رأى "اللقاء المسيحي – بيت عنيا" بعد اجتماعه الثالث عشية عيد الميلاد المجيد، في حضور عددٍ من السادة الأساقفة والكهنة ممثلي الكنائس وأعضاء اللقاء، أنَّ "المؤتمر المسيحي المشرقي" الذي انعقد في بيروت في 2-3 تشرين الثاني 2013، أطلق صرخة أمام الضمير العربي والإسلامي والعالمي إزاء المخاطر الداهمة والواضحة على التنوع في المشرق، وعلى وجود المسيحيين الجسدي ودورهم الفاعل، وأكدوا أن هذه الخطوة، بما عكسته من مشاركة مميزة في أعمال المؤتمر وبياناته، شكلت بداية لتفعيل التواصل والتشبيك بين الجماعات المسيحية المشرقية ونخبها السياسية والفكرية، وتعزيز ثقافة الترسخ في الجذور والحفاظ على الوجود والهوية، وتأكيد التمسك بالعيش الواحد مع كل مكونات المجتمع، تحت سقف المساواة في المواطنية والإخاء والتفاعل الإنساني.
وشدد المجتمعون على أن التحديات الإستراتيجية التي عالجتها لجان بيت عنيا ووردت في الوثيقة المسيحية التي صدرت عن المؤتمر، تمثل ركيزة أساسية لعمل مسيحي جماعي يتخطى الإنقسامات والإصطفافات، كونها تلامس القضايا الكيانية التي تواجه المسيحيين في لبنان وتؤثر على دورهم ومستقبلهم. واستعرضوا مجموعة من أفكار لأنشطة وخطوات مقبلة، خاصةً في إطار تفعيل لجان "اللقاء المسيحي" (الميثاق والدستور وقانون الإنتخاب، السياسة الدفاعية والخارجية، القضايا الوجودية: الديموغرافيا والجغرافيا، الإقتصاد واللامركزية الإدارية والمالية، الهوية والثقافة).
وخصَّ المجتمعون بالإهتمام قضية تمدد الإرهاب التكفيري في سوريا ولبنان، بما يحمله من إلغاء كل آخر مختلف عنه ولو كان في داخل البيئة والمذهب اللذين ينتمي إليهما، ومن تشويه صورة الإسلام الذي يخطفه ويأسره. وتوقفوا أمام المدلولات الخطرة لاستمرار استهداف مواقع ورموز مسيحية لا سيما في معلولا بما تمثله من إرث حضاري وإنساني عريق، داعين إلى بذل أقصى الجهود الممكنة لبنانياً وعربياً وعالمياً من أجل إطلاق المطرانين والكهنة والراهبات المخطوفين، وحماية المواقع المسيحية المقدسة. ورصدوا تحوّلاً غربياً في الموقف من التصدي للحركات التكفيرية، ما يدل على وعيّ متماسك لمخاطر هذه الحالة، يلتقي مع التحذيرات الإستباقية للقاء المسيحي وغيره.
وشدَّد اللقاء المسيحي على أن مواجهة ظاهرة الإرهاب التكفيري، لا تتم بتجهيل مصادر هذه الظاهرة ولا بتبريرها بظروف وأحداث طارئة، ولا تتم أيضاً بتجريم المسيحيين المشرقيين على خياراتهم النابعة من إيمانهم وتجاربهم وهواجسهم، أو دعوتهم إلى الإنخراط في حرب، لما يمثله ذلك من سوء فهم خطير للرسالة المسيحية في الحوار والمساواة، والعابرة لما يسمى زيفاً "تحالف الأقليات"، أو من سوء فهم للحال التكفيرية الإرهابية وتداعياتها الدامية. وأكد اللقاء أن المسيحيين المشرقيين متمسكون بخيار الدولة المدنية والمساواة التامة، وبالتحالف بين القوى الخيرة المتنورة من كل المكونات التي تؤمن بما قاله دولة الرئيس سليم الحص في تصريحه الأخير من أن "الإسلام القرآني" يرفض التكفير ويدعو إلى التلاقي مع المسيحية المشرقية التي هي في جذور الأوطان في هذه المنطقة من العالم.
ولفت اللقاء إلى أنَّ السنة المقبلة تحمِل استحقاقات محلية تهم مكونات الوطن جميعاً، ومنها ما يتعلق بالوضع الحكومي وانتخابات رئاسة الجمهورية التي تشكل محطة أساسية في عملية استنهاض الدور المسيحي في لبنان والمشرق، من خلال انتخاب رئيس مسيحي قوي. إضافةً إلى الإنتخابات النيابية التي يجب أن تتحقق فيها المناصفة الفعلية الميثاقية بين المسيحيين والمسلمين. من هنا ضرورة مواكبة اللقاء لهذه الإستحقاقات لا بل استباقها لتثميرها تثميراً محفزاً للوجود والدور المسيحييَن في لبنان والمشرق.