ارتاح حديث السياسة السورية في جنيف مفسحًا في المجال أمام الآلة العسكرية للفصل في قاعة المؤتمرات بعد الحسم في ميدان القلمون، لا سيما بعد أن تعطلت لغة الكلام الدبلوماسي بين النظام السوري ومعارضيه في مشهد وصفه زوار العاصمة دمشق بضرورة تلازم المسارين العسكري والسياسي في وقت واحد.
وسط ذلك، برزت جملة من الممنوعات الدولية، اولها عدم القبول بحلول سياسية قبل حسم ملفين اساسسين واستراتيجيين وهما الامن والارهاب بكل تفاصيلهما ومتفرعاتهما، وثانيها ضرورة الاتفاق بين النظام السوري والدول الاخرى التي لديها مقاتلين داخل سوريا للنظر في مصيرهم وكيفية اعادتهم الى بلادهم واعطاء الضمانات بالانتقال الامن الى تركيا ومنها الى سائر الدول وذلك بعد اصرار الفريق الايراني على عدم السماح لهؤلاء المقاتلين بالبقاء في سوريا ولبنان او تصفيتهم حرصا منها على استخدامهم كادوات ضغط على الدول العربية والخليجية التي هي في حالة حذر او على عداء معها.
ومن الثوابت التي يتمّ الحديث عنها أيضاً الاتفاق الكامل بين ايران وتركيا على مصير الملف الكردي بتفاصيله ومتفرعاته وبين الثانية وسوريا على مصير التركمانيين من جهة وعلويي لواء الاسكندرون من جهة ثانية فضلا عن مصير المعابر الاساسية بين الدولتين والتي طالما كانت معتمدة وفق خصوصية منحتها دمشق لانقره في عهد الصفر مشاكل تركية مع الجيران الاقربين والابعدين على السواء، وكذلك البحث في ضمانات مطلوبة من النظام السوري بشأن انتخابات نزيهة بمرقبة الامم المتحدة، وتاليا اعادة النظر بهوية المشاركين في المؤتمرات اللاحقة المتوقع وصول عددها الى اكثر من خمس جلسات جديدة باضعف الايمان.
هذه الامور وسواها لا يمكن ان تتضح بحسب هؤلاء الا بعد الانتهاء من المعركة وحسم اتجاه رياحها بصورة نهائية في ظل سعي مشترك من الجيش السوري واللجان الشعبية والقوات المساندة الى تطهير القلمون وهذا ما يتوقعه مقاتلون خلال ثلاثة او اربعة ايام لا اكثر بعد ان نجحت قوات النخبة بقطع طرق الامداد سواء من خلال الاطباق العسكري عليها او عبر اقفالها بالنار، بحيث يؤكد هؤلاء ان هذه الخطوة استكملت بالكامل منذ ساعات قليلة، حتى ان الواقع الميداني يشي الان بان معابر الامداد قد اغلقت.
هذا لا يعني بان المقصود هو القلمون التي تشكل جزءا من الغوطة الغربية التابعة للريف الدمشقي انما تأمين خط الساحل السوري الممتد من العاصمة حتى طرطوس مرورا بحمص ما يعني خطا آمنا للاسطول الروسي المتمركز في طرطوس، كما يضمن سلامة تنفيذ العقد الموقع بين شركة سيوز غاز اورينت الروسية ووزارة النفط السورية في كانون الاول الماضي وهو بات في طور الدراسات النهائية المعمقة التي تحتاج الى استقدام المزيد من الخبراء والمعدات اللازمة للتحضير للمرحلة الثانية وهي مرحلة البتنقيب.
هذه الخصوصية التي يتفهمها الاميركي ضمنيا ويسلم بها ويطالب بضمان امن حاملات نفطه لا يمكن ان يحصل عليه الا بعد ابعاد الخلايا الارهابية عن المناطق الحساسة والاستراتيجية لاسيما بعد ان خرج تنظيم القاعدة عن ارادة مشغليه الاساسيين وبات عبئا ثقيلا عليهم في مشهد تؤكده الوقائع ويحسمه الجيش السوري بفضل خبرات قتالية نوعية فاجأت المعارضة والدول العربية الداعمة لها ولكنها لم تفاجىء الروسي ولا الاميركي بحسب التعبير بل دفعتهما الى تمديد الوقت المستقطع وفترة السماح بالتكافل والتضامن بينهما.