منذ مدة، يصرّ "الجيش السوري الحر" على الزج بإسم "التيار الوطني الحر" في الأحداث السورية، من خلال توجيه الإتهامات له بارسال المقاتلين إلى هناك تحت عناوين مختلفة، بعد أن كانت التهم التي تُوجَّه له في السابق تقتصر على انتقاد بعض مواقفه السياسية من قبل قيادات المعارضة السورية.

وفي الوقت الذي يدعو فيه التيار القوى اللبنانية المختلفة إلى العودة إلى الداخل، كان هذا الإتهام مفاجئاً نوعاً ما، إلا أنه يعكس تداعيات خطيرة، لا سيما أن البعض رأى أن ذلك قد يكون مقدمة لأعمال أمنية تستهدف "الوطني الحر" أو المناطق المسيحية، في حين أن "الجيش الحر" يتحدث عن أن لديه معلومات مؤكدة حول هذا الموضوع.

"الجيش الحر" يتحدث عن معلومات مؤكدة!

على الرغم من أن المعلومات التي تحدث عنها "الجيش السوري الحر" كانت محطّ سخرية لدى الكثير من اللبنانيين، يؤكد مسؤول إدارة الإعلام المركزي في هذا الجيش ​فهد المصري​ على أنه لا يستند في أي معلومة يقدمها إلا على إثباتات ووقائع، ويشير إلى أنه عند بداية الحديث عن تدخل "حزب الله" في القتال في سوريا نفى الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله هذا الأمر قبل أن يعود ويؤكده في وقت لاحق.

ويرى المصري، في حديث لـ"النشرة"، أن هذا الأمر يتكرر الآن مع رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون، ويعتبر أن الإعتراف قد يكون بعد مقتل أو توقيف أحد العناصر.

في الجهة المقابلة، يشير القيادي في "التيار الوطني الحر" ​أنطوان نصرالله​ إلى أن القاصي والداني يعلمان أن ليس لدى التيار جناح عسكري لكي يرسل المقاتلين إلى سوريا، ويعتبر أن هذا الأمر لا يحتاج إلى تأكيد منه في أي مرحلة.

ويستغرب نصرالله، في حديث لـ"النشرة"، صدور هذا الكلام في الوقت الذي يعاني فيه هذا الجيش من أزمة داخلية، لا سيما بعد الهجمات التي شنت ضده، ويشير إلى أن لدى التيار شكوك بأن هذه البيانات تكتب بأقلام لبنانية، نظراً إلى أن المفردات نفسها تستخدم من قبل بعض قوى الرابع عشر من آذار.

ماذا عن التداعيات؟

على صعيدٍ متصل، تبدو التداعيات المترتبة على هذه الإتهامات أكثر أهمية من الكلام نفسه، لا سيما بعد أن تحدّث الكثيرون عن أنها قد تكون مقدمة لقيام بعض المجموعات السورية المعارضة بعمليات تستهدف المناطق المسيحية في لبنان.

وعلى الرغم من إعتراف المصري بعدم وجود جناح عسكري لدى "الوطني الحر"، يتحدث عن وجود مجموعات من الشباب الذين خضعوا لتدريبات من قبل "حزب الله" في منطقة البقاع قبل إرسالهم إلى بعض المناطق المسيحية في دمشق والقلمون تحت عنوان حماية الكنائس والأماكن المقدسة، ويشير إلى أن ما يتم الحديث عنه هو عبارة عن ما يقارب 70 مقاتلاً.

ويلفت المصري إلى أن مشاركة اللبنانيين في القتال في سوريا لا تقتصر على "الوطني الحر" و"حزب الله"، ويتحدث عن أن هناك مقاتلين آخرين ينتمون إلى "حزب البعث العربي الإشتراكي" و"الحزب السوري القومي الإجتماعي"، ويرفض القول أن هذه الإتهامات توجه من أجل تكون مقدمة لإستهداف بعض المناطق أو مراكز التيار، ويشدد على أن المشكلة ليست مع "الوطني الحر" بل مع من يعطيه الأوامر من أجل القيام بهكذا أعمال، ويرى أن أطماع عون وأحلامه التي لن تتحقق بالوصول إلى رئاسة الجمهورية هي التي تدفعه إلى تبني هذا الخيار.

من جانبه، لا يستبعد نصرالله أن يكون هذا الكلام مقدمة لعمل أمني ما، لكنه يضع ذلك برسم الأجهزة الأمنية اللبنانية المعنية، حيث يشير إلى أن التيار يعتمد على الدولة بشكل كامل من أجل حمايته.

في المحصلة، قد يكون من المستغرب ذهاب المعارضة السورية إلى توجيه هكذا إتهامات تبدو إلى حد بعيد غير منطقية، والمخاوف من تداعياتها منطقية خصوصاً بعد التفجيرات التي وقعت على الساحة اللبنانية.