قد تكون طويلة لائحة إيجابيات حكومة سياسية جامعة في حسابات قوى 14 آذار لكن لائحة السلبيات قد تكون أطول. لذلك يُرجى الإنتظار.
أول سؤال طرحه المعنيون بالقرار على أنفسهم لماذا تراجع "حزب الله" عن شروطه وطرح مسألة تأليف الحكومة على النحو الذي بات معروفاً؟ الجواب اتضح لاحقاً. لم يعد مبنياً على مجرد تحليل. فالحزب يواجه في القريب العاجل استحقاقا أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ينقل اتهامه بارتكاب "جريمة العصر" من الحيز السياسي إلى القضائي. وفي الأزمة السورية يتأكد يوماً بعد يوم أن المرحلة الإنتقالية للسلطة باتت حتمية وستكون ثمة انعكاسات عليه باعتباره مشاركاً في القتال إلى جانب النظام الحالي. كما يرقب الحزب تطور المفاوضات الأميركية – الإيرانية التي ستنتهي بأسرع مما كان متوقعاً إلى الحد من نفوذ إيران في المنطقة، علماً أنه من أدوات هذا النفوذ الرئيسية في لبنان والمنطقة ولا بد من أن يتأثر سلباً من الإتفاق في شكل أو في آخر.
في قراءته لهذه المفاصل الثلاثة، غير المدمرة ولكن المساهمة في تهديد دوره وتحديده، ارتأى الحزب المتشدد أن يتخلى عن شيء من تشدده في الداخل اللبناني لقاء الحصول على ضمان من اللبنانيين، باعتباره جزءاً من النسيج الوطني يتوجب على كل جزء من المجتمع اللبناني أن يدافع عنه ويحميه، على قاعدة فتح صفحة جديدة ربما.
يرى مؤيدون من 14 آذار للمشاركة في الحكومة الجامعة أن الحزب المسلح قد يكون الآن في أوج شعوره بالحاجة إلى تقديم تنازل. وإذا لم يلق في المقابل تجاوباً فقد يعود إلى سياسة التصلب وتدخل البلاد تالياً مرحلة من الفوضى لا يمكن التكهن بمداها وخطورتها. في المقابل ثمة في الفريق نفسه من يقول بأن الثمن الذي يدفعه الحزب، مثل القبول بالـ 8-8-8 والمداورة وحتى التخلي عن ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة" هو ثمن زهيد مقارنة بالغطاء الذي ستؤمنه له الحكومة في المرحلة الحرجة.
وهناك انتقاد آخر، شكلي، بدأ يُسمع في المجالس السياسية وإن كان الكلام به همساً: لماذا يفاوض "تيار المستقبل" مع "حزب الله" عبر الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط - مع الحرص على تأكيد كل الثقة بالرئيس سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة، وبأنهما لا يحيدان عن الثوابت أو يفرطان بها - ولا تكون قوى 14 آذار مجتمعة في صلب عملية التفاوض؟ اليس الأفضل أن يشعر الجميع بأنهم معنيون ولهم دور فلا يتكلم أحد بالنيابة عن أحد؟ النقطة هذه تدور اتصالات مكوكية داخل 14 آذار لمعالجتها، وسوف تتكثف في الايام المقبلة.
هذا في الشكل . أما في المضمون فهناك ثلاثة إنجازات إذا استطاع فريق 14 آذار انتزاعها من "حزب الله" فلن يكون قادرا على رفض المشاركة في الحكومة السياسية الجامعة: أولها إعلان الحزب جدولاً زمنيا لانسحابه العسكري من سوريا. ثانيها إعلان تأييده اتفاق الطائف والقرارات الدولية بما فيها القرار 1559 . ثالثها إعلان التزامه "إعلان بعبدا". يعني ذلك بالطبع تحوله حزباً سياسياً كبقية أحزاب اللبنانيين.
أما في العوامل التي تفرض الإسراع أو الإبطاء في تشكيل الحكومة العتيدة ، فيشير عارفون إلى تجاذب بين فكرة لـ"حزب الله" تقضي بتشكيلها في الساعات الـ48 المقبلة لاستباق بدء جلسات المحكمة، وفكرة الإنتظار إذا كان لا بد من حكومة جامعة، حتى ما بعد مؤتمر جنيف- 2. والأخيرة أرجح.