كثيرون هم من انتقدوا فريق "8 اذار" على ما تمّت تسميتها بالتنازلات التي قدمها في الموضوع الحكومي، لما اعتبر استفزازيا، الا أنّ ما لم يكن في حساب الكثيرين انكشف اليوم بعد مرور 3 أشهر على تأليف حكومة تمام سلام، خصوصًا لجهة النتائج الايجابية التي اكتسبها هذا الفريق بالصيغة الكاملة التي خرجت فيها هذه الحكومة.
اذا هي رؤية لواقع الامور فهمها "حزب الله" جيدا في اطار التفاهمات الاقليمية والدولية نتيجة الازمات المتلاحقة في الشرق الاوسط وما ولدته من نتائج، حيث كان لا بد من البحث عن حلول بتجنبه ما كان يمكن ان يحدث لو تطور الموضوع عن حده في كل الاصعدة على الساحة اللبنانية، فللمشككين كان الجواب بعد هذه الفترة البسيطة "هل بدأتم تستنتجون الأثمان التي دفعتها 14 اذار مقابل هذه الوزارات؟"
ففريق الرابع عشر من اذار قبل الحكومة كان قد وضع شروطا عالية وصلت الى حد رفض الجلوس في حكومة واحدة والحوار مع "حزب الله"، الى أن اعتبره شريكا اساسيا في حكومة يبحث في الحلول في كافة المواضيع في الداخل اللبناني والتي كان اولها الهاجس الامني الذي كان يطال لبنان من شماله الى جنوبه.
كما ان هذ الفريق قبل بالحوار مع "حزب الله" على طاولة مجلس الوزراء حتى دون ان يخرج من سوريا، الامر الذي اعتبر فريق "14 اذار" أنه جلب الويلات للبنان وما ادى الى تدهور الاوضاع في كافة المجالات في البلد. وفي هذا الخصوص لعل أبرز نتائج هذه المواقف الايجابية هي ان الحوار بين تيار "المستقبل" و"حزب الله" قد بدأ منذ اليوم الاول لتشكيل الحكومة، وما استتبعه من لقاءات اخرى ومشاورات تعقد بين قيادتي "حزب الله" وتيار "المستقبل"، ما قد ينتج عنها صدور "ورقة تفاهم" بين الحزبين قريباً، وهذا ما كانت قد كشفته بالأمس مصادر مطلعة لـ"النشرة".
وفي هذا السياق، أوضحت مصادر متابعة لـ"النشرة" أنّ "حزب الله اثبت في الموضوع الحكومي انه لا يتخلى عن حلفائه وهو ما سينسحب على بقية الملفات والاستحقاقات القادمة وابرزها الاستحقاق الرئاسي"، مشددة في المقابل على أن "فريق 14 اذار برزت فيه التصدّعات منذ الموضوع الحكومي حيث تم عزل حزب القوات اللبنانية ما انتج ترشح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع المفاجئ للحلفاء قبل الخصوم"، لافتة الى ان "ان هذا التلاقي في الموضوع الحكومي هو ما سيدفع تيار المستقبل للتريث في اعطاء القرار النهائي من ترشيح جعجع لرئاسة الجمهورية حتى اللحظات الاخيرة من الجلسة التي ستكون في 23 نيسان".
وعلى اعتبار ان الوضع الامني كان اكثر الامور التي شكلت هاجسا في لبنان، فقد اكدت المصادر ان "قرار حزب الله بالمشاركة بحكومة سلام على هذا الشكل لجهة تسلم اللواء اشرف ريفي وزارة العدل ونهاد المشنوق وزارة الداخلية كان له الاثر الايجابي الذي ظهر في الايام الماضية، من خلال الخطة الامنية التي وضعت حلا للانتشار المسلح في طرابلس خصوصا ما كان قد نتج عنها من جولات قتال دموية، فأفضت هذه الخطة الى وضع حد للقتال الدائر في طرابلس عبر انتشار الجيش في أنحاء المدينة"، مضيفة بان "حزب الله لم يتخلّ عن حلفائه في جبل محسن لان الخطة الامنية وضعت حدا للحصار الذي كان مفروضا على الجبل، في حين كان تيار المستقبل هو الخاسر حيث كان يعتبر في الامس القريب قادة المحاور ابناءه".
واستكمالا للخطة الامنية فان ما شهدته مدينة عرسال كانت خطوة متقدمة جدا في موضوع مكافحة الارهاب واستكمالا لقطع كل الخطوط التي كانت تسلكها السيارات المفخخة من سوريا الى اهدافها في الضاحية الجنوبية، وبالتالي فان انتهاء معركة القلمون من الجانب السوري ودخول الجيش اللبناني لضبط الوضع في مدينة عرسال يمكن اعتباره من اهم مكاسب الحزب، اضافة الى الحدّ من عمليات الخطف التي كانت تجري في البقاع وتحرج بيئته.
اذا وعلى اعتبار أن "العقل يهاب ما لا يهابه السيف"، فان "حزب الله" اكتسب اكثر مما كان يتوقعه اكثر المتفائلين من حكومة تمام سلام التي يمكن اعتبارها من افضل الحكومات عند الحزب وخصوصا في هذه الاجواء التي تمر بها المنطقة.