ما الذي حول "عاصمة الشتات"، التسمية التي يحلو للفلسطينيين اطلاقها على ​مخيم عين الحلوة​، الى دويلات وولايات اسلامية تتحكم بها اجندات ما سُمي بـ"الربيع العربي"؟. أجاب قيادي فلسطيني رفيع المستوى، لصحيفة "الديار" أن "التآمر الذي إستهدف المقاومة الفلسطينية، جاء من الانظمة العربية التي حولت القضية الفلسطينية الى ما يشبه الشركة المساهمة، لكل نظام عربي حصة فيها، هي الانظمة نفسها التي فرّخت تنظيمات إسلامية، إبتعد فكرها وسلوكها عن قضية الشعب الفلسطيني، ولم تشكل هذه القضية الاولوية في أجندة عملها، بل هي منغمسة في حروب ضد ساحات شكلت اساسا داعما لقضية الشعب الفلسطيني ولقضيته، بل ان جلَّ ما تعمل وفقه التفرغ لشن حملات تفجير وتكفير ضد القوى المنخرطة في مشروع المقاومة، كسوريا وايران وحزب الله".

وأشار القيادي الى أنه "بعد أن كان المخيم كتلة واحدة محتضنة من التنظيم الام حركة "فتح"، أصبحت "فتح" نفسها، وبفعل الحصار المالي والتآمر السياسي من الانظمة العربية المؤثرة في الساحة الفلسطينية، سيما من الدول التي شجعت على تصفية الوجود الفتحاوي في قطاع غزة، لا تقوى على حماية كوادرها وعناصرها، حتى في أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، مخيم عين الحلوة، على الرغم من ان "فتح" ما تزال صاحبة الثقل الاساسي، السياسي والعسكري في المخيم، لكنها الزمت نفسها بالابتعاد عن اي توتر امني قد يؤذي القضية الفلسطينية بالدرجة الاولى، فضلا عن جمهور المخيمات والجوار، فانهالت عليها الضربات منذ الحروب الصغيرة التي خاضها "المجلس الثوري" البائد، وصولا الى المرحلة الراهنة، حيث تُستهدف "فتح" امنيا من قبل تنظيمات ومجموعات اسلامية متشددة متعددة الولاءات".

وتابع "في السابق كان وجود مثل هذه التنظيمات محصورا بـ"حي الطوارىء" الواقع عند الطرف الشمالي للمخيم، الا ان الرعاية التي لاقتها من جهات خارجية، جعلتها تمتد وتتنامى في معظم احياء المخيم، في الصفصاف وحطين وما شهده الفلسطينيون من تفريخ للتنظيمات الاسلامية المتشددة يعود الى جملة من العوامل، وفي مقدمها استشراس جهات اقليمية وخليجية بتفريخ مجموعات اسلامية متشددة، تكون ادوات لتنفيذ اجنداتها".

وفي رأي القيادي الفلسطيني، "ليس مصادفة، ان يُزج اسم مخيم عين الحلوة، عند وقوع أي حادث أمني، سيما بعد ثبوت تورط عدد كبير من مناصري المنظمات الاسلامية المتشددة التي حولت بعض احياء المخيم الى مربعات امنية، ليست خارجة عن سلطة الدولة اللبنانية، بل انها خارجة عن سيطرة القوى والفصائل الفلسطينية الموجودة تاريخيا في المخيم، وفي مقدمها حركة فتح التي لم يسلم كوادرها ومسؤولوها وعناصرها من رصاص هذه المنظمات وعبواتها. وليس مصادفة، ان يكون احد منفذي الهجوم المزدوج على السفارة الايرانية في بيروت من مخيم عين الحلوة، وان يخرج من المخيم العشرات من "الجهاديين" الى ساحات ملاقاة الله في الجنة، الى سوريا للقتال الى جانب تنظيمات اسلامية تكفيرية، كـ"جبهة النصرة" و"الدولة الاسلامية في العراق والشام"، وقبل ذلك في افعانستان، وآخر حبات عنقود تورط المنظمات الاسلامية الفلسطينية كانت في الهجمات الانتحارية التي خاضها اسلاميون ضد مراكز وحواجز الجيش اللبناني مؤخرا في صيدا. كل هذه الاحداث الامنية الخطرة، اعادت الانظار مجددا الى مخيم عين الحلوة، لما يأويه من "جهاديين" للايجار، يعملون وفق اجندات خارجية تتخطى حدود المخيم، لا بل حدود لبنان".

ولفت القيادي الفلسطيني الى أن "المخيم الذي حولته المجموعات الاسلامية المتشددة، التي اعتمدت في تركيبها قواعد العمل السري الذي يقتضي ان تقوم على شبكات مسلحة صغيرة، غير مترابطة وغير تابعة لمرجعية أمنية عليا، تجنبا لكشف هرميتها، باتت تنظر اليه القيادات الفلسطينية، على أنه بؤرة متوترة من شأنها ان تُصدّر التوترات الامنية الى خارج المخيم، بعد ان لازمت هذه التوترات المخيم وسكانه، جراء مسلسل امني متواصل، حصد عشرات القتلى والجرحى، وما زاد من تحول المخيم الى ما يشبه الدويلات او الولايات الاسلامية التي تتحكم بها اجندات خارجية، توافد العشرات من الفلسطينيين واللبنانيين المطلوبين الى المخيم، ليكونوا بمنأى عن السلطات اللبنانية التي تلاحقهم، بعد ثبوت تورطهم في احداث امنية خطرة".

وخلص الى القول: "إن تورط اشخاص يقيمون في مخيم عين الحلوة، هدفه توريط المخيم كله في أحداث أمنية تعمل جهات خارجية على تحقيقه"، وهذا الامر، في رأي القيادي، "من شأنه ان يغرق المخيم بدومة الدم، وبالتالي، فإن كل ما يخطط للمخيم يهدف الى ضرب القضية الفلسطينية وشطب حق العودة".