أوضح العلامة السيد علي فضل الله في خطبتي الجمعة، أنه "كنّا نأمل أن تترك مناسبة عيد الميلاد، أثرها في من هم في مواقع المسؤولية، ممن شاركوا في هذه الاحتفال المناسبة وتبادلوا التهاني فيها، فتترسخ في قلوبهم القيم التي دعا إليها السيد المسيح(ع)، والتي هي قيم الإسلام وكل الرسالات السماوية؛ قيم المحبة والعدالة والتسامح ومدّ جسور التواصل والحوار، بحيث يتداعى بعدها كل هؤلاء لنبذ ماضي التوتر والتشنج والانقسام، والعمل سوياً لتحريك عمل المؤسَّسات كافّة، ومنع أيّ فراغ فيها، والحدّ من الخطاب الموتِّر والمتشنِّج الّذي بات يترك تداعياته على الواقع الاقتصاديّ والمعيشيّ، ويهدّد البلد في استقراره الأمنيّ والسياسيّ".

ورأى أن "إستمرار هذا الواقع المتمثّل بالسّجال الحادّ، والتلهّي بأمور لا ترتقي إلى مستوى الوضع المشحون والخطير الذي تعيشه البلاد، سوف يتيح لكل المصطادين في الماء العكِر، من أجهزة إستخبارات دوليّة وإقليميّة، استغلال هذه الأجواء الأمنيّة، وتهديد الاستقرار الداخلي، وتعميق الهوة بين اللبنانيين، ويأتي ما حدث اليوم من اغتيال لشخصية سياسية وسقوط عددٍ من المواطنين في هذا السياق. ونحن إذ ندين بشدّة هذا الاغتيال وكل أعمال التفجير السابقة التي نرى فيها خدمةً لأعداء هذا البلد، الذين يريدون العبث بأمنه واستقراره وسلمه الأهلي، وإدخاله في أتون حرب مذهبية وطائفية، نرى أنَّ استهداف أيّ مكوّن سياسيّ في لبنان، يستهدف كل لبنان، فهذا البلد لا يقوم إلا بتوافق كل مكوناته وتواصلهم".

ودعا جميع الفاعليات والمسؤولين السياسيين إلى "الارتقاء إلى مستوى المسؤولية، وعدم التسرّع في إصدار الأحكام المسبقة، وترك الأمور للعدالة كي تأخذ مجراها في ملاحقة المجرمين، كي لا نسمح لمخطط الأعداء بأن يمرّ من خلال إثارة الانفعالات والحساسيات والعصبيات وردود الفعل، ولا سيما في هذه المرحلة المشحونة أصلاً".

وأوضح أن "كل هذا الواقع بات يستدعي من كل الحريصين على هذا البلد، العمل للحؤول دون استمرار هذا المخطط الإجرامي، والتصدي للفتنة التي أطلّت برأسها، من خلال الإسراع في التلاقي والتواصل، والعمل لتشكيل حكومة جامعة باتت اليوم حاجة أكثر من أي وقت مضى؛ حكومة تدير دفّة البلد في هذه المرحلة الخطيرة، وتحمي لبنان من تداعيات ما يجري في محيطه، ومن التوترات الأمنية المستجدة التي تُربك ساحته. وإنَّ أي خطوة أخرى قد تكون ناقصة في هذا المجال، نخشى من تداعياتها في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة، فنحن نريد لكلّ الذين يتصدّون لمواقع المسؤولية العليا، العمل على تجنيب هذا البلد الوقوع في مهبّ الريح، وحمايته من الأخطار التي تهدّده من الداخل والخارج".