سامي الجميّل قدم استقالته من منصبه منسّقاً للجنة المركزية لحزب الكتائب اللبنانية. الخبر الذي تسلّل من البيت المركزي في الصيفي، استدعى رداً رسمياً بعد الزوبعة الإلكترونية التي أثارها. فقد تم الربط بدايةً بين الاستقالة ومشاركة الكتائب في الحكومة وذلك «رغم تحفظ وزراء الحزب على البيان الوزاري». فعاد الجميّل من جديد مرمى «للساخرين» من الخطوة المتأخرة التي تأتي بعدما أعطى الحزب، ونائبه الشاب تحديداً، الثقة لحكومة الرئيس تمام سلام. فتساءل بعضهم إن كان هذا الامر «قمة الذكاء أم قمة التذاكي؟».

لم يتأخر الرد الكتائبي، ليصدر عن مكتب «الشيخ سامي» الاعلامي ـــ كونه كان خارج البلاد ـــ بيان أوضح أنّ الاستقالة «جاءت على خلفيّة إدارية داخلية لتسهيل إلغاء هذا المنصب في المؤتمر العام المنوي عقده نهاية الأسبوع المقبل ضمن ورشة التطوير الدائمة التي يقوم بها الحزب».

الاستقالة هي «الخطأ الرابع» الذي يرتكبه الجميّل، بحسب أحد أعضاء المكتب السياسي المعارضين له. فالكتائبيون «لم يعودوا قادرين على تحمّل هذه التصرفات غير المدروسة. ما بقا بتقطع». وعبّر جزء لا بأس به منهم عن «ضيقه»، خلال اجتماع اللجنة المركزية يوم الثلاثاء. الحديث خلال الاجتماع كان «قاسياً» بحق الجميّل، وهم استفادوا من غيابه بداعي السفر كي يقترحوا، من دون إحراج، «أن يهتم بنيابته بدل إدخال الحزب في هذه الدهاليز». قيل في الاجتماع، استناداً الى المصدر، «إن تصرفات الشاب لا تتوافق مع المسار الذي قرر الحزب السير به». كذلك فإنه لم يعر «أهمية للظرف الحساس الذي يمر به الحزب، وتربّص باقي الأحزاب المسيحية به». والمعترضون على أداء النائب المتني يتهمونه بأنه «وضع عينه» على رئاسة الحزب، خلفاً لوالده، وأنه استقال من منصبه للوصول إلى هذه الغاية.

يصرّ عضو المكتب السياسي الكتائبي على التذكير بالأخطاء الثلاثة السابقة. الخطأ الاول كان الخطاب في ذكرى الرابع عشر من آذار في البيال، «والذي لا يعبر عن خطاب الكتائب المنفتح على الآخر. في كلامه، لم يحترم سامي الحدود مع أحد من الأفرقاء، كما أنه لم ينتبه إلى أن أكثر من تأذّى من فعلته هو والده كمرشح لرئاسة الجمهورية». ثانياً، موقفه المصرّ على الاستقالة من الحكومة في حال لم يُعدّل البيان الوزاري، «وهو أحرج الوزراء في هذا الموضوع». ثالثاً، زيارة الجميّل للرئيس تمام سلام كانت «مأسوية»، فهو صعّد من لهجته من دون التنسيق مع قيادته، الأمر الذي استدعى زيارة ثانية من الجميّل الأب.

اللجنة المركزية التي يرأسها الجميّل «بالتكليف»، هي هيئة تنفيذية في الحزب، تضم رؤساء المصالح والمجالس والندوات ورؤساء الاقاليم والمناطق، و«بإمكان أعضاء المكتب السياسي حضور اجتماعاتها»، كما يوضح الأمين العام ميشال خوري لـ«الأخبار». نشاط اللجنة هو إقرار برامج النشاطات الحزبية، رفع اقتراحات عملية إلى المكتب السياسي، ودرس الملفات المقدمة إليها. في الاصل هي تابعة للأمين العام، وقد انتدب الجميّل لينسّق بين أجهزتها. يبرر خوري الاستقالة بأن «رفيقنا الشيخ سامي أدى قسطه للعلى»، معتبراً أنه «أصبح اليوم بنظري رجلاً ناجحاً في البرلمان. وكمساعد كبير للأمين العام، قمنا بإنجازات ضخمة». يضيف خوري أن الجميّل ارتأى أن يحضر المؤتمر العام «كأي حزبي آخر له الحق في الكلام، التصويت والاعتراض». لا يهم إن اتخذ هذه الخطوة من دون التنسيق مع القيادة، «فهذا هو الشيخ سامي، نحبه لأنه يملك هذه الشخصية، ونقدّره لأنه متمرد، كفوء، ولا يُقدم على أي خطوة من دون دراستها جيداً». كذلك فإنه لا داعي لاستئذان أي حزبي، «في العادة المسؤولون يقدمون استقالاتهم لي وأبتّها». في حالة الجميل كان الوضع استثنائياً «أعطيناهم علماً وخبراً نظراً إلى حيثية الشخص وأهميته الحزبية».

لا يربط خوري بين الاستقالة وانتخاب سامي رئيساً للحزب خلفاً لوالده، «المؤتمر إداري تنظيمي. نأمل أن يكون لرفيقنا الشيخ سامي مستقبل، ولكن ليس في نيسان».

الامين العام الذي اعتذر خلال اجتماع اللجنة المركزية من الأعضاء لـ«كوننا لم نشركهم في الزيارات والاستشارات التي رافقت الأزمة الحكومية»، لا ينكر «أننا كلنا رافضون لخطوة سامي. صحيح أنه دار نقاش خلال الاجتماع»، ولكن إذا «هيك بيكون مرتاح فلا مانع».