انتهت معركة انتخابات غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان بالتزكية. كان يفترض أن تتنافس لائحتان، لائحة محمد شقير، ولائحة غسان بلبل، لكن الضغوط التي مورست على بلبل أطاحت حظوظه، وأقصت غالبية معارضي شقير في مجلس الإدارة السابق، وتركت أضراراً جانبية لم تكن بالحسبان. انسحب بلبل وجاك حكيم وارسلان سنو وغيرهم... أما المطالبون بإنشاء غرفة جبل لبنان وبفصلها عن غرفة بيروت، فقد جرى اسكاتهم من خلال عملية تفكيك قام بها شقير مع بعض القادة المسيحيين.
اذا، فازت أمس اللائحة التي ألفها محمد شقير في انتخابات غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان. جرى الأمر بسهولة فائقة خلافاً لكل التوقعات السابقة. شقير لم يترك هذه الفرصة تضيع منه لإعلان سيطرته المطلقة على الغرفة، فأعلن أول من أمس في مؤتمر صحافي عقده في «بيال» أن «فوز هذه اللائحة يزيد من حجم التحدي، ونحن ملء الثقة بأننا سنستطيع ان نأخذ الغرفة الى مراحل متقدمة في خدمة الاقتصاد الوطني... نعتقد بأننا توصلنا الى مجلس متجانس، سيعمل كفريق واحد يمثل غرفة بيروت وجبل لبنان».
لائحة شقير ضمت: محمد شقير، غابي تامر، وسام العريس، سركيس بوداقيان، محمد لمع، نبيل فهد، اسماعيل علي اسماعيل، شكيب شهاب، سوسن الوزان، هادي نحاس، أحمد حطيط، جومانا شلالا، محمود مطر، خليل داغر، ربيع نعمة الله افرام، هشام عيتاني.
الجدد على تركيبة مجلس إدارة الغرفة السابق هم: داغر (الكتائب)، بوداقيان (طاشناق محل فكتور نجاريان، الذي كان محسوباً على المستقبل)، نحاس (القوات)، اسماعيل (محسوب على حركة أمل بدلاً من صلاح عسيران).
وبذلك يكون قد خرج التيار الوطني الحرّ من الغرفة بعدما كانت تمثّله تانيا عيد، ودخلت أحزاب الطاشناق والقوات والكتائب بثلاثة ممثلين من أصل خمسة للمسيحيين. أما الاسمان المسيحيان الباقيان، فهما من تركة مجلس الإدارة السابق، ومحسوبان بالكامل على تيار المستقبل ووفيان لشقير بالذات.
في الواقع، فإن التركيبة الجديدة للمجلس جاءت تعبيرا عن قوّة الرئيس الأسبق للحكومة فؤاد السنيورة، والنائب السابق سليم دياب. الاثنان عملا على إقصاء بلبل والضغط عليه، على الرغم من انه من تيارهما السياسي، ويشغل منصب عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل. لكن اللافت أن رئيس مجلس النواب نبيه برّي عمل أيضاً على تحييد المرشحين الشيعة عن هذه المعركة، ولم يقدم على معركة ضدّ شقير، فيما تمكن رئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان من إيصال مرشحه اسماعيل اسماعيل إلى عضوية المجلس، بعد انسحاب صلاح عسيران صباح السبت قبل ساعتين من إعلان لائحة التزكية.
اما مسيحياً، فقد ارضى شقير حزب الكتائب والقوات اللبنانية من خلال داغر ونحاس، لكنه رفض منح التيار الوطني الحرّ وحلفائه ثلاثة مقاعد، وعرض عليهم مقعدين، الاول للتيار والثاني لحزب الطاشناق، فجاء قرار قيادة التيار بأن تكون الاولوية لحليفه الطاشناق، وأن يسحب مرشحيه.
إذاً، من اليوم فصاعداً أصبح شقير ملكاً وحيدا على الغرفة. واللافت أن هذه التزكية أسكتت بعض المطالبين بإنشاء غرفة مستقلة لجبل لبنان. ففيما كان وزير الصناعة فريج صابونجيان من أبرز المنادين علناً بهذا الأمر، انتهى به الأمر إلى المشاركة في إعلان لائحة التزكية من دون أي كلمة. أما التيار الوطني، فقد «عضّ» على جرحه وانسحب على أساس أن كل كلام خارج الحديث عن غرفة مستقلة لجبل لبنان هو كلام لا يعنيه. أما اساس المعركة الانتخابية التي أطلقت ضدّ وجود شقير، فقد أعدمت بعد انسحاب بلبل مباشرة، ثم اعدمت مرّة ثانية بعد التعديلات التي أجريت على اللائحة، وخروج بعض الاسماء المعتدلة ودخول موالين لشقير وتياره السياسي. ففي الفترة الماضية، كان موضوع تأهيل مقرّ الغرفة بكلفة هائلة تجاوزت 7 ملايين دولار هو الشغل الشاغل لكل المنتسبين للغرفة، أما اليوم، فقد أصبح الأمر مجرد حديث صالونات لا يقدّم ولا يؤخّر، لأن فعل المحاسبة ليس أمراً وارداً.
ومن أبرز ردود الفعل على لائحة التزكية، أن هناك استفتاءً يجري بين أصحاب العمل في جبل لبنان، للوقوف على رأيهم في إنشاء غرفة جديدة مستقلة عن غرفة بيروت.
وبرغم اكتمال انتخابات مجلس الإدارة، إلا أن المجلس الجديد لن يتسلّم مهماته قبل أن تعيّن الحكومة 8 ممثلين لها، وبالتالي فإن المجلس السابق سيستكمل تسيير أعمال هذه المؤسسة في انتظار تأليف حكومة وتعيين ممثليها.
طبعاً، لا يجوز إغفال طبيعة هذه الغرفة واعمالها المعادية للعمال. شقير لا يخفي هذا الامر: «الدفاع عن مصالح القطاع الخاص هو في صلب مهمتنا. والنجاح في هذه المهمة يتطلب وحدة الهيئات الاقتصادية التي تمثل غرفة بيروت وجبل لبنان عمودها الفقري».