تنفس الطرابلسيون الصعداء وبدأت عاصمة الشمال تستعيد حياتها التي خطفها قادة المحاور أكثر من خمس سنوات وأمعنوا فيها قتلا وخرابا ونهبا واستباحة للشوارع والاحياء حتى باتوا امراء يأمرون وينهون ويقررون ويلغون الرأي الآخر وقد حولوا طرابلس من مدينة التنوع والوحدة الوطنية والتعددية الفكرية الى مدينة احادية اللون والتفكير بل كانت تتجه سريعا على خطى بعض الامارات التي أنشئت قسرا في سوريا كـ"امارة قلعة الحصن" لاعلان امارة "قاعدية " النهج والفكر، وقد دخلت الخطة الامنية لتنسف أحلامهم وأوهامهم وتستعيد طرابلس قلعة العلم والعلماء ومدينة الانفتاح بفضل الحزم الذي مارسه الجيش اللبناني بعد رفع الغطاء السياسي عن قادة المحاور من رعاتهم الذين باتوا محرجين حيال ما آلت اليه المدينة من فلتان امني وتمرد بعض المجموعات المسلحة لا سيما الاصولية منها على من نشأوا في احضانهم وترعرعوا حتى تمكنوا جيدا من الامساك بالساحة الطرابلسية.
السؤال المطروح في الاوساط الطرابلسية اليوم: أين هم قادة المحاور؟
تعتقد بعض المصادر أنّ هؤلاء تفرقوا وتوزعوا في اماكن عدة وعملوا بنصائح قيادات سياسية ودينية ابلغوهم انهم باتوا محرجين في حمايتهم وجل ما يمكن تقديمه من خدمة لهم هو تأمين فرارهم والاختفاء من امام دوريات الجيش اللبناني مع وعد بعدم الاقتراب منهم..
بحسب المصادر ان ابرز هؤلاء زياد علوكي الذي ظهر اكثر من مرة يهدد رافعا شعار: "الاستشهاد او النصر". فجأة انكفأ ولم يستطع مغادرة الاسواق الداخلية مستعيدا مشهدا من اواخر ستينيات القرن الماضي يوم تحصن احمد القدور مستقلا بدولته في الاسواق الداخلية من طرابلس وبات علوكي داخل هذه الاسواق، وضع نفسه في سجن صغير..
اما سعد المصري فغادر الى بلدته بحنين في المنية وكان افضل خيار لديه وانكفأ عامر أريش بدوره في منطقة البداوي وهو التزم الصمت منذ بدء التحضير للخطة الامنية بعد ادراكه انها هذه المرة جدية وليست مناورة..
قادة المحاور الآخرون كالحاج حسام صباغ وابو عمر منصور وشادي مولوي وغيرهم اختفوا في احياء التبانة الداخلية في أماكن لا يمكن الوصول اليها ودونها مخاطر، خاصة ان الجيش اللبناني لا يريد المزيد من نزف الدماء او التصادم مع الاهالي لان المطلوب أكل العنب وليس قتل الناطور وقد تحقق المطلب بفرض الامن وإشاعة الامان واعادة الاطمئنان الى نفوس الطرابلسيين وان طرابلس لم تعد مستباحة لمسلحي الدراجات النارية الذين يختارون صباح كل يوم صيدًا من المواطنين الابرياء حتى جعلوا زيارة طرابلس مغامرة محفوفة بالمخاطر ومما ادى الى تهجير رؤوس الأموال.
مصدر طرابلسي آخر اعرب عن اعتقاده ان بعض القيادات السياسية نقلت برعايتها بعض قادة المحاور الى خارج المدينة وهناك احتمالان:
الاول ان بعض المطلوبين نقلوا الى اعالي الضنية.
الثاني ان بعض قادة المحاور نقلوا الى مكاتب بعض نواب طرابلس والشمال المنتشرة في المدينة والمحصنة.
اما قيادة جبل محسن فالمسؤول السياسي للحزب العربي الديموقراطي رفعت عيد برأي مصدر طرابلسي انه خرج من جبل محسن لكنه لم يغادر الشمال بل يقيم في منزل يملكه في احدى المناطق الشمالية، وحسب مصدر آخر ان رفعت عيد اصبح في الضاحية الجنوبية وانه اقتنع بالخروج من جبل محسن تسهيلا لتطبيق الخطة الامنية.
اما قادة محاور جبل محسن المطلوبون فمنهم من لم يغادر الجبل والبعض الآخر غادر الى قرى في سهل عكار.
الى ذلك وبالرغم من الارتياح العارم لخطوات الجيش اللبناني والالتفاف حوله فان لدى العديد من فاعليات طرابلس خشية من عودة قادة المحاور الى مواقعهم وبسلطة اقوى طالما ان مخازن الاسلحة لم تمس حتى الآن وطالما ان الذين ارتكبوا الجرائم لا زالوا طلقاء حسب اعتقاد فاعليات طرابلسية ومن شأن ذلك ان يهدد الامن الطرابلسي من جديد وربما ستكون هذه المرة خطيرة الى درجة عالية مما يتطلب مواصلة السهر والجدية في ملاحقة الذين تداعب مخيلاتهم افكار الامارة والخلافة والدولة الاسلامية الشرعية...