حذر عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب نواف الموسوي، من "السقوط في أفخاخ الحرب النفسية التي واكبت اغتيال حسان اللقيس، فمنذ اللحظة الأولى لاستشهاده هناك من سعى إلى تصوير هذا الاستشهاد أنه في سياق فتنة مذهبية، ويجب أن نكون على ثقة بأن من اغتال حسان اللقيس هو حتما وفي نهاية الأمر العدو الإسرائيلي، بغض النظر عن طبيعة الأدوات التي استخدمت، سواء كانت إسرائيلية مباشرة أو غير مباشرة، ويجب ألا نضيع عن معرفة العدو، وإن من اغتال حسان اللقيس هو العدو الإسرائيلي الذي لاحقه لسنوات طويلة حتى كتبت له الشهادة".
وخلال احتفال تأبيني في حسينية بلدة مجدل زون الجنوبية، قال: "الفخ الثاني الذي يجب أن نتفاداه هو ألا نقع في تضخيم القدرات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، ولو كنا نحن في بلد يخضع لمعايير الرقابة المفترضة في حالة الصراع، لكان ينبغي على الإعلام اللبناني، كما يحصل في اسرائيل، أن تخضع فيه المقاربات لمقتضيات المصلحة الوطنية لا أن تذهب التحليلات إلى حد توهين القدرة الوطنية، وما ينبغي التأكيد عليه في هذا المجال هو ان عملية اغتيال حسان اللقيس، وان كانت خسارة للمقاومة، إلا أنها لا تجعلنا بأي حال نستعظم القدرات الإسرائيلية، بحيث نظن أنها أكثر من حجمها التي هي عليه، وإن الإلمام بمعطيات عملية الإغتيال يوضح الحجم المحدود للقدرات الأمنية الإسرائيلية، فلذلك ينبغي على كل واحد منا أن لا يقع أسيرا للشعور بهول هذه القوة وبفائقيتها بما يجعلنا نسقط في الوهم الذي بددناه من قبل، حين بينا القدرات المحدودة للعدو الإسرائيلي، فهذه النقطة يجب الإنتباه لها حين نقف عندها، ولذلك، لا يهولن أحد من قدرة هذا العدو، لأننا خبرناه على مدى سنين طويلة وندرك حجم قدراته ونعلم أنها قابلة للهزيمة".
ورأى أن "الفخ الثالث الذي ينبغي أن نحاذر الوقوع فيه هو إضعاف الثقة بالنفس، فلا شك أن أي قوة مهما كان حجمها، يكون لديها نقاط ضعف، وهكذا هو شأن المخلوقات جميعا، فالذي يخلو من نقاط الضعف هو البارئ القادر الله عز وجل، ولكن لا يجوز أن نجعل من نقطة ضعف واحدة وكأنها هي الحال التي نحن عليها، ونحن على قدر كاف من القوة بحيث لا زلنا على ثقتنا التامة بأنفسنا بأننا، كما حققنا الإنتصارات من قبل على العدو، فإننا قادرون حتما على إلحاق الهزائم به، ولذلك يجب ألا يتسرب إلى النفوس أي شعور بالضعف، بل يجب أن نقابل ما حصل بمزيد من الثقة بالنفس وبالقوة وبالثبات وبمعرفة حجم العدو، ولا سيما أن هذه المسيرة التي يؤمن كل فرد من أفرادها أنه إلى موت أو إلى القتل، فإنه يحرص في أي موقع كان أن يجعل من بعده من هو قادر على ملء مكانه إذا غاب، ولذلك فإن المقاومة على رغم افتقادها إلى أعزائها وإلى عزيزها المبدع، إلا أنها ولادة تخرج جيلا مقاوما إثر جيل، وفي كل مرة كانت تقدم شهيدا، فإنها كانت تندفع خطوات إلى الأمام".
وشدد على أنه "يجب أن نتفادى هذه الأفخاخ لأن معركتنا مع اسرائيل هي معركة قوية، ففي لبنان هناك من لم يؤمن أصلا بأن اسرائيل هي عدو، وهناك من لم يؤمن بأن سبيل مواجهة العدو هي المقاومة، ولكن الإغتيال اليوم يؤكد أن العدو الإسرائيلي ما زال يتربص بلبنان، ولذلك على الذين يسقطون من ذاكرتهم التهديد الإسرائيلي عليهم في هذه المناسبة أن يتذكروا أن العدوان على لبنان ما زال قائما، وإنه لا بد من مواجهة هذا العدوان بالمقاومة كما واجهناه من قبل"، لافتا إلى "أننا سمعنا بالأمس من كان يتحدث مقرا بأن ثمة تهديدا للبنان يتمثل في المجموعات التكفيرية التي بفكرها وبإرهابها تهديد للوحدة الوطنية بل لوجود الكيان اللبناني، فالفكر التكفيري لا يمكن أن يتواءم مع الصيغة اللبنانية القائمة على التعدد والتنوع والقبول بالآخر واحترامه والعيش معه في عيش نموذجي يكون رسالة للعالم، فالإرهاب التكفيري هو تهديد للاستقرار والسلم وسلامة اللبنانيين، وإذا كنا متفقين جميعا على ذلك فهل تكون مواجهة المجموعات التكفيرية بالقول بالتحييد والحياد؟"، قائلا: "إذا أخذنا قرارا في لبنان بتحييد أنفسنا أو بالحياد، فهل هناك من في العالم لا في لبنان فحسب، يضمن أن هذه المجموعات التكفيرية لن تهاجم لبنان والتنوع والتعدد فيه؟ والأسماء التي يطلقونها على أنفسهم، بأنهم مجموعات عابرة للحدود لا تفرق بين العراق وسوريا ولبنان، وبالتالي فإن لبنان سواء قرر الحياد أم لم يقرر، فإنه مستهدف بالخطر التكفيري، ومواجهة هذا الخطر لا تكون بتجاهله أو بالهرب منه، لأنه سيلحق بنا إلى عقر دارنا، بل يجب أن نواجهه استباقا من قبل أن يصير في عقر دارنا، فنحن لا نستطيع أبدا أن ننتظر حتى تصبح المجموعات التكفيرية تهديدا مباشرا للبنان ونأتي حينها ونقول اننا الآن يجب أن نضع استراتيجية لمواجهة الخطر التكفيري".
وأكد أن "قناعتنا تستوجب مواجهة هذا الخطر التكفيري من حيث ينطلق، ولكن هناك أشخاص في لبنان لديهم رؤية أخرى، فالحل لهذا يكون بالذهاب إلى الحوار للتوصل إلى استراتيجية موحدة، أما القول بأنه يجب أن نبقى مكتوفي الأيدي حتى نتوصل إلى توافق وطني حول كيفية مواجهة الخطر التكفيري، فهذا يعود بنا إلى العام 1982، فلو كنا انتظرنا آنذاك حصول توافق وطني على كيفية مواجهة الإحتلال الإسرائيلي لكان الإسرائيليون حتى الآن لا يزالون في لبنان، لأنه آنذاك كان هناك أناس تعتبر أن إسرائيل هي حليف لها، فضلا عن أن الكثرة الكاثرة كانت غير مقتنعة بالمقاومة سبيلا إلى ذلك، ولذلك فليعذرنا من يتحدث عن التحييد والحياد، لأنه في غياب استراتيجية موحدة لمواجهة استباقية للخطر التكفيري نحن لا نستطيع أن ننتظر حتى تصل السكاكين إلى رقابنا، أما الزعم بأن مواجهة الخطر التكفيري استباقا هو السبب في عدم قيام التوافق الوطني، فهو ليس في مكانه، لأننا لسنا على توافق من قبل أن تبدأ الأزمة في سوريا، وأزمة التوافق الوطني في لبنان لا يعود تاريخها الى تاريخ بدء الأزمة في سوريا، فهي قائمة على سنين الجمهورية اللبنانية، وكنا نصل ويصل آباؤنا وأجدادنا إلى تسويات تليها تسويات لكي يستقر الواقع اللبناني، واليوم ليس أمامنا إلا الحوار للتوصل إلى تسوية داخلية جديدة وتفاهم جديد يحفظ الإستقرار الوطني، وهذا هو السبيل"، موضحا أن "إختيار سبيل المواجهة الداخلية، فهنا المفارقة، لأن هناك في لبنان من يدعو إلى التحييد في مواجهة أخطار داهمة، بينما في الصراع الداخلي هو لا يتورع عن إطلاق النار على الأرجل والصدور والرؤوس، وفي مواجهة الأخطار الخارجية تقولون بالتحييد، أما في صراعاتكم السياسية وغير السياسية فتعتمدون على المواجهة المسلحة مثل ما يحصل في طرابلس".
وشدد على أن "القرار بتفويض الأمن إلى الجيش اللبناني في طرابلس هو قرار حكيم شرط أن يحفظ للجيش دوره في تحقيق الأمن لا أن يحاصر دوره ويشل، لأنه في ظل مرحلة عدم وجود حكومة كاملة الثقة والفعالية، وفي غياب المجلس النيابي غير القادر على الإنعقاد بفعل الشل المتعمد من قبل الفريق الآخر، وبما انه لم يعد هناك من مؤسسة جامعة إلا الجيش اللبناني، نقول للقائمين على الأمر الواقع في طرابلس، حاذروا المس بهذه المؤسسة الأخيرة التي لا تزال توحد اللبنانيين وتشكل حاجزا بينهم وبين السقوط إلى قعر الهاوية، ويجب أن يكون تفويض الجيش تفويضا كاملا بحيث تصبح طرابلس مدينة آمنة للبنانيين جميعا، لا أن تكون فيتو أو كانتونا مغلقا على طائفة أو مذهب بعينه"، معتبرا أن "المسؤولية الوطنية تفترض اليوم عدم وضع قيود على الجيش، والتصريحات التي نسمعها من بعض المعنيين في طرابلس تضع قيودا على الجيش من باب الربط بين ما يسمونه شعار العدل والاستقرار، وإن السلامة والأمن في طرابلس يعلوان على أي قيد، ولا يجوز ربطهما بأي شرط، ويجب ان تعطى للجيش الصلاحيات الكاملة لفرض الأمن هناك".
وقال الموسوي: "تبين عاما بعد عام أن مؤسسات الدولة لا تسير وفق الأصول ووفق النزاهة، فنرى أنه في كل عاصفة تحل كارثة باللبنانيين، فإننا ندعو إلى محاسبة كاملة للمسؤولين عن الكارثة التي حصلت، وألا يضيع الدم بين القبائل اللبنانية المتناحرة أكانت طوائف أو وزارات أو مجالس أو ما إلى ذلك من إدارات تتنافس وتتصارع في ما بينها، وعلينا جميعا أن نعيد الثقة في نفس المواطن وبدولته، وهذا يبدأ من الأمور الأساسية في البنى التحتية قبل أن يصل إلى أي أمر آخر".