يُشكل الثلاثون من آذار من كل عام، مناسبة تحدٍّ للاحتلال الاسرائيلي من قبل الجماهير الفلسطينية والعربية، وذلك لتأكيد التمسّك بالأرض الفلسطينية التي سلبها الاحتلال، وحقوق الفلسطينيين التي لا زالوا يناضلون من أجلها، إذ يشهد "يوم الأرض" الخالد، وهو الذي يحييه الفلسطينيون كل عام، مسيرات وتظاهرات وفعاليات خصوصاً في مناطق التماس مع الاحتلال الاسرائيلي، يوجّهون خلالها رسالة للعدو الإسرائيلي بأنهم باقون على الأرض، وأخرى للعالم يدعونه فيها للوقوف معهم لاستعادة حقوقهم المسلوبة، وتحقيق ثوابتهم المشروعة.
وتعود أحداث "يوم الأرض" الفلسطيني، لعام 1976، الذي قامت فيه السلطات الإسرائيلية بمصادرة آلاف الدّونمات من الأراضي الفلسطينية، خاصة في الجليل الأعلى، وعلى اثر هذا المخطّط قرّرت الجماهير العربية بالدّاخل الفلسطيني حينها، إعلان الإضراب الشّامل، في تحد كبير للسلطات الإسرائيلية، ولأول مرة بعد احتلال فلسطين عام 1948، إذ ردت "إسرائيل" على انتفاضة الجماهير باجتياح القرى والبلدات الفلسطينية، وأعادت احتلالها موقعة عددًا كبيرًا من الشهداء والجرحى.
رسالة تجسيد وتضامُن
"هو يوم لتجديد عهدنا الذي قطعناه بعدم التفريط لو بشبر من أرضنا مهما كان الثمن"، هذا ما أكدت عليه الشابة الفلسطينية إيمان عبدالرحمن، والتي شددّت على أهمية مواجهة المحتل وممارساته بكافة الوسائل، في وقت أصبحت الأرض الفلسطينية تُسلب يوماً بعد آخر.
وفي حديثها لـ"النشرة"، قالت عبدالرحمن، إن صمود أهالي الضفة الغربية المحتلة والقدس وغزة والأغوار، أمام بطش المستوطنين وممارسات الاحتلال من قلع الأشجار وسلب الأرض وتهجير سكانها، وهدم البيوت، هو "رسالة تحدٍ نجسدها في هذا اليوم بدمائنا ووقوفنا وتضامننا مع الانسان والأرض والحق الفلسطيني".
وتابعت: "كفلسطينيين نحاول بشتى الوسائل أن نصمد في أرضنا، من خلال زرعها بالأشجار ودعم المزارعين في المدن والقرى والبلدات الفلسطينية، لمساندتهم والوقوف معهم في وجه الهجمة الشرسة التي يتعرضون لها من الاحتلال الاسرائيلي".
وأوضحت الشابة الفلسطينية، أن "إسرائيل" تستغل حالة الانقسام الفلسطيني لممارسة مخططاتها الرامية إلى تهجير الفلسطينيين وسلب أراضيهم منهم.
وسيشهد "يوم الأرض" العديد من الفعاليات في كافة المدن والبلدات الفلسطينية، في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والقدس والداخل المحتل، من خلال المسيرات والتظاهرات والفعاليات التي ستُنظم.
مُصادرة الأرض في تصاعد
وفي نفس السياق، اعتبر الناشط والحقوقي الفلسطيني عيسى عمرو، من مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، والتي شهدت مؤخراً الاستيلاء على أراضٍ جديدة منها لإقامة حديقة توراتية، في منطقة تل الرميدة، من قبل المستوطنين اليهود، أنّ الأرض ما زالت مغتصبة ومستباحة، ومستهدفة يومياً من قبل قوات الاحتلال ومستوطنيه.
ولفت عمرو، في حديثه مع "النشرة"، إلى أن إسرائيل دأبت في الفترة الأخيرة على إصدار أوامر عسكرية غير شرعية، تهدف إلى تهجير العائلات الفلسطينية والتجمعات من قراهم وبلداتهم في مدن الضفة الغربية المحتلة والقدس، وخصوصاً في مدينة الخليل.
وأضاف: "إسرائيل تُقيم معسكرات عسكرية لها على هذه الأرض، وتمنع الفلسطينيين من زراعة أراضيهم وحتى الوصول إليها".
وأكد عمرو، أنه لا يوجد تواصل جغرافي أصلاً، بين الأراضي الفلسطينية المُتبقية، في مدن الضفة المحتلة على وجه الخصوص، منبّهًا إلى أن مصادرة الأراضي تسير بوتيرة متصاعدة، في نهج إسرائيلي واضح لسلبها وضرب مقدرات المدن، وتغيير معالمها التاريخية الأصيلة.
سنبقى صامدين..
في المقابل، قالت الشابة نارمين البحيصي، أنه "من غير المعقول أن نبقى صامتين أمام غطرسة الاحتلال الاسرائيلي"، مشددة على ضرورة تقوية صمود العائلات الفلسطينية، والتوحد على برنامج مقاومة للدفاع عن الأرض واستعادتها.
ورأت البحيصي، في حديث إلى "النشرة"، أن التوجه للمحاكم الدولية، والمؤسسات الدولية أمرٌ ضروري يتوجّب على السلطة الفلسطينية القيام به، إضافة إلى العمل على تفعيل الجاليات الفلسطينية والعربية في مختلف دول العالم، للتعريف بما يمارسه الاحتلال على الأرض الفلسطينية، وإيجاد حالة تضامن فاعلة مع الشعب الفلسطيني.
وأضافت البحيصي: "رُغم ما يحدث لنا إلا أننا سنبقى صامدين في أرضنا ولن نتخلى عنها، وحتماً سنستعيد الأرض التي سلبها الاحتلال منا".