يحلّ عيد الميلاد على اللاجئين العراقيين المسيحيين في لبنان حزيناً، يحمل معه الأشواق الى العراق الحبيب، ذاك البلد الذي كان شاهداً على أجمل لحظات العمر حتى جاءت الحرب لتمحو معها كلّ شيء إلا الذكرى الجميلة من أذهانهم التي تنام وتستيقظ مع حلول كلّ عيد ميلاد.
شوق الى مأكولات العيد
لا تنسى مريام شمعون، وهي العراقية التي اضطرت لترك بلدها، المأكولات التي كانوا يحضرونها في عيد الميلاد "الفوارغ، والمعمول..."، والتي ينتظرونها كل عام. صحيحٌ أننا "نطهوها في لبنان ولكن هناك لها طعم آخر". هذا ما تلفت اليه مع تأكيدها أنها "لم ولن تنسى الأيام العراقية في تلك الفترة بالذات والتي حرمت منها في المدة الأخيرة قبل أن تهرب من نيران الحرب هناك إلى لبنان"، مشيرةً الى أن "الحرب في العراق حرمتنا من أمور كثيرة في عيد الميلاد أبرزها قداس نصف الليل"، مضيفةً: "حرمنا من ممارسة شعائرنا الدينية في العراق ولكن في لبنان نقوم بها بشكل عادي، فمنتصف الليل نتوجه الى مطرانية الكلدان نصلي ونتضرع الى اللّه لينهي الأزمة بسرعة وعلى خير". تحب مريام الصلاة في الكنيسة وهي تدعو الى اللّه بلغة المسيح الأساسية الا وهي "الآرامية"، مشددةً على أهمية هذه المسألة "فهي تبقي في الذاكرة خصوصاً وأنها اللغة المقدسة التي تكاد تنتفي مع التهجبر الحاصل".
الأحوال المادية المؤثرة
حال مريام هو حال العديد من العراقيين اللاجئين في لبنان في عيد الميلاد. وفي هذا السياق يرد الاب دنحا العراقي عبر "النشرة" سبب كلّ ما يحصل الى مخطط لتهجير المسيحيين لا من العراق فحسب بل من الشرق الاوسط ككل". يشتاق الأب دنحا بدوره الى "المأكولات التي كانت تحضّر في العراق في هذا العيد خصوصاً "الكلاجة"، آسفاً لحال بعض العراقيين في لبنان، ولافتاً الى أن "بعض بيوت هؤلاء يغيب عنها أي مظهر من مظاهر العيد فلا زينة ولا مغارة بسبب الأحوال المادية المتردية". في المقابل يشير الأب سعد سيروب في اتصال مع "النشرة"، وهو كاهن في كنيسة مار يوسف الكرادة في بغداد، الى أن "التحضيرات لعيد الميلاد في العراق كانت كبيرة، الزينة، الإحتفالات الدينية والإجتماعية... ولكن في السنتين الأخيرتين أصبح هذا الأمر صعبًا جداً. فبعد وقوع حادثة سيدة النجاة في العراق تناقصت أعداد المسيحيين بشكل كبير خصوصاً وأنهم وجدوا أنفسهم يائسين دون فرص عمل في ظل غلاء المعيشة والحالة الأمنية المتردية". يؤكد الأب سيروب أن "القداديس في عيد الميلاد باقية على حالها، ولكن الإحتفالات الإجتماعية ومظاهر العيد خفت كثيراً حتى لا نقول أنها تكاد تختفي".
هجرة من لبنان الى الغرب
بعض مسيحيي العراق يلجأون الى لبنان لأنه بواية العبور نحو الغرب، هذا ما يراه الاب الكلداني المسؤول في مطرانية الكلدان في لبنان روفائيل الطرابلسي، الذي يلفت الى أن "الامم المتحدة تبحث بملفات العراقيين الموجودين في لبنان لتنقلهم الى الغرب"، آسفاً لهذا المخطط التهجيري، موضحاً أنه "ورغم هذا كله فنحن ككنيسة كلدانية لم نترك رعيتنا العراقية التي لازالت متواجدة في لبنان، ففي هذا العيد بالذات ننظم لهم النشاطات حتى ننسيهم همومهم وحزنهم، ونقيم لهم القداديس الليلية... ولكن طبعاً المعنى يختلف عندما يتم الإحتفال في العيد في الديار". ويعبّر عن أمله في عودة الكلدانيين إلى بيوتهم سريعاً.
عيد ميلاد جديد يمرّ على العراقيين المسيحيين اللاجئين في ظل إزدياد للأعداد التي تتوافد الى لبنان وتتوجه بعدها الى الغرب، والمؤسف أنّ المخطط مستمر وكلّ الهدف هو تفريغ الشرق من مسيحييه، على أمل أن يحمل الميلاد هذا العام رجاءً بالعودة إلى الديار لآلاف العائلات المسيحية المهجّرة والمضطهدة في هذا الشرق المنكوب، لكي لا يفرغ الشرق من أهله... من مسيحييه.
تصوير حسين بيضون (الألبوم الكاملهنا)