يستهين بعض اللبنانيّين بأهمية أن تنال حكومة «المصلحة الوطنية» ثقة المجلس النيابي قبل مؤتمر باريس الأسبوع المقبل، في ما يبدو للعالم أجمع أنّ هذه الثقة تشكل الخطوة الأولى الى ترجمة ما تقرَّر في لقاء «المجموعة الدولية من اجل لبنان» لتجاوز آثار الأزمة السورية.
يُدرك كلّ من واكب ما آلت اليه نتائج اجتماعات «المجموعة الدولية من أجل لبنان» التي التأمت في 26 ايلول من العام الماضي في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنّ الطريق الى ترجمة ما تقرَّر شاق وطويل وقد لا يكفي ما تبقى من عهد الرئيس ميشال سليمان لإطلاق العمل في المشاريع المقرّرة على كل المستويات السياسية والمالية والإقتصادية والعسكرية للتعويض على لبنان ما لحق به من خسائر جراء الأزمة السورية والتي قدَّرها تقرير البنك الدولي بسبعة مليارات دولار.
على هذه الخلفيات المقروءة من أركان الحكم وفريق رئيس الجمهورية المكلف بهذه المهمة الشاقة، يتطلَّع سليمان الى مؤتمرَي باريس وروما في الوقت المتبقي من الولاية الممتدة دستورياً الى 25 ايار المقبل بكثير من الإرتياح، باعتبارهما من اولى المحطات التي يمكن أن تترجم الإنطلاقة المتوقعة لخريطة الطريق المؤدية الى تطبيق برامج الدعم.
ومن هنا كان استدعاء رئيس الجمهورية فريق السفراء ممثلي الدول المشاركة في عمل المجموعة للبحث وإياهم في الظروف الملائمة لتكريس انطلاقة مؤسساتية في مؤتمر باريس ليشكل الخطوة العملية الأولى نحو ارساء آلية عمل تواكب المراحل المقررة لترجمة القرارات السابقة والبحث في سبل الحفاظ على الدينامية الدولية التي واكبت إنطلاقته باعتبار أنّ المناخ الدولي يشكل البيئة الحاضنة للإنتقال من المرحلة النظرية الى المراحل التطبيقية، ومتى فقدت هذه الأجواء يتوقف كل شيء ويذهب كل الجهد الذي بذل هدراً.
ومن هنا كان الحديث صريحاً بين الرئيس وزواره الديبلوماسيين، فقد انبرى أحدهم بصراحته المعهودة الى القول: إنّ المناخ الدولي الداعم للبنان على هامش الأزمة السورية ليس مضموناً الى النهاية، ما لم يلاقِه اللبنانيون بخطوات تضمن له ديمومته خوفاً من مرحلة يوضع فيها لبنان في آخر سلم اولويات هذه الدول.
وأضاف ديبلوماسي آخر: حتى يوم امس، 25 شباط الجاري يمكن القول إنّ 11 شهراً عبروا ولبنان في حال من الشلل الحكومي. ففي مثل هذا التاريخ من العام الماضي استقالت الحكومة السابقة وساد الفراغ الدستوري وهو امر أساء كثيراً الى كل المبادرات التي اطلقت من اجل مساعدة لبنان على مواجهة ترددات الأزمة السورية.
وقال دبلوماسي آخر: لا يجوز أن ندخل الى مؤتمر باريس نهاية الأسبوع المقبل بفراغ حكومي، فمن المهم جداً أن تكون الحكومة اللبنانية قد نالت ثقة المجلس النيابي لتنطلق في مسيرتها الدستورية لاستقبال النتائج المتوقعة من المؤتمر. ففي كل ما سينتجه المؤتمر دور بارز لحكومة كاملة الأوصاف، ولا بدّ من التأكيد أنّ اعتمادها مرة أخرى على سياسة النأي بالنفس يشكل رسالة الى المجتمع الدولي لمضاعفة الدعم المقرّر للبنان في مواجهة كل الأزمات ولا سيما منها ازمة النازحين السوريين، ذلك أنّ هذه الأزمة باقية طويلاً، في حساباتنا، على جدول اعمال الدول الداعمة للبنان، ولن تكون ازمة عابرة، فالإستقرار في سوريا الذي قد يطول انتظاره سنوات، ليس موعداً دقيقاً لعودة النازحين الى اراضيهم، ولذلك كيف سيكون الحال وسط قناعة شاملة بأنّ ازمة سوريا طويلة الأمد ولا تلوح في الأفق أيّ مخارج لما يجري هناك.