كشفت صحيفة "الأخبار" ان اسم رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ورد على لائحة المهددين بالاغتيال، لافتة الى ان قوى الأمن الداخلي عمّمت المعلومات طالبة اتخاذ إجراءات احترازية. وبحسب الصحيفة، فقد جرى خلال اليومين الماضيين تداول وثيقة امنية موجهة من رئيس سرية الحرس الحكومي إلى ضباط السرية وقطعاتها، يقول فيها:
"توافرت معلومات ان شحنة ناسفة وضعت في سيارة جيب كيا شمباني يقودها شخص سوري انتحاري يدعى ابو العدنان من كتائب خالد بن الوليد، الجبهة الاسلامية. وهذه السيارة ستستهدف شخصية سياسية رفيعة في طرابلس، او بيروت، وقد تحركت باتجاه الهدف، كما توافرت معلومات عن سيارة هوندا سوداء مفخخة ستنفجر في طرابلس قرب منزل الشخصية المذكوره".
ولفتت الصحيفة الى ان "التدقيق في الوثيقة أظهر انها صادرة عن المديرية العامة لقوى الامن الداخلي، وان المعلومة الأصلية تتحدّث عن ان الشخصية المستهدفة ليست سوى ميقاتي. وبالفعل، تبيّن ان سرية الحرس الحكومي ضاعفت من اجراءاتها الأمنية خلال اليومين الماضيين في محيط منزل ميقاتي في طرابلس، ومكاتبه ومنازل أفراد عائلته في بيروت وطرابلس".
ونقلت "الأخبار" عن مسؤولين امنيين تخفيفهم من أهمية الوثيقة وخطورة المعلومات الموجودة فيها قائلين: "نحن نعرف ان لا قيمة لها". لماذا إذاً جرى تعميمها؟ أجا مسؤول أمني: "هل يتحمّل احدنا اللعب في معلومة كهذه؟ نعممها على الأقل من باب رفع المسؤولية واتخاذ اجراءات احترازية".
وكشفت الصحيفة ان اللافت في هذه الوثيقة تحديدها ان الجهة التي تنوي استهداف ميقاتي ليست سوى "الجبهة الإسلامية"، وهي الجماعة السورية المعارضة، التي تشكلت قبل نحو شهرين من اجتماع عدد من "الألوية" و"الحركات" و"الجيوش" المعارضة للحكومة السورية. وعماد هذه "الجبهة" مقاتلون ورجال دين سلفيون متعددو المشارب السياسية. منهم من يرتبط بتركيا، ومنهم من يتلقى دعماً قطرياً، لكن الغالب على قواتهم الرئيسية اتصالهم الوثيق بالاستخبارات السعودية.
وتوقفت مصادر سياسية عند هذه المعلومات، وتزامنها مع حملة تحريض يقودها بعض أركان تيار المستقبل في الشمال ضد ميقاتي، ومع تحريض سعودي عليه أيضاً، برغم استقالته من رئاسة الحكومة قبل اكثر من 10 أشهر، تنفيذاً لمطلب سعودي بإخراج حزب الله من الحكومة. وتحدّثت مصادر عن كون السعودية لا تزال تقفل الأبواب بوجه رئيس حكومة تصريف الأعمال.
هذا واشارت "الأخبار" الى ان التحريض في الشمال لا يقتصر على ميقاتي، إذ اشتكى رجال دين معروفون في طرابلس من تلقيهم تهديدات بالقتل وصلتهم عبر سلفيين متشددين يدورون في فلك تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش).
وبحسب الصحيفة، يقول رجال دين وامنيون إن خطورة هذه التهديدات تكمن في كونها اتت بعدما صارت الأرضية مهيأة لعمل التنظيمات التي تدور في فلك "القاعدة" بحرّية في الشمال والبقاع. ففي بعض المناطق، ثمة ظهور مسلح، علني، ليلاً ونهاراً، لمجموعات مرتبطة بـ"القاعدة"، بفرعيه: "جبهة النصرة"، و"داعش". يحصي الأمنيون عشرات الأمثلة، في طرابلس والمناطق المحيطة بها وعكار وفي عرسال. وهذه المناطق، وبرغم النفوذ الكبير لتيار "المستقبل" فيها، باتت ميدانياً في قبضة التنظيمات المتشددة، وبينها تلك القريبة من "القاعدة". فعلى سبيل المثال، خفتت سطوة "المستقبل" الميدانية في طرابلس، وصار المحسوبون على التيار يتحدّثون بلغة هي أقرب إلى ادبيات القاعديين منها إلى شعارات المستقبل الإعلامية، وهو ما حدث امس في المؤتمر الذي عقد في منزل النائب المستقبلي خالد ضاهر. وفي عرسال أيضاً، لم يعد رئيس البلدية علي الحجيري والمحسوبون على "المستقبل" ممسكين بالأرض أمنياً، إذ تلاشى حضورهم لمصلحة المجموعات التي تدور في فلك "جبهة النصرة" و"داعش".
وقالت مصادر امنية واخرى إسلامية لـ"الأخبار" إن تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" اتخذ قرار التمدّد إلى لبنان. وتعزّز هذا القرار بعد الخلافات التي نشبت وتحوّلت صراعاً على "ساحة الجهاد" في الشام بين أمير "الدولة" أبو بكر البغدادي من جهة، وكل من زعيم "القاعدة" أيمن الظواهري، وأمير "جبهة النصرة" أبو محمد الجولاني من جهة أخرى، لكنّ التريّث كان في توقيت الإعلان. في موازاة ذلك، قصدت مجموعات لبنانية تحمل الفكر السلفي سوريا في محاولة منها لأخذ الموافقة على البيعة من أجل قيادة مشروع جهادي في لبنان. وتردد أن مجموعة يقودها شاب شمالي يُدعى "أ. م." قصدت سوريا وتمكنت من الحصول على البيعة من تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، ثم عادت إلى طرابلس.