أشارت صحيفة "الثورة" السورية في إفتتاحيتها إلى أن "الجهد الأميركي يستعر بحثاً عن مخارج تعيد مراجعة اصطفاف الدول الوظيفية وأدواتها العربية والإقليمية التي تبعثرت على وقع تضارب المصالح الآنية والفشل في تحقيق مرتكزات المشروع بجناحيه الإخواني والوهابي، وتراجع القبضة الأميركية الجامعة التي تحولت في بعض الأحيان إلى أحد أسباب الفرقة والتشتت العاصف"، مضيفة: "فيما تبدو الحصيلة الوحيدة لذلك السعار هي التمسك باستراتيجية دعم الإرهاب، على مبدأ أن الخلاف البيني لا يفسد لود الارتباط بالإرهاب قضية، تتدلى على الحواف المحيطة بها مجموعة من الاستطالات المرضية المستوطنة والناتجة عن تفاقم الخلل البنيوي في التبعية الأميركية، بعد أن تعرضت لمجموعة من الاهتزازات والتصدعات التي أفقدتها قدرتها على التفرد بقيادة العالم.".
وأضافت: "لسنا بوارد تعداد نقاط الاتفاق والاختلاف الناجمة عن ضمور سياسي، أو تعمد في إظهار هذا الضمور لتبرير العجز الأميركي عن استيعاب التطورات التي تؤشر بوضوح إلى انكفاء في حالة الاستلاب وتداعياتها على الأذرع والأدوات الأميركية في المنطقة، غير أننا على الأقل نحتاج إلى مقاربة تتلمس جوانب التداعيات مرحلياً، وأبعاد التمسك برعاية الإرهاب استراتيجياً"، لافتة إلى أنه "على مستوى التباينات السطحية لا تخلو المقاربة من المقدرة على امتلاك شواهد فعلية على حضورها المؤثر والذي يخلخل أسس العلاقة وتموضعاتها المختلفة، وسيكون من الصعب على أميركا إزالة ما ظهر، أو محو ما تراكم عبر السنوات الماضية، لكنها في العمق وعلى مستوى المضمون تبدو مختلفة كلياً في الدلالة، حيث استخدمتها الولايات المتحدة كورقة ضغط لعودة التعاون بين الأدوات الإقليمية إلى سابق عهده، مع إضافات تلزمها بإغماض العين عمّا طفا أو تحييده حين يتعلق الأمر بدعم الإرهاب وإعادة توحيد قنوات الدعم سياسياً ومالياً ولوجستياً".
وأضافت: "على هذه القاعدة تحاول أميركا أن تعيد ربط الخيوط من حيث بدأ تفككها، حين واجهت سيلاً من التنازع على تزعم لوحة دعم الإرهاب والخلاف على موقع الصدارة، حيث كان تراجع الدور التركي سياسياً كفيلاً باستبعاد القطري من الواجهة، في حين جاء السعودي ليكون بديلاً مزدوجاً وحاضراً في كل الحسابات التي جاءت مناكفة في بعضها حتى للتوجه الأميركي، لذلك كان الطرح الأميركي يقوم على أن تتولى إدارة الرئيس باراك أوباما مباشرة عمليات التوجيه والقيادة لعمليات دعم الإرهابيين بما تقتضيه من دخول في التفاصيل والجزئيات، وأحياناً المساهمة في تقديم ما يمكن لها في إطار توفير الحماية السياسية اللاحقة من أي تداعيات قد تقع، بعد أن سمعت ولمست مباشرة هواجس ومخاوف الكثير من أدواتها من البقاء وحيدة في المواجهة مع المجتمع الدولي، بعد أن تولدت مجموعة من القناعات بأن أميركا تجري صفقاتها منفردة وتترك تابعيها وأدواتها في الإقليم وخارجه تقلع أشواكها بيديها".
وقالت: "رغم النفي الأميركي السابق واللاحق وجملة التفصيلات المتسارعة عن "السمت" الذي يحكم الاعتبارات الأميركية في عملية الانخراط المباشر بدعم الإرهابيين، فإن ما يطفو على السطح من معطيات يشير بوضوح إلى أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها في ذلك، وقررت العودة إلى قيادة عمليات الدعم للإرهابيين في فرصة قد تكون الأخيرة، قبل أن تضطر للتسليم بهزيمة مشروعها، وما تتكتم عليه أميركا تتكفل أدواتها بالإفصاح عنه والإسهاب في شرح جزئياته"، لافتة إلى أن "الفارق أن أميركا التي نفت الموافقة على تسليح الإرهابيين بمضادات طيران لم تسحب النفي على التسليح بحد ذاته، وقد استنفرت أدوات الضغط السياسي والإعلامي ولوّحت بكل أوراقها بما فيها العسكرية، وغادرت منصة القيادة الخلفية لتتصدر جبهة القيادة بعد أن حيدت خيار الانخراط العسكري المباشر، وفشل إدارة حروبها بالوكالة غير المباشرة، وتريد أن تديرها بالأصالة عن نفسها بعد الخيبة من قيادة الإنابة التي توزعت يميناً وشمالاً وتنازعت فيما بينها".
وأشافت: "تستطيع الولايات المتحدة الأميركية أن تسوّغ بما تشاء، وأن تقارب كما تريد، وأن تبتعد وتقترب بالقدر الذي يرضي أدواتها، لكنها لا تستطيع أن تستعيد ما فقدته، ولن يكون بمقدورها إلا أن تعيد جدولة هزائمها، إذ إنه ما زال الحديث مبكراً عن جردة الحساب، لأن المعركة لما تنته رغم انقضاء معظم جولاتها بالضربة الفاشلة".