قبل ظهر امس، أعطى رئيس مجلس النواب نبيه بري تعليماته الى دوائر المجلس ، تحضيراً لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية الاربعاء المقبل. وطلب تجهيز اوراق الاقتراع وختمها وتحضير صندوقة الاقتراع و"تلميعها". وهو يرى هذه الانتخابات يمكن أن تكون من ارقى الجلسات وأسهلها.
وعلمت "النهار" ان المجلس لن يوجه الدعوة الى السفراء والسلك الديبلوماسي وبعض الشخصيات لحضور الجلسة، على غرار ما حصل مع الرئيس ميشال سليمان لأن لا احد يضمن حصول عملية الانتخاب والفوز باسم الرئيس المقبل.
لا يعني هذا الكلام ان بري غير مستعد او لا يرحب بالتوصل الى هذا الانجاز الوطني وفتح صفحة رئاسية جديدة تحول دون الفراغ في الكرسي الاول في قصر بعبدا بعد 25 ايار المقبل. ويقول بالفم الملآن : "انا مصر على لبننة الاستحقاق اكثر من اي لبناني. وسأعقد الجلسة ضمن الاصول القانونية من دون زيادة او نقصان".
ويعود الى لجنة كتلة "التحرير والتنمية" التي جالت على القوى السياسية في الخريطة النيابية ، والتي اجمعت في حدود الـ92 في المئة على اجراء جلسة الانتخاب في النصف الثاني من نيسان الجاري، "وهذا ما حصل وانا التزمت".
وابلغه مختلف الافرقاء بانهم سيحضرون وسيشاركون في الجلسة، مع ابداء حرص جامع على توفير النصاب المطلوب لافتتاح الجلسة. واذا قررت جهة عدم المشاركة في جلسة 23 من الجاري، فسيخرج بري على الملأ وليقول بأعلى صوته ان "هذه الجهة ابلغتني بالحضور ثم خالفت وعدها ومحت كلامها".
لا يخشى رئيس المجلس من عدم اكتمال النصاب المطلوب لانعقاد الجلسة. وثمة ترجيح لحضور ما لا يقل عن مئة نائب، لكن تأمين النصاب لا يعني انه سيؤدي الى "انتاج" رئيس.
وبعد اعلان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ترشحه لانتخابات الرئاسة ، وبدا الارباك في صفوف قوى 14 اذار والذي سيزداد اكثر مع الابقاء على اسم الرئيس أمين الجميل، ولو لم يعلن عن الامر في مؤتمر صحافي ويقدم برنامجاً رئاسياً على غرار جعجع، الذي يعيش جمهوره في هذه الايام الاجواء نفسها التي مر بها الكتائبيون قبل انتخاب الرئيس الراحل بشير الجميل.
وفي المقابل يبقى رئيس "تكتل التغيير الاصلاح" النائب ميشال عون المرشح الحاضر- الدائم في صفوف قوى 8 آذار التي لا تعيش احوال 14 آذار في مقاربتها لتحدي الاستحقاق الرئاسي.
وامام هذا الواقع لا يدخل بري في اسم المرشح الذي يضمره او يفضله. ويقول ان لا داعي لاعلان المرشح عن ترشحه او برنامجه "ولا ضرورة للترشح لان العبرة تبقى في ما يحمله الصندوق من اوراق اقتراع لهذا المرشح او ذاك". وما يقصده ايضاً ان لا شيء يفرض على المرشح الاعلان عن هذا الترشح ، وفي امكانه ان يكون في الخارج ويختاره النواب اذا صبوا له الاصوات المطلوبة التي تخوله النجاح للوصول الى قصر بعبدا اذا عبدت له "الطريق الانتخابية".
وما يتوقعه بري ان اياً من المرشحين لن يتمكن من الحصول على ثلثي الاصوات في جلسة الدورة الاولى، وان العمل سيكون على الدورة الثانية للحصول على النصف زائداً واحداً، اي 65 صوتاً "وتحقيق هذا الامر ليس صعبا للوصول الى هذه النتيجة وليس مستحيلاً".
وعند سؤاله عن الدورات التي رافقت جلسات رؤساء الجمهورية في لبنان، يقوم من مقعده في عين التينة، ويتّجه الى طاولة مكتبه ليسحب من محفظته الجلد وريقات تبرز في اي دورة نجح كل رئيس وعدد الاصوات التي نالها.
وعن تأثير الخارج على مسار هذا الاستحقاق اللبناني الذي تواكبه بلدان عدة في العالم منذ عام 1943 الى حين انتخاب الرئيس ميشال سليمان، يقول رئيس المجلس، ان ثمة فرصة امام اللبنانيين وخيارات قواهم النيابية للبننة هذه الانتخابات في سابقة لا تشبه المحطات التي واكبت الاستحقاقات الانتخابية السابقة. ولا ينفي في معرض تعليقه على هذه النقطة ان لا تأثير للخارج.
ويوضح لـ "النهار" ان الدول المؤثرة في المناخ السياسي في لبنان هي الولايات المتحدة الاميركية وايران والمملكة العربية السعودية، وحتى هذه الدقيقة لم يفاتحني سفراء هذه البلدان في اسم اي من المرشحين، والحمد لله هذا امر جيد، وهم يعرفونني جيداً".
وكان كل ما سمعه من هؤلاء وزوار عرب واجانب في الاسابيع الاخيرة، انهم يؤيدون انتخاب رئيس للجمهورية في المهلة الدستورية وعدم دخول البلد في الفراغ الدستوري وابداء الحرص على استقراره. ويدُرج هذه المواقف في خانة الامنيات الايجابية ومصلحة البلد.
ولم تحصل معه أي "وشوشة رئاسية" من السفراء الذين تضع بلدانهم لبنان وانتخاباته الرئاسية في دائرة اهتماماتها في المنطقة. ولا يعارض بري الاستعانة بـ "صديق"، شرط ان يكون اللبناني يملك قراره في استحقاقات فاصلة مثل انتخابات رئاسة الجمهورية، "وليس من صعوبة في التوصل الى انتخاب رئيس وتجاوز هذا الامتحان بنجاح. وأنا مصرّ على ايجاد هذه اللبننة ولو في ظل وجود تناقض بين سياسات الدول المؤثرة في لبنان. ويجب ان يعطينا هذا الامر سبباً اضافياً لاتمام الاستحقاق في موعده".
ولدى تذكيره بأن لا حماسة لهذه الانتخابات لدى اللبنانيين الذين لا يصدقون بأن الاستحقاق سيحصل من دون توافر اشارات خارجية، يرد سريعاً: "سأعمل واخلق هذه الحماسة. وسيراها المواطنون، وسأضع النواب امام الامر الواقع والحساس ولتحمل المسؤولية الوطنية. نحن لا نذهب الى تغيير اسم بلدة. هذه انتخابات رئاسية وليست لعبة يا اخوان".
ويأخذه الكلام الرئاسي الى جلجلة "أسبوع الالام" الذي مرت به سلسلة الرتب والرواتب وما رافقها من كشف اوراق وعدم بعدها عن "الاستثمار الرئاسي" في مجلس النواب. ويوجه رسالة الى الذين ظنوا انهم انتصروا من نواب وقوى اقتصادية، ان "لا احد يمكنه ان يستريح ويتهرب من حقوق الناس ويقول انه انتصر، وان الاغنياء سيهربون من دفع الضرائب ويتكبدها الفقراء. هذا الملف، لمن لا يريد ان يصدق، فتح الباب على مصراعيه، ولن يقفل".