يطلق سمير جعجع اليوم الصفارة الرسمية لبداية سباق الاستحقاق الرئاسي من معراب. هيئات القوات اللبنانية ستعلن ترشيح رئيسها، مقفلةً الطريق أمام أي مرشح آذاري آخر، ومحرجةً تيار المستقبل الذي لم يحسم حتى الساعة خياره

معراب، مقر رئيس حزب القوات اللبنانية، هي الحدث اليوم. يضع سمير جعجع نفسه في المقدمة، من خلال إعلانه ترشحه رسمياً لرئاسة الجمهورية. التحضيرات، رغم أنها كانت «بالتنسيق مع الرئيس سعد الحريري»، صُنعت في معراب. لن يُعلن عن الترشيح من مقر الأمانة العامة لقوى 14 آذار في الأشرفية.

كما أن المنسق فارس سعيد لن يكون «عراب» الحدث. بعدما أعلن الحريري أن فريقه السياسي سيكون له مرشح واحد للانتخابات الرئاسية، يبدو جعجع كأنه يُحرج هذه القوى، التي لم تجتمع وتقرر بعد من تريد. نيران خطوته ستصيب الأقربين قبل غيرهم، فالريبة من هذا المرشح الذي يعتبر نفسه قوياً ستتسلّل بالتأكيد الى أنفس كل من الرئيس أمين الجميل والوزير بطرس حرب والنائب روبير غانم، وغيرهم ممن يعتبرون أن «إعلان معراب» سيُخرجهم من كادر الصورة.

يبدأ النهار القواتي اليوم بخلوة تعقدها الوحدات الحزبية، أي: الهيئة التنفيذية، تكتل النواب والهيئة العامة، وعلى جدول أعمالها بندٌ وحيد هو «التداول بترشيح رئيس الحزب أو رفضه. إذا اتفقنا نعلنه مرشحاً»، استنادا الى الأمين العام للحزب فادي سعد. الخطوة الأولى ستتمثل في اجتماع هيئات الحزب والبيان الذي سيصدر عنها. بعد عشرة أيام، تنظم القوات في معراب، استناداً الى مصدر قواتي بارز، «لقاء جماهيرياً تُعلن خلاله المشروع الرئاسي» الذي كانت قيادة الحزب قد شكلت «حلقات حزبية» من أجل العمل عليه.

القوات لن

تنتظر توافق فريقها على مرشح للرئاسة

يؤكد المصدر أن خوض المعركة هو «بالتنسيق بين كل مكونات 14 آذار». وهي، بالمناسبة، ليست للمناورة، «نحن جديون أكثر من أي وقت مضى، إيماناً منا بأننا في حاجة الى وجه جديد للبنان لا يُشبه الحكم زمن الوصاية السورية». لم يعد مقبولاً أن يأتي رئيس تسوية الى الموقع المسيحي الأول في الجمهورية، «فالدلائل السابقة لا تبشّر بالخير». يقول القواتي إن «صديق الجميع ليس صديقاً لأحد، وأكبر دليل هو حكم ميشال سليمان الذي نجم عنه انهيار لمقوّمات الدولة». خلال مرحلة تأليف حكومة الرئيس تمام سلام، سار جعجع عكس خيار حلفائه، رافضاً مد اليد الى حزب الله قبل أن يسحب رجاله من سوريا، «في حين أن (النائب ميشال) عون اضطر الى أن يهادن السعودية وتيار المستقبل، والجميل فُتحت له أبواب السفارة الإيرانية. الوحيد القادر أن يحكم ويُطلق المواقف من دون أن يستجدي أحداً هو الحكيم».

بعد قضائه 11 سنة في السجن، خرج سمير جعجع ليتحول من قائد ميليشيا أيام الحرب الأهلية الى رئيس حزب سياسي عمل على وضع نظام «ديموقراطي». إلا أن صورته لا تزال استفزازية لعدد كبير من الناس. يؤمن فادي سعد بالنسبية في هذا الأمر، «من اعتبر الرئيس سليمان استفزازياً لا يمكنه أن يرى جعجع بغير صورة، فمن الطبيعي أن يكون مستفزاً لبعض الجهات». تريد القوات رئيساً «يملك أفكاراً ومشروعاً واضحين، لا رئيساً يُسمع كل طرف ما يُعجبه، وخصوصاً أن رؤساء ما بعد الطائف أثبتوا فشل هذا الخيار. والدليل أن مقومات الدولة مفقودة اليوم». يرفض سعد أن يعتبر إعلان الترشيح إحراجاً لـ«ثوار الأرز»، فالمنطق يقول إن «رئيسنا قوي». يزيد على ذلك «ما بقا رح ننطر حدا. نطرنا كتير سابقاً». العبور الى الدولة، بحسب منطق القوات، يبدأ من موقع رئاسة الجمهورية، «وقد أثبتت الوقائع التاريخية أن المؤمنين بقضاياهم هم الذين يغيّرون». لهذا السبب، القوات تسبق الجميع الى قصر بعبدا.

يعترف أحد أعضاء الأمانة العامة بـ«ذكاء جعجع، فهو نجح في فرض نفسه كأمرٍ واقع على الجميع». وبالتالي، أصبح «من الصعب تجاوزه». يقول المصدر إن الحكيم «تجاوز كل مسيحيي فريقنا، فلم يعد أحد منهم قادراً أن يكون أمامه في هذه المسألة». البداية لن تكون في إعلان اليوم، «فالتحضيرات بدأت من خلال المواكبة الإعلامية التي قام بها، فتحول الى أبرز مرشح في 14 آذار». تحديد جعجع للأسباب الموجبة لترشحه «والسقف الذي رفعه جعلا أي خيار آخر بمثابة التنازل». يؤكد المصدر أن «رواد» الأمانة العامة «متحمسون بشدة لترشح الحكيم». فرحون هم أن جعجع «أقفل الباب في وجه الجميل وحرب وغانم، وصعّب الطريق على تيار المستقبل».