هل اقتنع الغرب بانتصار المحور الروسي الايراني السوري وبسقوط الاحادية الأميركية وحلول الثنائية في القيادة الدولية حتى انقلبت الصورة بشكل عام في العالم العربي والاسلامي، ولا سيما في المملكة العربية السعودية وإيران، أو أنه سلك دربا مختلفا يوصله إلى ضمان مصالحه السياسية والاقتصادية في ظل انقلابات واضحة في موازين القوى السياسية والعسكرية وتقدم النفوذ الروسي في أوروبا والشرق الأوسط بعد حسمها لملف القرم لمصلحتها الحصرية من دون الالتفات إلى الاعتراضات الغربية الأميركية؟
أسئلة متراكمة تزاحمت بين ملفات دبلوماسي أممي اعتبر أنّ مضمون التقارير الواردة تباعًا إلى كواليس مراكز القرار يرجّح الفرضية الثانية، أي أنّ واشنطن بدأت باعتماد أساليب جديدة لتمرير أهدافها وحماية مصالحها الاستراتيجية، فالحقيقة الدامغة أنّ نجاح الجيش السوري في تغيير المعادلة برمتها في حمص والقلمون وإقفال الشرايين الحيوية للأذرع العسكرية المؤتمرة بها ومنها والمموّلة من بعض دول "البترودولار" هدّد المصالح الغربية بشكل مباشر بعد أن اقترب المحور المقابل من تحقيق الانتصار السياسي والمعنوي وحتى الاستراتيجي في معركته العسكرية وحربه الباردة على حد سواء، فلجأ إلى إشعال الجبهة الشمالية لاعادة خلط الاوراق وإفهام موسكو بأنّ الحسم النهائي غير ممكن، وبالتالي فلا بدّ من العودة إلى تسخين خطوط التواصل الدبلوماسي والانتقال إلى جولة جديدة من المفاوضات تأخذ بالاعتبار المستجدات الدولية والاقليمية الممتدة من القرم إلى سوريا مرورا بالموقف من التطورات المصرية وعودة الخطوط إلى العمل بين إيران و"حماس" في مشهد يدلّ على انتظام الجميع في الحرب المعلنة على الارهاب.
في سياق متصل، يعترف الدبلوماسي بأنّ التقارير لم تشر يومًا إلى إمكانية النجاح في اختراق المعقل العلوي لا انطلاقا من كسب ولا من سواها على اعتبار أنّ مخزون الأسلحة الاستراتيجية للنظام موجودة هناك كما أنّ كبار القادة الميدانيين ينطلقون منه لرسم الخطط العسكرية واجراء الاتصالات السياسية والدبلوماسية الاساسية وبالتالي فإنّه من سابع المستحيلات أن يسمح النظام بتعرية هذا المحور وسقوطه حتى لو كلفه ذلك إشعال حرب إقليمية يقحم فيها تركيا والعالم باسره، ناهيك عن أنّ لا موسكو ولا طهران ستقبل بفرض شروط جديدة للعبة، ذلك أنّ روسيا لا ترغب في التنازل عن أي مكسب سياسي بعد وصولها إلى المياه الدافئة وتوقيع اتفاقات مع الدولة السورية بشأن استخراج الغاز من المياه الاقليمية، في حين ترفض إيران مشاركة تركيا بأيّ دور اقليمي على مستوى العالم العربي والخليجي، ما يعني أنّ الأسباب الموجبة لدعم النظام في معركته قائمة ومن دون أيّ تعديلات.
وتوقف الدبلوماسي عينه عند المصالحات الجارية على قدم وساق في ما تبقى من الغوطة الشرقية تمهيدا لحصر المسلحين في داريا ومحيطها بعد محاصرتهم في رنكوس بانتظار ساعة الصفر السياسية للقضاء عليهم مع ترجيح أن تكون ساعة الصفر عشية انعقاد مؤتمر جنيف 3 كما عند التطورات الميدانية في حلب من خلال تقدم الجيش السوري على هذا المحور في اشارة إلى أنّ رده المباشر على هجوم كسب سيكون هناك لاصابة عصفورين بحجر واحد، الاول التأكيد على أنّ المبادرة أصبحت بيد النظام ولا مجال للعودة إلى الوراء في هذا الاطار، والثاني تحرير المدينة وتحضيرها سياسيا ومعنويا للمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقررة بداية الصيف، أي بعد أشهر قليلة حيث يمكن للنظام حينها أن يتحول إلى رأس حربة اقليمية ودولية على الارهاب التكفيري الذي يقض مضاجع الغرب برمته.