أخيرًا، وطأت قدما رئيس الحكومة تمام سلام السراي الحكومي، بعد عشرة أشهر من "تدوير الزوايا" والشروط والشروط المضادة..
بالأمس، كان يوم العمل الأول لتمام سلام بوصفه "رئيس الحكومة اللبنانية"، بعد أن حصد الرجل أخيراً لقب "دولة الرئيس" بصورة يومية، وهو اللقب الذي كاد يُنزَع عنه قبل أن يستلمه لولا "تفاهمات" اللحظة الأخيرة..
وإذا كان "تدوير الزوايا" مرشحًا للعودة إلى الواجهة مع بدء مهمّة صياغة البيان الوزاري التي ستُناط بلجنة يكلّفها مجلس الوزراء، فإنّ الأجواء بدت "إيجابية" خلال الساعات الماضية، على وقع الحديث عن "تفاهمات" أعمق ممّا ظهر، وهو ما ترجمه خصوصًا إعلان رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون عن قيامه بـ"وساطة" بين تيار "المستقبل" و"حزب الله"!
عون يتوسّط..
العماد ميشال عون يتوسّط إذاً بين رئيس الحكومة السابق سعد الحريري والأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، خبرٌ لو نسبته إحدى وسائل الإعلام لمصادر، أيًا كان وصفها، لحُكِم عليها بالإفراط في "الخيال" باعتباره من "سابع المستحيلات"، إلا أنه تحوّل إلى "حقيقة" أعلنها العماد عون نفسه، الذي كشف أنه التقى كلاً من السيد نصرالله والحريري قبل فترة من منطلق أنّ "من يريد أن يقوم بوساطة لمحاولة تقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمين يجب أن يتحدّث مع جميع الأطراف"، نافيًا وجود أيّ "إحراج" عند "حزب الله" من ذلك. لكنّ مصدرًا قياديًا في تيار "المستقبل" أبلغ صحيفة "المستقبل" أنّ اللقاء بين عون والحريري حصل فعلاً في منزل الأخير في باريس، إلا أنهلم يكن "في إطار أي وساطة قام بها العماد عون بين الحريري وحزب الله"، وأشار الى "ان اللقاء تناول كل الأمور السياسية في البلاد وكان مناسبة لتبادل وجهات النظر لكنه لم يخلص الى أي تفاهمات بشأن الوضع الحكومي وسائر الاستحقاقات".
وفي سياقٍ متصل، لفت ما ذكرته صحيفة "الأخبار" عنلقاء جمع صباحًا وزير العدل أشرف ريفي، في منزله في الأشرفية، برئيس وحدة الارتباط والتنسيق في "حزب الله" وفيق صفا، تحت عنوان تهنئة ريفي بالوزارة، علمًا أنّ الصحيفة ذكرت أنّ صفا أجرى أيضًا، خلال وجوده في منزل ريفي، اتصالاً هاتفياً بوزير الداخلية نهاد المشنوق، مهنّئاً إياه بمنصبه الجديد. وقالت مصادر سياسية معنية إن هذه الأجواء "الإيجابية تأتي تتمة لمسعى تأليف الحكومة، ويمكن التعويل عليها في الاستحقاقات المقبلة، بدءاً من البيان الوزاري، وصولاً إلى الانتخابات الرئاسية".
إلى البيان الوزاري دُر..
في غضون ذلك، وفيما تستمرّ "حفلات" التسلّم والتسليم بين الوزراء السابقين والحاليين والتي كانت قد بدأت خلال الساعات الماضية، تتّجه الأنظار إلى الجلسة الأولى التي ستعقدها الحكومة، والتي ستحدّد فيها الوزراء الذين سيشكلون لجنة صياغة البيان الوزراء، والذين يفترض أن يكونوا ممثلين لمعظم المكوّنات التي تتألف منها الحكومة. وبحسب صحيفة "النهار"، من المقرر ان تستهل الجلسة بكلمة لرئيس الجمهورية ميشال سليمان ثم كلمة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام للترحيب بالوزراء وتمني انجاز المهمات التي تقع على عاتقهم بنجاح. ومن ثم سيطرح موضوع تشكيل اللجنة التي ستكون مفتوحة امام الوزراء للانضمام اليها على ان تنطلق الى العمل برئاسة سلام في السراي لاحقا لاعداد مشروع البيان قبل العودة به الى مجلس الوزراء لمناقشته واقراره في مهلة شهر تمهيدا للمثول به امام مجلس النواب لنيل ثقته على أساسه.
وفي وقتٍ يستمرّ "الجدل" حول ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة" التي يصرّ فريق "14 آذار" على رفضها بالشكل والمضمون في حين يعمل فريق "8 آذار" على ترجمتها ولو بصورة "ملتبسة" اعتمادًا على اللغة العربية "الغنية بالتعابير والمفردات"، كما قال يومًا رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط، لفت ما ذكرته صحيفة "الحياة" عن"صياغة غامضة" يُنتظر أن يقترحها رئيس المجلس النيابي نبيه بريتتناول "حق لبنان في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي" عوضاً عن "الجيش والشعب والمقاومة"، على أن تأتي الفقرة التي تؤكد على التزام "إعلان بعبدا" بعدها.
كلمة أخيرة..
خلال الساعات المقبلة، ينتقل "تدوير الزوايا" إلى البيان الوزاري، الذي يُتوقّع أن تشهد "صياغته" بعض الشدّ والجذب، في ظلّ "الانقسام" الحاصل خصوصًا على بند "الجيش والشعب والمقاومة"..
وإذا كان هذا البيان يشكّل عمليًا أول تحدّ وربما تهديد حقيقي لـ"حكومة التسوية" في ظلّ التناقض الكامل في الرؤى بين مكوّناتها، وهو ما دفع بعض الوزراء إلى التلويح بالانسحاب من الحكومة قبل أن يستلموا حقائبهم حتى، فإنّ المعلومات المتداولة تتحدّث عن "مَخارج ممكنة" انطلاقاً من وجود "قناعة" بأنّ جو "التفاهم" سينسحب على البيان الوزاري..
فهل تكون عملية الصياغة؟ أم أنّ الشيطان الكامن في التفاصيل سيكون أقوى من "النوايا الطيّبة"؟