دفَع ظهور عدد من قادة المحاور في التظاهرة التي شهدتها طرابلس الأحد، الى دعوة عاجلة لعقد لقاء أمنيّ في قصر بعبدا مخافةَ أنّ يؤدّي تكرار هذا المشهد الى ضرب هيبة القوى العسكرية والأمنية التي لم تُنهِ بعد المراحل الأولى من الخطة الأمنية، الأمر الذي أدّى الى إعطاء التعليمات الصريحة بالمضي في الخطة أياً تكن العوائق. فما الذي حصل؟
قبل أن تشهد التبانة التظاهرة التي تقدَّمها عدد من قادة المحاور، منهم سعد المصري وزياد علوكي وأسامة منصور ومحمود الحلّاق، وعدد آخر من المطلوبين بموجب مذكرات التوقيف طلباً للعفو ووقف الملاحقات الأمنية والقضائية، لم يكن على لائحة المواعيد في قصر بعبدا ايّ إشارة الى إجتماع أمني للبحث في تطورات خطة طرابلس، وتقويمها، والتحضيرات لخطط البقاع.
كانت كل الأجواء توحي، تحديداً منذ تكليف الجيش تنفيذ الخطة المقرّرة للمدينة، أنّ طرابلس استعادت فجأة امنها واستقرارها، وتناسى الطرابلسيون المتخاصمون هويةَ أزقّتها العلوية والسنّية المتناحرة وبقية المذاهب التي تحتضنها منذ عقود، الى أن تردَّد أنّ قادة المحاور عادوا الى الظهور في تظاهرات تُندّد بالإجراءات العسكرية وتدعو الى اختصار الخطط الأمنية الموضوعة للمدينة، والعفو عن المطلوبين، وووقف أشكال البحث عنهم كلها.
على هذه الخلفيات، بدأ البحث في الإجتماع الأمني بإشارة من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، صاحب الدعوة الطارئة اليه بمَن حضر، فنوَّه بما تحقَّق، معتبراً أنّه جيد جداً وهو موضع تقدير من جميع الناس وأبناء المدينة تحديداً، وقد صبَّت عنده كل ردات الفعل الإيجابية التي تجاوزت الإشادة بالقوى الأمنية الى الدعوات لتحصين الخطة وتنفيذ مراحلها وصولاً إلى النهايات المرجوّة، والتي تقضي باستكمال المراحل الأمنية والعسكرية كلها وتحصينها بما هو قضائي وعدلي، بالإضافة الى الإستمرار في رصد المطلوبين ليكونوا حيث يجب أن يكونوا، والمباشرة بالخطط الموضوعة لإنماء المدينة وبدء عمل الشركات الأمنية التي استكملت تكوين تراخيصها لإستيعاب ما يمكن استيعابه من العاطلين عن العمل. بعدها، طُرح ظهور بعض قادة المحاور في تظاهرة باب التبانة بعدما كانوا قد تواروا عن الأنظار في الفترة التي اعقبت انتشار القوى العسكرية والأمنية في المدينة، فتناقضت التقارير الأمنية، إذ أكّد بعض القادة الأمنيّين هذه المعلومات فيما نفاها البعض الآخر، من دون وجود ما يحسم القضية، فلا صور ولا وثائق، وإن وُجدت وجَب البحث عنها للتثبّت من هذه الروايات، ويمكن في حال التفتيش عن الكاميرات المثبّتة في بعض الأحياء الوصول الى ما يثبِت هذه الإتهامات او ينفيها.
وحسماً للجدل، خرج من يقول إنّ ظهورهم ليس لمصلحتهم ويمكن الإفادة من هذه «الغلطة» التي ارتكبت للتثبت من أنهم لا يزالون في المدينة ولن يكون من السهل الإختباء طويلاً. فقبل دخول القادة الى الإجتماع كانت الأنباء قد وردت عن توقيف إثنين من قادة المحاور، أحدهما أوقف في بلدة دده إحدى قرى الكورة التي لجأ اليها، كما تبلغ المجتمعون بدهم بعض مخازن الأسلحة ومصادرتها، ما عزَّز إصرار رئيسي الجمهورية والحكومة والوزراء المعنيين على المضي في أعمال الرصد والمراقبة لتوقيف جميع المطلوبين اياً تكن هوياتهم.
يملك القادة الأمنيون لوائح تتجاوز المئتي مطلوب في الشمال والبقاعين الأوسط والشمالي من تجار مخدرات، وزعماء عصابات امتهنت الخطف لقاء فدية، إضافة الى الشبكات التي تخصصت في سرقة السيارات لبيعها الى الداخل السوري وفي المناطق اللبنانية، كما بالنسبة الى تفكيكها وبيعها قطعاً.
وقبل أن يُرفع اللقاء على التشدد في التدابير المتخذة بلا هوادة، لفت سليمان الى خطأ تسرّب الخطط الأمنية ما أدّى الى فرار العديد من زعماء العصابات المستهدفين في البقاع، لكنّ ذلك لا يجب أن يحول دون المضي في الخطط الموضوعة، ولتكن الأفعال جواباً على جميع المشككين والمترددين.