بعد ان تحدثنا في تقرير أول عن تعريف البدانة وأسبابها الأساسية لا بد من التطرق لمخاطر هذه المشكلة على صحة الانسان وكيفية الوقاية منها، خصوصا بعد ان تم ربطها عبر دراسات اجريت بكثير من الامراض، بالاضافة الى طرق العلاج الطبي "لمرض" السمنة او البدانة.
خطر تحول البدانة الى مرض
تلفت اخصائية التغذية بيرنا نجم الى ان البدانة تتحول الى خطر على صحة الانسان عندما تكون على علاقة بظهور امراض مزمنة لديه، كضغط الدم وامراض القلب والسكري والكوليستيرول، كاشفة في حديث لـ"النشرة" ان دراسات اجريت حديثا اظهرت ان البدانة او السمنة قد تكون على علاقة مباشرة ببعض انواع السرطانات كسرطان الثدي لدى النساء.
ومن جهته يرى رئيس قسم الجراحة في مستشفى ابو جودة يوسف اندراوس ان السمنة داء خطر يقصّر أعمار المجتمعات، بسبب تأثيره المباشر على صحة الانسان وعلاقته بظهور امراض مختلفة. ويلفت عبر "النشرة" الى ان ارتفاع الوزن يؤدي إلى أمراض خطيرة منها السكري، الضغط، تصلب الشرايين، مشاكل في التنفس، آلام في المفاصل وغيرها، لذلك يشجّع الأطباء دائماً على المحافظة على الوزن الطبيعي لأن ذلك يخفف من إحتمال التعرض لهذه الأمراض.
الوقاية والعلاج
اما بالنسبة الى الوقاية من السمنة، فتشدد نجم في حديثها على اهمية مراقبة الوزن ولو مرة في الشهر لتدارك اي زيادات قبل فوات الاوان او قبل ان تصبح الزيادة كبيرة ويصعب على الشخص تخفيضها، داعية الى الحفاظ على توازن الوجبات الثلاث يوميا وتجنب "اللقمشة" والمأكولات التي تحتوي على نسب عالية من الدهون واستبدالها بطعام صحي ومليء بالألياف كالحبوب والفواكه، واعتماد الشوي والسلق في عملية الطهو وتقليل كميات الزيوت، بالاضافة الى الإكثار من شرب المياه واعتماد برنامج رياضي يومي لا يقل عن ثلاثين دقيقة.
وفي السياق نفسه، يشير اندراوس الى ان الانسان يستطيع ان يتحكم بتوازنه عبر تناول الأكل وحرق الوحدات الحرارية، والسيطرة على هذا التوازن للمحافظة على وزن مثالي او قريب منه. ويقول: "الإنسان الذي لا يستطيع التحكم بتوازن طعامه يمكنه أن يتناول أدوية إما تساهم بقطع شهيته أو بتنشيط "الميتابوليزم"، مشددا على ضرورة عدم اللجوء الى اي طريقة علاجية إلا بإشراف طبيب متخصص.
اما بالنسبة للعلاج الطبي، يرى اندراوس ان كل طريقة علاجية عليها أن تكون تحت إشراف الطبيب، فإذا ارتأى الاخير أن مريضه يناسبه قاطع شهيّة يمكن أن يصفه له مثلا، رافضا أن تكون الأدوية بأيدي المرضى دون رأي الطبيب، او ان تقوم الصيدليات بوصف أدوية. ويضيف: "نشهد طلباً متزايداً على هذه الأدوية ولذلك نطلب التشدد بعدم بيع أي دواء دون وصفة طبيب مختص". وفي هذا الاطار يكشف الصيدلي شادي نور الدين في حديثه لـ"النشرة" عن بيع الصيدليات كميات كبيرة من أدوية كبح الشهية و"الريجيم": "رغم ضرر هذه الادوية نبيع كميات كبيرة منها مع توقعاتنا ان تزداد مع الوقت"، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة الاّ ينساق الانسان خلف هذه الادوية وان يلجأ الى الطرق الطبيعية بالتنحيف وذلك بسبب الاضرار الجانبية لمعظم هذه الادوية.
وفي السياق نفسه، يضيف اندراوس: "على الناس أن تعي أنها تدفع في بعض الأحيان أموالا طائلة على بعض المستحضرات والأدوية يميناً ويساراً ودون أي جدوى ويمكنها بدل ذلك أن تقوم بعلاج جديّ برفقة متخصصين، وهذا يؤدي إلى حل جذري لمشكلتها"، داعيا لضرورة الإلتزام بالقرارات الطبية وتلك الصادرة عن نقابتي الصيادلة والأطباء.
من جهتها تلفت نجم الى ان العلاج الطبي لزيادة الوزن يكون عبر زيارة اخصائيي التغذية والاستماع لنصائحهم وتطبيق البرامج الغذائية التي يرسمونها للمريض لانها ستكون مبنية على العلم ونتائج الفحوصات. وتضيف: "ان علاج السمنة او البدانة يكون عبر فريق طبي متخصص ويكون من ضمن الفريق طبيباً نفسياً لان المشاكل النفسية للمريض قد تؤثر على سير العلاج"، مشيرة الى ان اللجوء الى الجراحة يكون بعد استنفاذ كامل الوسائل العلاجية الاخرى بالاضافة الى توافر شروط اضافية اهمها عمر المريض الذي يفترض ان يكون قد تخطى 18 عاماً، والى خلو جسمه من اي مشاكل صحية.
ومن هنا يدعو اندراوس كل شخص دخل مرحلة البدانة ان يقصد اخصائي التغذية للمعاينة اولاً، لان هذا الامر كفيل بتشخيص حالته واعطائه العلاج المناسب: "دور المتخصص بالتغذية كبير وهو ركن أساس لتهيئة المرضى، لنبعدهم عن التدخل الجراحي". ويضيف: "اما بحال لم يستجب هذا المريض للعلاج عندها يمكن التفكير بإجراء عمل جراحي".
اذا بعض "المرضى" لا يحتاجون إلى عملية جراحية، ويمكن لمتخصص التغذية أن يوصلهم إلى النتيجة المطلوبة وانقاص الوزن قبل الوصول الى مشاكل اخرى خطيرة، ومن هنا تأتي اهمية متابعة الوزن وابقائه تحت السيطرة.