماد».