اعتبر "اتحاد المحامين العرب"، في نداء وجهه في "اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية"، ان من مسلمات التاريخ وعلم الاجتماع، ان تحقيق العدالة الاجتماعية في اي مكان في الارض، انما يتجلى في انصهار الشعب في وحدة اجتماعية تامة، تنسجم وتترابط فيه، على اسس من العدالة والمساواة، وفي إطار التضامن والحرية وكرامة الانسان، مرتكزة الى اسمى القيم الانسانية والروحية ومكارم الاخلاق. ولعل غياب هذه الوحدة الاجتماعية في امتنا العربية، بقيمها المذكورة، ومرتكزاتها التي جعلت منا من قبل خير امة أخرجت للناس، هو العامل الاخطر والادهى الذي قاد الى ما نحن فيه من تمزق وحروب، ومن مصائب وبلايا وضعف وانحطاط".
واشار الى انه "من اولى وجوه العدالة الاجتماعية واخطرها: كارثة الجهل، والفقر والمرض. اما الجهل، فإن حاضر الامة ليخجل من اولها، وقد اصبحت امة "إقرأ" في ادنى سلم الامم، ومن اكثرها امية لا سيما في عنصر المرأة. هذه المرأة التي لا تنهض امة في الارض إلا بها، ولا تحيا حضارة إلا على يديها. فكيف إذا سدت في وجهها ابواب العلم، وحجبت عنها انوار المعرفة. وهي حيث أفسح لها في المجال، كانت فوق حدود الخيال، إبداعا، وخصبا، وتألقا، فتصدرت قيادة المجتمع، وقاومت الاستبداد، وحملت في الطليعة بيارق العلم والثقافة. وتبوأت بجدارة أعلى المناصب. وعندما تطرح قضية التعليم من صلب العدالة الاجتماعية لدينا، تبدو المفاجأة كبيرة لا سيما في بعض الاقطار العربية التي لا توفر لابنائها المدارس الرسمية والجامعات الوطنية، بحيث اصبح تعليم الطفل فوق طاقة معظم الاهل في هذه الدول، فكيف بالمستويات العليا، في الثانويات والجامعات، مما يعني استحالة التعليم على نسبة عالية جدا من الشباب، وبالأخص التعليم الجامعي حيث اصبح القسط فيها اضعاف الدخل السنوي للفرد، وأصبح التعليم بالتالي حكرا على فئة قليلة جدا من المجتمع". اضاف :"من هنا، فإن اولويات العدالة الاجتماعية، هي توفير التعليم بكل مستوياته، لكل افراد المجتمع بلا استثناء، وفي وطننا العربي يعتبر فريضة ومسؤولية في اعناق المسؤولين والمجتمع على السواء".
وسأل :"اين نحن والعالم من وصايا الناصري عيسى والذي اوصى بالعدل، والرحمة، والمحبة، وبرجم أغنياء الارض الذين تعلقوا بالمال، ولم يقوموا بما يتوجب عليهم في بناء مجتمع العدالة، والأخوة، والتضامن، والتكافل، وهو القائل: انما جئت لأجل هؤلاء - اي الفقراء - ولأجل البسطاء ولأجل التعساء. إن مرور جمل من ثقب الابرة أيسر أن يدخل الغني هذا الى ملكوت الله. أليس غريبا عجيبا، ان تكون امتنا العربية في غناها، وفي حضارتها، وفي رسالة انبيائها، بهذا المستوى، وأن يبقى الفقر في أرضنا العربية وحشا ضاريا بلا رحمة، ويسام الانسان فيها سوء العذاب".اضاف :"والحديث من بعد عن المرض والصحة، هو أمر وأدهى مما سبق، فكم من بائس فقير مات عليلا ولم يسمع به أحد. وكم من طفل جائع مريض لم يبلغ صراخه ضمير المسؤولين. فأطبق جفنيه مشردا في المهد ومات". واعتبر انه "يبقى من أسس العدالة الاجتماعية في العالم وعلى الأخص في مجتمعنا العربي، إلغاء عواملِ التفرقة والعداء، وإلغاء نظام الطائفية السياسية، ومكافحة الطبقية والاقطاعية، وإيقاظ الشعور بالتضامن والمسؤولية الجماعية، والتخلص من مجتمع الاباحية والفوضى، والعودة الى مجتمع الاخلاق والحشمة".
اضاف :"وهذا الدور، لا يتحمله المسؤولون فقط، وانما هو مسؤولية المجتمع بكل مكوناته، لا سيما، مسؤولية المثقفين الذين عليهم ان يلعبوا دورهم الغائب والمغيب، في قيادة المجتمع، ومحاربة الآفات الاجتماعية المستفحلة، ولن يستطيعوا أن يلعبوا هذا الدور الا اذا ارتفعوا الى مستوى القيادة، بعلمهم، وقوة ارادتهم، ونضج فهمهم، بما يمكنهم بالتالي من إحياء الروح الاجتماعية المفقودة التي تربطهم بالعائلة الصغيرة والكبيرة وبالارض".
ورأى انه "برغم هذا الواقع الخطير المتفاقم، وما يحيق بالامة من نوائب ومصائب، فإننا في اتحاد المحامين العرب وبمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية ما زلنا على ثقة وإيمان بقدرة امتنا العربية على العودة الى الينابيع، لتنهض من رقدة العدم، الى صدارة الامم، وسنبقى نهتف مع شاعرها: بلادي. لن يموت العزم فينا ويقتلنا بك اليأس المرير بنا حرية الاوطان تفدى ونحن على مذابحها نذور، سيولد من حطام الفجر فجر ويشرق بعد هذا الليل..نور".