تتسارع الأحداث في المنطقة بشكل غير مسبوق وهي تتراوح بين التطورات الأمنية المتفجّرة في العراق وسوريا وتلك السياسية على خط واشنطن وروسيا وكذلك الدبلوماسية على أكثر من صعيد، حيث تبرز زيارة الرئيس الايراني ​حسن روحاني​ الرسمية لسلطنة عمان، والتي يلتقي فيها السلطان قابوس بن سعيد للبحث في شؤون سياسية أعمق بكثير ممّا تمّ الإعلان عنه حول توقيع اتفاقيات اقتصادية لا سيما بعد أن ثبت للمراقبين أنّ طبخة التفاهم الايراني الغربي كان قد تم إنضاجها في السلطنة عقب زيارة السلطان قابوس للجمهورية الاسلامية في آب الماضي.

ويبدو أنّ توقيت الزيارة الايرانية عشية زيارة الرئس الاميركي باراك اوباما للملكة العربية السعودية لم يأت بالصدفة، بل في مرحلة تتزاحم فيها الأحداث الاقليمية والخليجية بدءًا من اشتداد المعارك على الارض السورية مرورا بالازمة السياسية التي تمر بها دول ​مجلس التعاون الخليجي​ التي أدّت إلى انفراط عقده بعد سحب كل من السعودية والامارات والبحرين لسفرائها من قطر وليس انتهاءً بالتحولات الجذرية التي تشهدها المملكة بعد خروج رئيس جهاز المخابرات السعودي الامير بندر بن سلطان من اطار السياسات الخارجية وحصر الملفات الاقليمية الساخنة بيد مقربين من الملك السعودي، فضلا عن الاشارات التي يرسلها الأخير بالنسبة لقبوله الانخراط في الحرب الاميركية على الارهاب من خلال وقف التمويل عن تنظيم القاعدة ومتفرعاتها وكلّ ما يمتّ إليها بصلة سياسية أو تنظيمية أو حتى عسكرية.

في هذا السياق، يكشف متابعون أنّ الملفات التي سيتمّ بحثها في الزيارة تتصل بالاتصالات الجارية على قدم وساق بين الدول الخليجية والجمهورية الاسلامية بشكل عام، لا سيما بعد النجاح الذي حققته الاتصالات الايرانية القطرية والتي توحي بأنّ تطورات هامة على هذا الصعيد ستؤدي إلى قلب موازين عديدة في ما تبقى من منظومة التعاون الخليجي قد تبرز قريبا على صعيد اتفاقات ثلاثية في مجال الغاز بين السلطنة والدوحة وطهران التي وقعت بدورها اتفاقات تعاون نووية مع روسيا بما يسمح لها بتزويد الراغبين من جيرانها بطاقات جديدة وباسعار منافسة من شأنها ان تعيد رسم معادلات جديدة لاقتصادات الدول الخليجية التي تتشارك مع طهران بالحدود المائية على معبر مضيق هرمز الذي يشكل نقطة الضغط السياسية والاقتصادية في ظل صراع مستميت على ضمان امن المعابر النفطية والتجارية على حد سواء.

ليس بعيدا عن ذلك، يعرب المراقبون المتابعون عن اعتقادهم بأنّ للسلطنة دورًا كبيرًا في المرحلة المقبلة وهذا ما اكتشفته ايران منذ أن بدأت اتصالاتها مع الغرب لاسيما ان الاخيرة لم تتورط في الربيع العربي عبر الدعم السياسي وهذا ما أفسح في المجال أمام طهران للعب المزيد من الادوار الضاغطة انطلاقا من سيطرتها العسكرية والسياسية الكاملة على الخليج العماني في ظل سياسة خارجية عنوانها الاستفادة من قدرات الجار الاقوى وليس فتح معارك شبيهة بطواحين الهواء. بيد أنّ انقسام دول مجلس التعاون الخليجي على بعضها سيسهل مهمة الرئيس الاميركي باراك اوباما في الرياض وهي مهمة لن تكون صعبة على مستوى فرض تغييرات ادارية وسياسية بارزة تصب في نهايتها عند تقاطعات المصالح الدولية والاقليمية التي ضاقت ذرعا بالاعمال الارهابية والتكفيرية التي باتت العالم باسره لا سيما أنّ حاملات النفط الأميركية لم تعد بمأمن عن الارهاب نظرًا إلى تمدّد التنظيمات إلى أبعد من الحدود المسموح بها فضلا عن امتلاكها لاسلحة نوعية من شأنها ان ترخي بظلالها الثقيلة على الخط التجاري المعروف تاريخيا بطريق الحرير الممتد من تركيا الى الصين.