أعرب أحد زوار العاصمة السورية عن اعتقاده بأن الملفات الداخلية اللبنانية دخلت دائرة المراوحة، بانتظار ظهور نتائج معارك القلمون الميدانية وما يليها من تداعيات على الساحة المحلية، في ظل توقعات ترقى بعناوينها العامة إلى درجة المعلومات التي ترجح أن تنتقل معارك يبرود بثقلها العسكري والتكفيري إلى البقاع والشمال، خصوصاً أن انتهاء معركة القلمون وحسمها عسكرياً يعني بشكل أو بآخر اشتعال الجبهة اللبنانية الداخلية من دون أن يعني ذلك أن المخيمات الفلسطينية ستبقى بمعزل عن التطورات الساخنة.
ويربط الزائر المعني بين تطورات الساعات الأخيرة الماضية الحاصلة على جبهة يبرود، وعرقلة صدور البيان الوزاري للضغط على "حزب الله" الذي تشكل مشاركته العلنية بالحرب السورية العلامة الفارقة التي أسست إلى تبدلات جذرية في موازين القوى أرخت بظلالها الثقيلة ليس فقط على المعارضة السورية المسلحة إنما على حلفائها في لبنان وداعميها في الخارج، فالحزب المتهم من قبل الدول الداعمة لسوريا والمعنية بالأزمة اللبنانية بكل تفاصيلها ومفاصلها بأنه رأس حربة الحسم العسكري في القلمون بات في المرمى السياسي والعسكري لهذه الدول والتنظيمات التابعة لها أو الممولة من قبلها، وبالتالي فإن محاصرته داخل الحكومة الجديدة أصبحت حالة مشروعة في ظل تسارع غير مسبوق بعمليات الحسم العسكري الحاصلة على مستوى الساحة السورية والتي تدفع بدورها إلى انتقال النار المشتعلة إلى لبنان للتخفيف من الضغط العسكري والسياسي، لاسيما في هذه المرحلة التي تشهد عملية اعادة خلط أوراق على صعيد العلاقات بين واشنطن والدول الأوروبية من جهة وموسكو من جهة ثانية.
في هذا السياق، يتوقع الزائر أن تطول فترة المراوحة إلى أبعد ما يتوقعه البعض خصوصاً أن الواقع الميداني يشي بأن الفترة الزمنية التي يحتاجها الجيش السوري لحسم معركة يبرود قد تمتد إلى الثلاثة أسابيع، بيد أن تداعياتها ستبدأ في غضون الاسبوعين المقبلين، ما يعني أن الوضع الأمني بصورة عامة هو من سيتصدر المشهد السياسي، وأن السياسة ستعود إلى الدرجة الثانية، لا سيما في حال فتح المسلحون معركتهم انطلاقا من جرود عرسال في ظل واقع جغرافي معلوم من الناحية العسكرية، وهو أن السيطرة على محور فليطا وتلالها يعني قطع الامداد بشكل كامل ونهائي، بحيث لا يعود ينفع معه محاولات التسلل باتجاه الأراضي السورية لدعم المسلحين، بل فتح معركة الجرود مع لبنان واقحام الجيش اللبناني فيها للامعان في ارباك "حزب الله" ودفعه لنقل ثقله العسكري باتجاه الهرمل وبعلبك لحماية حاضنته الشعبية.
على الصعيد الميداني، يعتبر الزائر أن سقوط مزارع ريما المتاخمة لمدينة يبرود اضافة للسيطرة الكاملة على التلة المعروفة بـ"تلة الكويتي" يعني سقوط يبرود بشكل جزئي، على اعتبار أن خط الامداد الرئيسي الذي يمد المدينة المحاصرة بالسلاح والذخائر يمر عبر فليطا، فيما المطلوب اسقاطها عسكرياً تمهيداً لسقوطها ميدانياً قبل التأسيس للمشهد اللبناني الخاضع للتحولات من جهة، والذي ينتظر نتائج الحراك الدولي والحسم الاقليمي للبناء على الشيء مقتضاه، في ظل معادلة جديدة ارساها "حزب الله"، وهي أنه لن يقبل بخسارة ما ربحه في الميدان في البازارات السياسية والتسويات الانية التي لا تغير في المعادلات ولا في صراع المحاور.