كشفت صحيفة "الأخبار" ان الاستخبارات العسكرية الأميركية ارسلت قبل عشرة أيام، برقية عاجلة الى "فرع الأمن الاستراتيجي" في وزارة الدفاع اللبنانية، تفيد بأن زعيم "كتائب عبدالله عزام" ماجد الماجد موجود في جرود بلدة عرسال اللبنانية، وأنه نقل الى أحد منازل البلدة بعد تفاقم وضعه الصحي. وبعد يومين، وصلت برقية أخرى تفيد بأن اتصالات تجرى لنقل الماجد الى بيروت للعلاج لحاجته الى عملية غسل كلى عاجلة. ويوم الثلاثاء، في 24/12/2013، تولّت سيارة إسعاف نقله من عرسال الى مستشفى المقاصد في بيروت. عندها وصلت برقية أميركية عاجلة تؤكد أن الماجد صار موجوداً في أحد مستشفيات العاصمة.
في هذه الأثناء، تشكلت خلية خاصة في مديرية الاستخبارات، وتولّى فريق إحصاء كل من دخل مستشفيات لبنان أو لا يزال فيها لمعالجة أمراض الكلى. وبعد بحث، أُحصي نحو 415 حالة جرى التأكد من أنها تعود جميعاً لبنانيين، ما عدا اثنتين، إحداهما لمواطن عربي تم التثبت من هويته في أوتيل ديو، وأخرى لشخص مجهول في مستشفى المقاصد.
وبحسب الصحيفة، ارسل في وقت لاحق، رجل أمن الى المستشفى، وتم استغلال لحظة نوم الماجد بسبب حقنة مهدئة، لالتقاط صور له، تم نقلها مباشرة الى اليرزة حيث جرت مطابقتها مع صور للماجد، وعندها تقرر إعداد خطة توقيفه.
وكشفت "الأخبار" ان أول الاقتراحات كان الهجوم على المستشفى ونقله من هناك، ولكن برزت محاذير أمنية ناجمة عن احتمال أن يكون خاضعاً لحراسة خاصة قد يؤدي الاصطدام معها الى اشتباك يستغل لتهريب الماجد أو حتى لقتله، ثم تقرر انتظار تقرير الطبيب. وبعد ظهر الخميس، في 26/12/2013، قرر الطبيب أن في إمكان المريض المغادرة. وأصرّ الماجد، من خلال مرافق له يحمل هوية سورية، على العودة الى عرسال. وتم تحضير سيارة إسعاف لهذه الغاية، استقلّها بعد الغروب، تحت مراقبة رجال الاستخبارات.
بعد مغادرته محيط بيروت الإدارية، تم التثبت من سير سيارة الإسعاف في اتجاه الطريق الدولية المؤدية الى البقاع. وبعد وصولها الى منطقة الجمهور، كانت وحدة خاصة من الجيش قد نصبت كميناً من عدة آليات، اعترضت سيارة الإسعاف وسارع عناصر الاستخبارات الى فتح السيارة ومباغتة الماجد ومرافقه لمنعهما من الإقدام على أي عمل، وخصوصاً أنه كان يُخشى من أن يكون الرجل مجهزاً بحزام ناسف. وخلال أقل من دقيقتين، أوقف الرجلان ونقلا الى مقر وزارة الدفاع، فيما أُخلي سبيل طاقم سيارة الإسعاف في وقت لاحق.
هذا واشارت "الأخبار" الى أن الأجهزة الأمنية تلقّت سابقاً معلومات عن الوضع الصحي السيء للماجد، وأن إحدى كليتيه قد تعطلت، فيما تعاني الأخرى من متاعب ألزمته التوجه مراراً الى مراكز لغسل الكلى. وهو ما دفع مساعديه الى وضع أكثر من خطة لإيصاله الى المراكز المعنية بعد اختيار أكثر من عنوان. وهو كان يلجأ إلى إحدى الشقق في بيروت للراحة قبل أن يعود أدراجه. وكشفت المعلومات أن أحد مساعديه كان يرافقه بصورة دائمة. غير أن إجماع المصادر على حصول التوقيف على طريق البقاع يدحض هذه الرواية، فلو صحّت لأمكن توقيفه داخل المستشفى عوضاً عن المخاطرة بإفلاته لدى الخروج منه.
وكشفت الصحيفة انه بعد توقيف الماجد، عقد اجتماع خاص في مكتب قائد الجيش ضمّه وكبار ضباط الاستخبارات، وتم الاتفاق على حصر معلومة توقيفه بفريق ضيق، وكيفية المباشرة بالتحقيق معه قبل تدهور صحته. كما خصص طاقم طبي للإشراف على وضعه الصحي، فيما قالت مصادر أمنية، أمس، إنه لا معلومات جدية تم استخراجها من الماجد بسبب تدهور وضعه الصحي.
وذكرت الصحيفة انه بعدما طلبت إيران إشراك ضباط منها في التحقيقات مع الماجد ربطاً بإعلان مسؤولية "الكتائب" عن التفجيرين الانتحاريين ضد السفارة الإيرانية في بيروت، تلقت الاستخبارات الأميركية تقريراً مفصلاً عن عملية التوقيف وعن وضعه الصحي، فيما طلبت السعودية رسمياً، أمس، تسليمها الماجد للتحقيق معه وإعادته الى لبنان. وقالت "الأخبار" انه فيما يشيع السعوديون بأنهم حصلوا على موافقة لبنانية سريعة على طلبهم، تفيد المعلومات بأن هناك مشكلة كبيرة تتعلق بقرار الترحيل. إذ إن المصادر الأمنية تتحدث عن "إنذارات بالغة الجدية" بأن تنظيم "القاعدة" بعث بها الى جهات لبنانية "يحمّلها مسؤولية تسليمه الى السعودية أو وفاته من دون توفير العلاج له".
وبحسب "الأخبار"، بادرت استخبارات الجيش الى فرض إجراءات حماية خاصة، وتم نقل الماجد الى أمكنة لا يمكن لأنصاره الوصول إليها، وخصوصاً أن معلومات الجيش تفيد بأن هؤلاء مستعدون لتنفيذ عمليات انتحارية بغية تهريبه من مكان احتجازه.