لم يملّ التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية من الحديث عن الجامعة اليسوعية بعد. فبعدما تصدرت الشاشات لأيام، تعود الجامعة الى الواجهة، والمفارقة أن "الحق ليس على حزب الله". السبب هو انتخابات رؤساء المجمعات السبت الماضي، وفوز التيار بالمقاعد الاربعة. لم تبلعها القوات التي تعتبر أن هؤلاء لا ينتخبون على أساس سياسي بل أكاديمي، فيما التيار يعيش نشوة النصر غير آبه لما يقال.
الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وايران سيطر على الصورة السياسية اللبنانية. الأحداث في سوريا لم تفقد أهميتها أيضاً. كان هذا على حساب السياسة اليومية التي تراجعت درجة متابعتها. شغل الناس الشاغل كان كيفية حفظ رؤوسهم من السيارات المفخخة وظاهرة الانتحاريين. أصبح "سخيفاً" سؤال أي كان عن أمور محلية. سيأتيك الجواب حالاً بأن الأمور اليوم في مكان آخر، ولا أحد يشغل باله في تفاصيل مناطقية في ظل تطورات قد تغير وجه المنطقة.
الاكثرية تتعاطى انطلاقاً من هذا المنطق، الا الاحزاب المسيحية في جامعة القديس يوسف ــــ بيروت. تسقط كل التطورات أمام بوابة الجامعة اليسوعية، لتحل داخل أسوار الصرح التعليمي مناكفات وسجالات لم يمل أصحابها من اثارتها، حول من فاز بالانتخابات الطلابية: القوات اللبنانية أو التيار الوطني الحر؟
قيل الكثير في الموضوع. البروباغاندا الإعلامية للقوات أدت دورها. جندت منابر الحزب الإعلامية لتكذيب التيار وتسويق أن هيئة اليسوعية الطلابية انجاز جديد يضاف الى سلة المكاسب «الزيتية». التيار لم يقصّر أيضاً. ما خفت صوت مسؤوليه وهم يؤكدون فوزهم بـ كلية مقابل للقوات واثنتين للمستقلين. فجأة حدث ما لم يكن في الحسبان. اسم السوري القومي حبيب الشرتوني، المتهم باغتيال رئيس الجمهورية بشير الجميّل استفز طلاب "جامعة بشير" في عقر دارهم. إشكال، فصل للطلاب بين "جبهتين"، اتهامات متبادلة، ومؤتمرات صحافية لممثلي الأحزاب "المتصارعة"، كانت كافية لتتصدر اليسوعية عناوين الأخبار والصحف. اعتبر القواتيون أن هذا الامر يؤكد افلاس التيار وحلفائه، وبقاء اليسوعية حصناً منيعاً لـ"المقاومة المسيحية". كالنعامة دفن التيار رأسه في الرمال، لم يتنفس إلا يوم السبت، لدى انتخاب رؤساء مجمعات اليسوعية، معلناً فوزه بالمجمعات الأربعة: مجمع المنصورية: جوزف نادر، مجمع Huvelin : جاد جريصاتي، مجمع الطب: ايلي كركجي، مجمع العلوم الإنسانية المتحف: ليال عزيز. لم تتأخر مصلحة الطلاب في القوات في نفي فوز "البرتقالي"، داعية اياه إلى "التوقف عن لعبته هذه وعن كذبه الذي يهدف إلى تشويش الرأي العام وتشويه الخيارات الطلابية". رد القوات لم يكن واضحاً، كذلك فإنه لم يسهم في دحض «افتراءات» التيار إذا ما ثبتت. السبب في ذلك أنهم "فوجئوا"، ما دفعهم الى الرد سريعاً، استناداً الى مسؤول الطلاب القواتيين نديم يزبك. يشرح كيف أنه "منذ تأسيسها، لم تأخذ رئاسة المجمعات طابعاً سياسياً، هو مركز فخري وبحت أكاديمي". يقول إن "رئيس كل مجمع لا يملك سلطة أو تأثيراً على عمل الهيئات، هدفه متابعة العمل الطلابي مع الادارة، لا أكثر ولا أقل". فوجئ يزبك من تصرف التيار "خاصة أننا كنا قد اتفقنا على أن الانتخابات لن تخاض على أساس سياسي، والدليل على ذلك أن أحد الحزبيين معنا صوت لمرشح التيار في احد المجمعات وفاءً لرابط الصداقة الذي يجمعهما". لكن يبدو أن "التيار، المتعطش ليظهر نفسه رابحاً بعد أن سقط في معظم الجامعات والكليات، أراد خلق انتصار وهمي». القوات سترد على هذا السجال عبر مؤتمر صحافي سيعقده يزبك الخميس المقبل «لنوضح ملابسات الامور". و"سيشارك في المؤتمر رئيس هيئة في اليسوعية، لنبرهن للتيار أننا لم نفز فقط بـ ".
الهدوء الذي يسيطر على تعابير يزبك تقابله حماسة ممزوجة بالفرح عند مسؤول الطلاب في التيار أنطون سعيد. انتخابات الرابطة المسماة Amicale تجري من خلال مشاركة الـ رئيس هيئة، "فوزنا برئاسة المجمعات الاربعة يؤكد الارقام التي أعلناها عن فوزنا بـ كلية، ما يعني بالتالي كذب ادعاءات القوات السابقة، القصة انفضحت الآن". يهزأ سعيد بقول القوات إن انتخابات المجمعات أكاديمية، متسائلاً: "أمعقول في ظل الانقسام السياسي في اليسوعية أن تأتي الفرصة لفريق بأن يبين أنه هو صاحب الاكثرية في الجامعة ولا يستغلها؟ معقول القوات التي تدعي فوزها في معظم الكليات تنتخب على قاعدة الصداقة في المجمعات؟"، اضافة الى أن القوات "لا يمكنها عندما تريد أن تقول إن الانتخابات سياسية وعندما تخسر تصبح ذا طابع أكاديمي". القصة عند سعيد انتهت هنا. ولكن أي رد من القوات "سيقابله رد من رؤساء الهيئات في اليسوعية"، ما يعني أن للقصة فصولاً أخرى، وخلاص طلاب اليسوعية لم يشع نوره بعد.