في ظل تمادي سيطرة الجماعات الإسلامية المتطرفة على المشهد العسكري داخل الأراضي السورية من جانب قوى المعارضة المسلحة، هناك من يسأل عن مصير "الجيش السوري الحر" في ظل الهزائم الكبيرة التي تعرض لها أمام هذه المجموعات في الفترة الأخيرة، وفي ظل غياب أو تغييب القيادة المؤسِسة له عن الساحة بشكل كامل.
قبل أشهر طويلة، كان مؤسس هذا الجيش العقيد رياض الأسعد ونائبه العقيد مالك الكردي من الأسماء التي برزت بشكل لافت، لكنهما حالياً بعيدان عن الأضواء بشكل كامل، فأين هما وماذا يقولان عما يحصل حالياً؟
القيادة المؤسسة خارج اللعبة
تؤكد مصادر مطلعة أن القيادة المؤسِسة لهذا الجيش أصبحت خارج اللعبة حالياً بعد نشوء هيئات ومجالس أخرى أعلنت تحملها المسؤولية من دون حتى التنسيق معها، وتشير إلى أن الأيام أظهرت أن هذا الأمر كان مطلوباً من قبل بعض القوى الدولية والإقليمية.
وتشير هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أن احدا لم يعد يتواصل مع هذا الجيش، حيث تلفت إلى أن الدول الداعمة لقوى المعارضة تتواصل مع المجموعات المتطرفة التي تدعي أنها إسلامية بالرغم من أنها تعلن العكس، وتشدد على أن هذه الدول تبحث عن تحقيق مصالحها التي لم يعد "الحر" قادراً على تأمينها لها في المرحلة الراهنة.
في هذا السياق، يوافق نائب قائد "الجيش السوري الحر" العقيد مالك الكردي، في حديث لـ"النشرة"، على القول أن هذا الجيش أصبح خارج مسرح الأحداث حالياً، ويؤكد أن السبب في هذا الأمر يعود إلى غياب الدعم الفعلي له من قبل مختلف الجهات، التي يعتبر أنها فضّلت دعم المجموعات الإسلامية، ويوضح أن هذا الأمر ينطبق على الولايات المتحدة الأميركية ومختلف القوى الفاعلة الأخرى.
ولدى سؤاله عن مؤسِس هذا الجيش العقيد رياض الأسعد الذي لا يجيب على هاتفه، يشير الكردي إلى أنه كان في رحلة علاجية وأصبح حالياً في تركيا حيث يمضي فترة نقاهة بعد الإصابة التي تعرض لها، ويلفت إلى أن القوة التي لدى "الحر" حالياً هي عبارة عن بعض المجموعات المتناثرة والتي لا تملك أي إمكانيات، ويؤكد أن معظمها بات يدور في فلك المجموعات الإسلامية.
من جانبه، لا يوافق النقيب عمار الواوي، في حديث لـ"النشرة"، على القول أن "الحر" أصبح بشكل كامل خارج الصراع، ويشير الى أن الشعب في "ثورة" لا يمكن أن تنتهي قبل تحقيق أهدافها.
الخيارات أمامنا صعبة جداً
في ظل هذا الواقع، تشير المصادر المطلعة إلى أن جميع الخيارات الموضوعة أمام القيادة المؤسِسة صعبة جداً، وتلفت إلى أن بعض الضباط تعرضوا لمحاولات إغتيال من قبل بعض الفصائل المعارضة، لكنهم في الوقت نفسه لا يريدون العودة عن قرارهم بالإنشقاق عن النظام، بالإضافة إلى عدم رضاهم على أداء هيئة الأركان برئاسة اللواء سليم ادريس.
في هذا الإطار، يشير الكردي إلى أن "الحر" لم يحصل على أي دعم دولي يذكر منذ تأسيسه، ويرى أن هناك مسؤولية مشتركة عن الحالة التي وصلت إليها الأوضاع.
من ناحية أخرى، يتطرق الكردي في حديثه إلى واقع قيادة هيئة الأركان، التي يؤكد عدم الرضا عنها، ويعتبر أنها لا تعبر عن قيادة عسكرية، ويكشف عن عقده أكثر من لقاء مع ادريس وتقديمه مشروعًا من أجل تأسيس جيش وطني منظم يقف بوجه الجيش النظام والإيديولوجيات المتطرفة، لكنه يشير إلى أن هناك عقبات محلية وإقليمية ودولية حالت دون تحقيق هذا الهدف.
الكردي، الذي يؤكد أن جميع الخيارات باتت صعبة جداً، يوضح أن القيادة المؤسِسة لا تستطيع القيام بأي أمر حالياً إلا تجديد الدعوة لتشكيل جيش منظم.
من جانبه، يعتبر الواوي أن الدول الخارجية بالإضافة إلى النظام مسؤولون عن المجموعات المتطرفة، لكنه يشير إلى أن الشعب الذي خرج لإسقاط النظام لن يهدأ قبل تحقيق هذا الهدف، ويرى أن ما هو قائم حالياً جزء من إفرازات "الثورة"، ويؤكد أنه في المرحلة المقبلة سيتم تطهير البلاد من كل هذه المجموعات.
في المحصلة، استطاعت المجموعات الأصولية المتطرفة فرض نفسها على المشهد السياسي والعسكري السوري أكثر من أي جهة، وقد تكون فصائل المعارضة مدعوة إلى إعادة قراءة مواقفها قبل أن تصل إلى نقطة اللاعودة.