في الوقت الذي نفت فيه حركة "حماس" ما تسرّب عن زيارةٍ مرتقبةٍ لرئيس مكتبها السياسي خالد مشعل إلى إيران، ظهرت بعض التسريبات الإعلامية التي تحدثت عن نية مشعل نقل مقر إقامته من قطر إلى لبنان، بذريعة إقدام السلطات القطرية على الحد من حريته بالحركة، سيما وأنّ وجود الحركة في الدوحة اضطراري ومحرج بحسب محللين.
وعلى الرغم من نفي الحركة ذلك أيضًا، واعتبار البعض أنّ الاضطرابات والأوضاع غير المستقرة التي يشهدها لبنان لا تتلاءم مع وجوده، شدّد قياديوها على أنّ لبنان كان ولا يزال حاضنًا للقضية الفلسطينية ومشروعها المقاوم، قائلين أنّ "الذي يحتضن حماس هذا شرف له".
لبنان لم يعد آمنا والإقامة فيه مجازفة
"لبنان لم يعُد منطقة أمنة"، هذا ما يؤكده الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، الذي يشير في السياق ذاته، إلى أنّ الأزمة التي حدثت لحركة "حماس" وعلاقاتها الخارجية بسبب التطورات العربية الأخيرة، جعلت الأمر في غاية من الصعوبة.
وفي حديث لـ"النشرة"، يلفت عوكل إلى مواقع كثيرة كانت مرشحة في الفترة الماضية لإقامة حركة "حماس" فيها، كالأردن ومصر وسوريا وقطر، لكن الآن يصعُب الحديث عن منطقة آمنة تستقر فيها قيادتها وتقيم لها مكاتب ونشاطات.
ويوضح عوكل أنّ "الموضوع لا يتعلق بإقامة فردية شخصية، ولكن اقامة بمستلزماتها"، معتبرًا أنّ اختيار لبنان لذلك هو أمر صعب وينطوي على مجازفة، لأنه رُغم كل شيء، "لبنان هو الحديقة الخلفية لسوريا، وبالتالي هو مقبل على أزمة كبيرة، خصوصاً بعدما لاحظناه من تفجيرات متكررة في الفترة الأخيرة".
ويعتبر عوكل أن وجود قيادة "حماس" في قطر، وجود اضطراري ومحرج، لكنه هو المتاح الآن، مشيراً إلى أنه لو كانت هناك خيارات أخرى، لكانت قيادة حركة "حماس" اختارت مكانا آخر غير قطر، لكن هذا هو الخيار الاضطراري الذي يًضعف قدرة القيادة سواء على تبرير وجودها وقدرتها على إدارة العمل من مكان بعيد من فلسطين المحتلة.
ويؤكد عوكل أنه في إطار التفكير الاستراتيجي المناسب، يُفضل أن يكون إقامة قيادة "حماس" في محيط فلسطين، لكن هذا الأمر لا يبدو أنه متاح في المنظور الحالي، إذ أنّ الفصائل الفلسطينية كانت تبحث دوماً عن مقر آمن في دول الطوق حتى تكون قريبة من فلسطين، ولمتابعة الحدث ودورها القيادي.
لبنان لا يزال جزءًا من مشروع المقاومة
في المقابل، لا يؤكد القيادي البارز في حركة "حماس" يحيى موسى نية قيادة الحركة، وعلى رأسها رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، نقل مقر إقامتها من قطر إلى لبنان، لافتاً إلى أنّ الاخير كان دائمًا حاضنًا للقضية الفلسطينية في كل مراحلها، واحتضن الثورة ولا يزال جزءًا من مشروع المقاومة.
وفي حديث إلى "النشرة"، يقول موسى: "الذي يحتضن قيادة حركة حماس، هذا شرف له، لأنه يحتض القضية الفلسطينية، وعندما تضيق عاصمة بقيادة حماس تجد عاصمة أخرى ترحب بها".
ويلفت القيادي موسى إلى ما تعيشه المنطقة العربية من حالة اضطراب في أغلب عواصمها، مشيراً إلى أنّ هذه الأوضاع كلها تنعكس على القضية الفلسطينية، موضحاً في الوقت ذاته أنه في تاريخ العمل القيادي الفلسطيني، كانت القيادة الفلسطينية تتنقل بين العواصم العربية حسب التجاذبات والأحداث، وتبحث عن المكان التي تشعر الحركة أنه آمن، ويعطيها هامشًا من الحرية والحركة، ويخدم مشروعها الوطني والمقاوم، باعتبار القضية الفلسطينية قضية مركزية لكل الأمة العربية.
ويضيف: "الحركة محضنها الرئيس وموقعها هو الأراضي الفلسطينية، أما بعض القيادات التي لا يمكن أن تكون داخل الاراضي المحتلة بسبب الاحتلال فهذه القيادات هي في موقف الضيف على هذه الدول، وما يجري من حديث عن نقل القيادة للبنان ليس له صحة".
ويختم القيادي البارز حديثه بالقول: "نحن ما شعرنا إلا بكل ترحاب في كثير من العواصم العربية، لكن فترة الاضطراب الموجودة الآن قد تكون لعبت دورًا في تضييق هذه المساحات".