انطلقت الجولة الثانية من المفاوضات بين النظام السوري ومعارضيه من دون أن يكون هناك الكثير من الآمال بتحقيق تقدّم على مستوى التسوية بالرغم من نجاح الامم المتحدة في إخراج أكثر من ألف وخمسمئة مدني من حمص القديمة في مشهد يؤكد على أنّ الامور لم تعد مقفلة كما كانت في السابق، بل أنها بدأت تتقاطع مع بعض الملفات على غرار تلك المتعلقة بمكافحة الارهاب.
في هذا السياق، يلاحظ مشاركون في الجولة الثانية أنّ الأيام القليلة الفاصلة بين الجولة الاولى والثانية لم تحمل جديدا ميدانيا في وقت حملت فيه الكثير من المواقف السياسية المتصلة على غرار القرار الملكي السعودي بمحاكمة السعوديين المشاركين في الحرب على سوريا أو إعادة المقاتلين الى بلادهم عبر السفارة السعودية في انقره في مشهد مترابط ومتصل بالانفتاح الايراني على الغرب والتقدم الكبير على مستوى معالجة الملفات العالقة.
غير أنّ هؤلاء يتوقفون عند التطورات الميدانية الحاصلة في القلمون ويبرود تحديدا ويعربون عن اعتقادهم بأنّ كلّ ما يحصل في هذه الاثناء هو من باب إضاعة الوقت خصوصا أنّ القرار لدى القيادة السورية بمحاربة الارهاب متخذ سلفا وهو غير قابل للجدل او المناقشة وبالتالي فإنّ النتيجة واحدة ولو بلغ عدد الجولات أكثر من ذلك بكثير، فالمطلوب وفق تطلعات الغرب اولا وواشنطن ثانيا هو القضاء على الارهاب التكفيري والحد من مخاطره وانتشاره، وهذا ما بدأ يتظهر في ظل معطيات ومستجدات وتحولات بدأت ترخي بظلالها على المشهد الدولي اولا وعلى العلاقات بين روسيا وواشنطن من جهة وإيران والغرب من جهة ثانية ما يعني بأنّ حلّ الازمة السورية أصبح محصورا في ثلاثية موسكو واشنطن طهران.
في هذا الوقت تعرب المصادر عن اعتقادها بان الامور برمتها معلقة الى ما بعد زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما الى المملكة العربية السعودية منتصف اذار المقبل وبالتالي فان الجولة الثانية من المفاوضات لن تحمل الكثير من الامال في ظل حقيقة وهي ان الجميع بات بحاجة الى ضمانات تقيه الازمات وتبعده عن الزواريب والمتاهات خصوصا ان ما يحصل الان على مستوى المنطقة يتخطى الازمة السورية وتفاعلاتها ليصل الى حدود اعادة ترسيم المشهدين السياسي والتحالفي.
الا ان ذلك يبقى محكوما بما ستسفر عنه التسوية بشكلها النهائي لا سيما ان التوافق الروسي الاميركي وصل إلى أعلى درجات التنسيق على صعيد اقتسام مناطق النفوذ وتأمين معابر نفطية آمنة من شأنها أن تريح الغرب كما تريح الدول الخليجية الواقفة على كف عفريت الارهاب المتنقل المتوقع ان يحط رحاله في اي بقعة يتمكن من الوصول اليها. وبالتالي فان جولات المفاوضات ستبقى بدورها محكومة بهاجس الارهاب اولا وبواقع الحسم العسكري الذي ينتهجه النظام من خلال سياسة القضم الممنهج اضافة الى ان هذه الجولة تنعقد في وقت يؤكد فيه الاعلام السعودي ان "حزب الله" يحشد قواته في يبرود تمهيدا لاقتحامها وحسم المعركة لصالحه بعد ان نجح في تفكيك الكثير من الخلايا ما يعني ايضا بان هذه الجولة ستنتهي الى ما انتهت اليه سابقتها من دون زيادة ولا نقصان.