"الانسان لا يستطيع أن يمنع الحرب وإنما عليه أن يستعدّ لها"، حكمة قالها العالم الفيزيائي ألبرت أينشتاين منذ زمن، ولكنها اليوم هي أقرب إلى الواقع بالنسبة للبنانيين، وخصوصًا بعدما هدّدت مجموعاتٌ سوريّة تكفيرية متشدّدة بنقل المعركة إلى لبنان.
لم يستطع "حزب الله" أن يردع أشباحًا انتحاريّة متنقّلة بشكل نهائي، فقد شهدت الضاحية الجنوبية انفجارات استهدفت المدنيين. وعلى الرغم من خبرات "حزب الله" الامنية، نسبة لما اكتسبه في حروبه الطويلة مع اسرائيل، إلا أنه اليوم وجد نفسه أمام تحدي التفجيرات الانتحارية التي استهدفته في قلب الضاحية الجنوبية، فاضطر أن يضع خطة أمنية شاملة تعيد الاستقرار إلى هذه المنطقة التي تعيش اليوم هاجس السيارات المفخخة.
وفي هذا السياق، علمت "النشرة" أنّ "حزب الله"، بعد الانفجار الرابع الذي استهدف حارة حريك، استقدم من ايران الـ"scanners"، التي ستوزع على كل مداخل الضاحية الجنوبية، بالاضافة الى حواجز القوى الأمنية التي تقرّر أن تكون ثابتة لا لفترة آنية.
الجدير بالذكر أنّ أجهزة "الماسح الضوئي" التي سيتمّ تثبيتها على المداخل، ستكلف الحزب 500 ألف دولار لكل ّجهاز، وانطلاقا من هذا فإنّ الحزب حاليا يقوم بدراسة كيفية تأمينها بحيث لا تكون هدفا للتفجيرات، فيتداول فكرة مسح السيارات بطريقة مخفيّة قبل الوصول إلى هذه الاجهزة.
بالاضافة الى هذه المعدّات المتطوّرة، قام الحزب بتركيز كاميرات مراقبة بتقنيّة عالية الجودة تضاهي الكاميرات الموجودة داخل مدينة نيويورك الاميركية، في الضاحية وبشكل مركز في منطقة حارة حريك.
هذا وقد كشفت معلومات لـ"النشرة" أنّ الخطة تقضي أيضًا بأن يقوم الحزب بجمع بيانات جميع السيارات الموجودة في الضاحية والأكثر تردّدًا عليها، نظرًا لاعترافات الموقوف عمر الاطرش عن وجود عدد من السيارات المفخخة التي ستستهدف مناطق معينة، بالاضافة الى عمليّة مسح لكافة المنازل داخل المنطقة المذكورة.
اما خارج الضاحية، يبدو أن الوضع لا يقلّ حذرًا عما يجري داخلها، لا سيّما بعد وجود اشارات أمنية وتسريبات حول سرقة السيارات من الداخل اللبناني وتفخيخها في سوريا لتعود مع الانتحاريين إلى وجهتها النهائية في بقعة يحدّدها الارهابيون لاستهداف المدنيين. ولهذه الغاية، علمت "النشرة" أنه، وفي محاولة لضبط مصدر السيارات المفخخة، فقد استحدث "حزب الله" نقاط مراقبة على مدار الساعة لمدينة عرسال في البقاع، مع عملية مسح دقيقة وشاملة لكافة مداخل ومخارج مدينة يبرود السورية، وخصوصًا بعدما عمدت المجموعات التكفيرية السورية المسلحة على شقّ بعض الطرقات العسكرية الجديدة الجبلية بين عرسال ويبرود، في محاولة منه لمنع تسلّل السيارات المفخّخة والانتحاريين.
يبقى أن نشير الى أن الأزمة السورية مستمرّة على ما يبدو في ظل الحديث عن فشل مؤتمر جنيف الثاني مع تصلّب المواقف لدى المعارضة والنظام السوري أن لا بوادر تسوية تلوح في الأفق، ما يجعل الساحة اللبنانية بريدًا يُخشى معه أن تصبح مرآة للحرب السورية الدائرة. فهل سيثمر ما يقوم به "حزب الله" نجاحا يحدّ من العمليات الانتحارية، أم أن المواجهات سترفع من وتيرة العنف؟