منذ أن أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي فشل المفاوضات بين وفدي الحكومة والمعارضة السوريين التي وصلت إلى طريق مسدود، من دون أن يعلن موعداً جديداً لها، هناك الكثير من الأسئلة التي تُطرح حول مصير المفاوضات السلمية من أجل الوصول إلى حل سياسي للأزمة التي تدخل عامها الرابع، خصوصاً أن المعلومات تؤكد أن الإبراهيمي بات أقرب إلى الإعتذار عن إستكمال مهمته كوسيط عربي ودولي للأزمة في سوريا، رغم الضغوط التي تمارس عليه من أكثر من جهة دولية.
وفي هذا الوقت، شهدت الساحة السورية الكثير من التبدلات، سواء على الصعيد المحلي من خلال إشتداد حدة المعارك في أكثر من منطقة، أو على الصعيد الخارجي عبر بروز العديد من الصراعات الإقليمية والدولية، فأين أصبحت مباحثات السلام؟
لا تحرك دبلوماسي قريب
المعطيات الحالية تؤشر إلى غياب أي تحرك دبلوماسي على صعيد الأزمة السورية في المرحلة الراهنة، ما يؤكد أن أي جلسة مفاوضات لن تُعقد في وقت قريب.
وفي هذا السياق، يؤكد عضو "المجلس الوطني السوري" صالح المبارك أن غياب التحرك الدبلوماسي يعود إلى أن النظام غير مستعد حتى الآن لتقديم أي شيء بطريقة طوعية، ومن وجهة نظره هو لن يقوم بذلك في أي مرحلة، وبالتالي المطلوب التحرك من الجانبين الأميركي والروسي القادرين على دفعه إلى ذلك، إلا أنه يعتبر أنهما لا يريدان ذلك حالياً.
ويرى المبارك، في حديث لـ"النشرة"، أن توتر الأوضاع على الصعيد الدولي ترك تداعيات على صعيد الأزمة السورية، حيث تنشغل القوى الدولية بالأزمة الأوكرانية أكثر، خصوصاً أن إحتمالات المواجهة العسكرية المباشرة هناك تبدو كبيرة جداً.
في الجهة المقابلة، يشير الإعلامي السوري رفيق لطف الله إلى أن الحكومة السورية لم تجد أي تجاوب حقيقي وسليم من الجانب الآخر من أجل الوصول إلى حل خلال مفاوضات جنيف الثاني، في حين أن المسار على الأرض من خلال النجاحات التي يحققها الجيش السوري جيد جداً، إلا أنه يؤكد أنها لم تقفل هذا المسار بشكل تام لأنها تدرك أن الطرف الآخر سوف يعود إليه أمام الهزائم التي يتعرض لها.
من جهة ثانية، يشدد لطف الله، في حديث لـ"النشرة"، على أن الأمور مرتبطة إلى حد بعيد بنتائج الصراع الكبير القائم على الصعيد الدولي بين الدول الكبرى، ويعتبر أن تأزم الأوضاع على الساحة العالمية كان له أثرٌ كبيرٌ على صعيد الأزمة السورية.
الكلمة للميدان
وفي ظل هذا الواقع، يبدو أنّ الكلمة ستكون في الأيام المقبلة للميدان السوري الذي يشهد العديد من التحولات المهمة، لا سيما على صعيد تقدّم الجيش السوري على أكثر من جبهة، في حين تغرق قوى المعارضة المسلحة في صراعاتها الداخلية.
وفي هذا الإطار، يؤكد المبارك أنّ الكلمة هي للميدان، ويلقي باللوم الأكبر على الحكومة الروسية التي تملك القدرة على وضع حد لهذا الأمر، عبر الضغط على النظام السوري من أجل التنازل والموافقة على تشكيل حكومة إنتقالية أو مؤقتة ذات صلاحيات واسعة، إلا أنه يشير إلى أن هذا مستحيل لأنه يعني إنهيار النظام.
ويوضح المبارك أن الأزمة السورية متوقفة على مسارين، الأول عسكري لا يبدو أن أياً من الفريقين قادر على حسمه بشكل كامل في وقت قريب، والثاني سياسي معطل تماماً بفضل الإرادة الدولية الرافضة لتحريكه، وبالتالي لن يكون هناك أي تطور جديد في وقت قريب.
من وجهة نظر لطف الله، الفريق الآخر يسعى في الوقت الحالي إلى تحقيق أي تقدم عسكري على الأرض، إلا أنه يشير إلى أن هذا الأمر غير ممكن، لا بل يرى أن الفشل يزداد يوماً بعد آخر، ويتوقع أن يكون أكبر عند سقوط بلدة يبرود، خصوصاً أن الهدوء عاد إلى أكثر من منطقة والتهديد بفتح جبهات جديدة لا يبدو منطقياً.
ومن هذا المنطلق، يرى لطف الله أن هذا الفريق سيجد نفسه قريباً أمام خيارين، إما التخلي عن الخارج والجلوس إلى طاولة حوار، أو الاستمرار على ما هو عليه ليجد نفسه في المستقبل حلقة خارجية لا أكثر.
في المحصلة، لا مكان للحلول السياسية أو الدبلوماسية على صعيد الأزمة السورية في الوقت الحالي، وسيبقى رهان جميع القوى على الحل العسكري هو المسيطر إلى أن تعود عجلة الإتصالات الدولية إلى الدوران من جديد.