زادت موجة رفض التجنيد في صفوف جيش الاحتلال الاسرائيلي من قبل الشباب المسيحي والدرزي داخل الأراضي المحتلة عام 48، بعدما أصدر الكنيست الإسرائيلي قانون التجنيد الإلزامي على العرب في الداخل المحتل، يهدف من خلاله إلى "أسرلة" العرب، في المجتمع الفلسطيني، وتطبيق مبدأ "فرق تسد" وتقسيم العرب إلى طوائف متعددة إسلامية ومسيحية ودرزية وبدوية، لفسخ وحدة المجتمع العربي الفلسطيني وفتح باب الفتنة فيما بينهم.
وعلى الرغم أن القانون يحمل أبعادا كارثية خطيرة على النسيج المجتمعي، وتجند البعض من الشباب بحكم القانون القسري عليهم، إلا أن الرفض يبقى في الواجهة ويزداد يوماً بعد آخر، تحدياً لـ"إسرائيل" وجيشها وقوانينها التي تعمل على سلب هوية وأرض وقومية المواطن الفلسطيني بالدرجة الأولى.
"إسرائيل" تريد تطبيق سياسة "فرق تسد"
"إسرائيل تريد شرخ الوطن العربي والشعب الفلسطيني"، هذا ما أكد عليه الراعي السابق لكنيسة دير اللاتين في غزة، وعضو الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات الأب مانويل مسلم، موضحاً أنها تريد تطبيق سياسة فرق تسد، بأشكال مختلفة، من خلال عملية التجنيد".
وشدد مسلم في حديث لـ"النشرة"، على أنّ "إسرائيل" تريد تثبيت الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتظن أن المسيحيين على وجه الخصوص، أقلية وضعفاء في الأرض المقدسة، وهم ليسوا ذلك، بل أنهم جزءٌ لا يتجزأ من النسيج الوطني الفلسطيني.
ولفت الأب مسلم إلى أن "إسرائيل" تريد من قانون التجنيد أن يقول المسيحي في الأراضي المحتلة، "أنا إسرائيلي مسيحي"، وتنزع عنه قوميته العربية، لتدخل في عقل المسيحي والمسلح صاحب الأرض والقضية.
وأضاف مسلم: "هذه فتنة تلعبها إسرائيل، والمسيحيون واعون لذلك وينتمون لشعبهم الفلسطيني، ومتمسكون بأرضهم، ولا يمكن لهم أن يرفعوا أي سلاح في وجه أي عربي مسلم ومسيحي، لأن الكنيسة والأصول المسيحية متجذرة فيه ولا يمكن أن يقبل إلا شعبه".
لن أخدم في جيشكم
وعلى اثر ذلك، انطلقت العديد من التظاهرات الشعبية والمؤتمرات والوقفات الرافضة للتجنيد على الأرض، وندوات ثقافية وسياسية وفنية، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي أبرزها صفحة على "فايسبوك" حملت اسم "لن أخدم في جيشكم" يقول القائمون عليها لـ"النشرة"، إنها جاءت كرد فعل شبابي لاتحاد الشباب الوطني الديمقراطي، على مخططات التجنيد من قبل الحكومة الإسرائيلية.
ويلمح هؤلاء إلى أن "إسرائيل" تسعى من خلال القوانين إلى شق وحدة الشعب الفلسطيني، والتعامل معهم من منطلق طائفي، وفقاً لانتماءاتهم الدينية، ما يُعتبر تهديداً للمشروع الوطني الفلسطيني الواحد.
ويوضح القائمون على الصحفة أنهم أنشأوها كحملة إعلامية توعوية من أجل إسقاط المخطط المشبوه، مشيرين إلى أن "إسرائيل" تحاول إعطاء غطاء ديني لذلك مستعينة برجال دين، من ضعفاء النفوس ممن ينكرون هويتهم القومية وامتدادهم التاريخي، "لكن شبابنا هم ذات وعي كبير ويتناغمون مع قيادات شعبنا في الداخل في التصدي لزمرة المأجورين من رجال دين وغيرهم، ويناهضون التجنيد والخدمة المدنية الإسرائيلية".
لن نقبل التجنيد
في المقابل، تقول الناشطة الشبابية سها أحمد وهي درزية ترفض قانون التجنيد: "لا يمكن لنا أن نقبل التجنيد في جيش الاحتلال الاسرائيلي الذي يقتل ويعتقل شعبنا الفلسطيني، ويمارس علينا أبشع الممارسات القمعية".
وفي حديث لـ"النشرة"، أوضحت الناشطة أحمد، "أننا كعرب فلسطينيين قبل أن نكون مسيحيين أو دروز، علينا أن نواجه كافة القوانين الاسرائيلية، الداعية للتجنيد"، وقالت: "لا يمكن أن نخدم جيشًا احتل أرضنا، ويريد أن يخلق فتنة فيما بيننا".
وتابعت: "يجب علينا أن نحدث حراكاً شعبياً شبابياً أكثر في هذا المجال، ونرفع صوتنا ضد التجنيد، ونواجه القانون الإسرائيلي قضائياً وقانونياً، كي نسقط كل المخططات التي تمارسها إسرائيل علينا".
الألم يوحّدنا
وتساءلت أحمد، "كيف لي أن أشهر السلاح بوجه أبناء شعبنا الفلسطيني؟ وكيف يمكن أن نخوض المعارك والحروب ضد أهلنا في لبنان وسوريا وفلسطين؟"
وفرضت "إسرائيل"، عدة عقوبات ساومت خلالها الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة على لقمة عيشهم مقابل الانخراط في الجيش، لكن اليوم باتت تتعاظم ظاهرة رفض الخدمة العسكرية حتى باعتراف مراكز الأبحاث الإسرائيلية.
أخيراً، جدّد الأب مانويل مسلم التأكيد على أن الألم والجوع والحصار يوحدنا كشعب فلسطيني، متحدين ومواجهين لهذا القانون جنباً إلى جنب، من أجل أرضنا وشعبنا وقضيتنا التي نعمل على تحريرها، وتقرير المصير الكامل.