لن نعيد عليكم أيها السادة، ما تمّ عرضه بإسهاب في مداخلات أخرى، وما بتمّ تعرفونه تماماً، حول دور القطاع الزراعي وأهميته البالغة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والغذائية.
إنها قناعتنا الثابتة، أعلنّاها في أكثر من مناسبة، وعملنا بها سحابة ربع قرن، وكتبنا حولها وحاضرنا وخطبنا... إلى درجة أنها أصبحت ملازمة لنا، تنام وتصحو معنا، وستبقى كذلك، إلى أن تتحقق أمنيتنا في إيلائها الاهتمام الحكومي والشعبي المناسب، أو يحين لقاؤنا مع أصدق المواعيد...
الزراعة سيدة أنشطتنا الاقتصادية في البقاع، تعني 70- 75% من أهلنا و45- 55% من اللبنانيين، أكان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وتساهم في حوالى 10% من الدخل القومي، وتؤمن قرابة 20% من حاجات لبنان الغذائية، وتغطي 30% من صادراتنا.
والمزارعون رفاق الطبيعة، حرّاس الأرض، وسدنة البيئة السليمة، يتحمّلون قشافة العيش وقساوة الحرمان، ويعانون من مشاكل معقدة لعل أهمها في نطاق تصريف إنتاجهم والحصول على قيمته ما يعرضهم لخسائر كبيرة، ويولد في نفوسهم القهر والقنوط واليأس.
وتأميناً لمصالح هذه البيئة البائسة من المواطنين وحرصاً على المصلحة الوطنية العليا التي لا تتوفر إلا بالتنسيق بين المصالح القطاعية المختلفة، وبينها وبين المصلحة الوطنية العليا، وبصورة خاصة بين القطاعين التجاري والزراعي لإظهار وتنمية كليهما، نسعى مع المخلصين إلى البحث عن الحلول المناسبة، وفي رأسها مشكلة تسويق المنتوجات الزراعية في لبنان.
والواقع أن هذا الموضوع يشغل منذ مدة طويلة وزارات ومؤسسات عديدة، فوزارة الزراعية بمختلف مصالحها ودوائرها تحاول منذ إنشائها، وإن بوسائل محدودة العمل على تخفيف آلام المزارعين وتصريف منتوجاتهم وكذلك المصالح المستقلة التابعة لها، وبصورة خاصة مكتب الفاكهة، ومكتب الإنتاج الحيواني ومكتب الحبوب والشمندر السكري ومصلحة حماية المستهلك وغيرها وغيرها من خلال رعايتها لمسائل التوضيب والتصنيع وإنشائها محطات ومراكز ومصانع لهذه الغاية.
لقد أفادت الزراعة اللبنانية من الثروة البترولية في الدول العربية، فوجدت في أسواق هذه الدول مجالاً رحباً، ساعدها على تحقيقه جودة الإنتاج اللبناني وموقعه الجغرافي القريب من المستهلكين.
على أن اندلاع الحرب اللبنانية وانعدام الرقابة الحكومية على المنتوجات المصدرة، ونمو الإنتاج الذاتي في الدول العربية المستوردة فضلاً عن السياسة الإغراقية لبعض الدول المنتجة المنافسة، نصب العراقيل في وجه منتجاتنا، فأخذت تعاني من صعوبات متزايدة وانعكس ذلك سلباً على الزراعة اللبنانية وبات لزاماً عليها أن تشدّ أحزمتها وتهيئ نفسها لبذل الجهود، وتخفيف الكلفة وتنويع الإنتاج وتجويد السلع وإلا تعرضت للتقهقر ولا نقول تجديفاً للإفلاس.
ما الذي ينبغي فعله من الآن حتى سنة ألفين لتصريف حوالى سبعمائة ألف طن من الخضار الطازجة و632 ألف طن من الحمضيات ومليون طن من الفاكهة و180 ألف طن من المنتوجات الحيوانية على اختلافها في الأسواق الداخلية والخارجية؟
تلك هي المسألة أيها السادة، وهي مسألة متشعبة معقدة وخطيرة في الآن ذاته.
وفي سنة 1979/ 1980 استقدمت وزارة الزراعة وكنت مشاركاً في قراراتها بصفة مستشار للوزير فريقاً من أخصائيي منظمة الزراعة والأغذية وكلفته بعاونة فريق لبناني شُكّل من مسؤولي وخبراء وزارة الزراعة لهذه الغاية، لوضع خطة زراعية للبنان سنة ألفين. وكان من جملة اهتمامات هذه المجموعة من الخبراء رسم تصور لمستقبل تسويق المنتوجات الزراعية في لبنان، لتجاوز ظروف المحنة التي مرّ ويمرّ بها هذا القطاع بالاستناد إلى إجراءات قانونية إدارية وفنية تأخذ بعين الاعتبار ديناميكية العاملين في حقل تجارة السلع الزراعية وتصديرها.
ولقد تضمن هذا التصور إنشاء أسواق جملة لتوزيع المنتوجات تبدأ في العاصمة بيروت ويجري تصميمها فيما بعد على مختلف المدن اللبنانية، وسوقاً إقليمية توفر دائماً بين المنتجين من جهة والمصدرين والتجار من جهة أخرى، وذلك في منطقة زحلة- شتورة، على أن يعقبها إنشاء محطة نموذجية لتوضيب الإنتاج مع التشديد على دور مكتبي الفاكهة والإنتاج الحيواني في مراقبة الصادرات وإسداء النصح للمصدرين ومراكز التوضيب للمحافظة على نوعية السلع المصدرة وتقديم المعلومات الإحصائية حول إنتاج السلع ووضع الأسواق في الداخل والخارج.
ولم يقتصر الاهتمام بهذا الموضوع على الجهات الرسمية، بل تعدّاها إلى جمهور المزارعين أفراداً ونقابات وتعاونيات. فدعينا في نيسان 1983 إلى الاشتراك في لقاء زراعي في مطعم حنوش في بلدة تعنايل، لمسنا خلاله تصميماً على إنشاء تعاونية لتصدير المنتوجات الزراعية مهما كان حجم التضحيات. ولقد لفتنا المشتركين في هذا اللقاء إلى مغبّة الإفراط في الاعتماد على تعاونية للتصدير محدودة الحجم لكثرة وصعوبة المطبات في الأسواق المستوردة ولشراسة المنافسة التي قد يواجهونها من المصدّرين المحليين الملّمين في أسواق التصدير والممسكين بزمامها ومن مصدري الدول المنافسة لمنتوجاتنا الذين يحظون في غالب الأحيان بدعم حكوماتهم. وإن أية خطوة في هذا المجال يجب أن تكون مستندة إلى تمويل ورعاية وتشجيع حكومي لا يحفل لصعوبات الانطلاق ولا ينوء تحت أعبائها.
ولقد استمرت لقاءتنا بالنقابات والتعاونيات والمزارعين حتى سنة 1984 من خلال «لجنة زراعية مشتركة» دعونا إليها مع نقيب المزارعين آنذاك النقابي المناضل المرحوم فهد محمد البيطار.
وفي هذه الأثناء وبصفتنا نائباً لرئيس منظمة الدراسات الزراعية العليا لدول البحر الأبيض المتوسط، اغتنمنا الفرصة لطرح مشكلة تسويق المنتوجات الزراعية اللبنانية وتصنيعها على مجلس إدارتها، في دورته الثامنة والخمسين (1984) فحظي باهتمام خاص. نتج عنه قرار وتحرك عملي.
وأما القرار فكان بالموافقة المبدئية على اقتراحنا بإنشاء معهد متوسطي لتسويق المنتوجات الزراعية في لبنان على أن تشترك في تحويله وإدارته المنظمات الإقليمية والدولية المختلفة كالأسواق الأوروبية المشتركة والمجلس الأوروبي ومنظمة الأغذية والزراعة وجامعة الدول العربية وغيرها..
وإنما نثبت فيما يلي مضمون هذا الاقتراح مع الإشارة إلى أنه قابل للتعديل، وإلى أن هذا المعهد فريد من نوعه في العالم، لجهة الأدوار والوظائف المطلوبة.
1- الدور الأكاديمي:
يقدم المعهد دراسات لسنة جامعية واحدة، ولدورات قصيرة الأجل (3- 6 أسابيع) لمجموعة من الطلاب ينتمون بالأولوية إلى لبنان، ودول البحر الأبيض المتوسط، ولدول أخرى في العالم أيضاً، وتشمل برامجها جميع المواضيع التي تتعلق بتسويق المنتوجات الزراعية ابتداء بجمع الإنتاج مروراً بتوضيبه وتعليبه وحفظه وتصنيعه وانتهاء بتوزيعه في الأسواق الاستهلاكية.. وتكون إدارته لبنانية بالتنسيق مع مراكز الدراسات الزراعية العليا في باريس، وفقاً لبروتوكول يجري الاتفاق عليه بين الحكومة اللبنانية وإدارة المركز ويحدد دور كل من الجانبين في تمويل المعهد، وتأمين هيئته التعليمية وتخصيص الأبنية اللازمة له إلخ...
2- الدور التجاري:
يجهز المركز بأدمغة الكترونية حديثة تسمح له بأن يكون مركزاً لتجميع المعلومات الدائمة حول الأمور التالية:
أ- مساحات الزراعات الرئيسية القابلة للتسويق في لبنان ودول البحر الأبيض المتوسط والعالم بواسطة مراسلات الكترونية مستمرة.
ب- تقدير حجم الإنتاج من هذه الزراعات وتأثره بالأحوال الطبيعية والظروف الاقتصادية في كل بلد.
ج- أوضاع الأسواق بالنسبة لهذه المنتوجات لجهة النقض أو الفيض في كمياتها والأسعار.
د- تحديد الجهات المغنية بالأسواق سواء كانت من القطاع العام أو من القطاع الخاص شركات وأفراداً... ووضع لائحة بها مع عناوينها (مكاتب، تلكس، تلفون...) وتوضع جميع هذه المعلومات التي لا تخفى أهميتها بالنسبة لتصريف الإنتاج الزراعي بتصرف من يشاء من المسؤولين عن القطاع الزراعي، والتعاونيات والتجار والمنتجين للإفادة منها وذلك في لبنان وفي جميع الدول الأعضاء في المنطقة.
3- الدور الغذائي:
تشتمل مهام المعهد على الإحاطة بموضوع الأمن القومي الغذائي، والعمل على توعية الرأي العام حول هذا الموضوع المتصل بالمجاعة العالمية التي تتربص بالعالم مع نهاية القرن الحالي. والتنسيق بين جميع الدول الأعضاء للتعاون على مواجهة هذا الخطر الذي يتهدد البشرية، وبذل الجهود المناسبة لدرئه، عن طريق توجيه الإنتاج الزراعي على أساس التكامل وتبادل التكنولوجيا الحديثة فيما بينها.
ونشير هنا إلى اهتمام المنطقة بهذا الموضوع خلال الاجتماع الذي عُقد بناء لدعوة وزير العلاقات الخارجية الفرنسية في 28 تشرين الأول 1983، بحضور سعادة السفير سميح البابا، والذي اتخذت فيه قرارات واضحة بهذا المعنى، وتدعو إلى تشكيل لجان قومية للعناية بالأمن الغذائي يجري التنسيق فيما بينها بإشراف الأمانة العامة للمنظمة في باريس.
وأما التحرك العملي فلقد تمّ بتوجيه من مجلس إدارة المنظمة مع جرمينال الفرنسية.
فم هي هذه المؤسسة؟
أولاً: إن مؤسسة جرمينال هي مؤسسة متخصصة بكامل الخدمات المتعلقة بالتنمية الاقتصادية والزراعية في فرنسا والعالم وهي تابعة للاتحاد العام للتعاونيات الزراعية الفرنسية وهي تعمل على تصريف منتوجات ما لا يقل عن 1800 تعاونية زراعية فرنسية بالتنسيق مع وزارتي التعاون والعلاقات الخارجية.
ثانياً: ما هي الإمكانيات التي توفرها هذه المؤسسة في خدمة الزراعة اللبنانية وبصورة خاصة على صعيد تصريف المنتوجات الزراعية.
من خلال المقابلة التي أجريناها مع المسؤولين عن المؤسسة وبصورة خاصة مع أمينها العام السيد دو فرانس De France وبعد عرض المشاكل التي يعاني منها القطاع الزراعي لجهة تصريف منتوجاته داخل البلاد وخارجها في الأسواق المحلية والعربية والعالمية والمتصلة مباشرة بمشروع المؤسسة التي نسعى إلى إنشائها لتسويق وتصنيع منتوجاتنا الزراعية تبين أن إمكانية العمل مع جرمينال يمكن بأن تقع ضمن الخيارات التالية:
1- الخيار الأول: تقديم الخبرة بناء للطلب
في هذا المجال تبدي المؤسسة استعدادها لتقديم خبراء عالميين يعملون في الحقل العملي لتسويق المنتوجات الزراعية وذلك:
1- بإيفاد خبراء في إدارة المؤسسة وفي تنظيم عمليتي التوضيب والتصنيف وهذا ما يعرّفون عنه بالجانب التقني من المساعدة.
2- بإيفاد خبير في تسويق المنتوجات الزراعية في الأسواق العربية التي يبدو بأنهم يعرفونها جيداً من خلال خبرة تمتد على خمسة عشر سنة مع الإشارة إلى أننا نستطيع أن نساهم في تنفيذ جانب من العقود التي يجرونها مع الدول العربية عندما يكون متعذراً عليهم تأمينها بنفسهم لأسباب طارئة وغير متوقعة.
إن تمويل إيفاد الخبراء المذكورين يمكن بأن يجري عن طريق وزارة التعاون والعلاقات الخارجية الفرنسية وهو ما كانوا سيسعون إليه عند الحاجة كما طلبوا منا إجراء اتصالات مماثلة ولنفس الغرض مع السفارة الفرنسية في لبنان.
2- الخيار الثاني: تعاون لبناني فرنسي لإجراء كافة الدراسات التمهيدية المتعلقة بإنشاء المؤسسة اللبنانية لتسويق وتصنيع الإنتاج الزراعي اللبناني ابتداء بتقدير الإنتاج المعد للتسويق وانتهاء بإعداد نظام المؤسسة آخذاً بعين الاعتبار المعطيات اللبنانية الفنية والاقتصادية والمعطيات المتعلقة بالأسواق الأجنبية والخصائص التي تفرضها أذوق المستهلكين والكميات التي يمكن بأن يطلبوها في هذه الأسواق. ويتناول هذا التعاون وضع مشروع مفصل للمؤسسة كما يتناول المساحة والأبنية والمعدات المتوجبة في ضوء الدراسات المنوه بها أعلاه مع تقدير كلفتها بالإضافة إلى استعدادهم لتنفيذها مباشرة إذا كان ذلك يناسب الجانب اللبناني.
وهكذا فإن إجراء الدراسات تتطلب زيادة تمهيدية لبعض خبراء جرمينال لمدة أسبوع يضعون بنهايتها تقريراً مفصلاً للحكومة اللبنانية أو لأية مؤسسة تعاونية أو خاصة تكون معنية بهذا الموضوع مع تفضيلهم للتعامل مع المؤسسات العامة أو التعاونية.
أما فيما يتعلق بنفقات هذه الزيارة فإنه من الممكن في حالة عدم تأمينها من الجانب اللبناني، وهذا ما أكدنا عليه، الحصول على مساعدة وزارة التعاون الفرنسية مباشرة من قبل جرمينال أو من خلال اتصالاتنا بالسفارة الفرنسية في لبنان.
3- الخيار الثالث:
رعاية جرمينال لإنشاء شركة مختلطة لتسويق المنتجات الزراعية بمساهمة الجانب اللبناني والمؤسسات المستوردة للمنتوجات اللبنانية في الخارج (في الأسواق الحالية وفي الأسواق الجديدة التي تفكر جرمينال بفتحها أمام المنتوجات اللبنانية) إن هذا الخيار من شأنه أن يضع جرمينال في موقع المسؤولية المباشرة لتصريف الإنتاج اللبناني بمقابل حصة في المؤسسة المذكورة أو بمقابل عمولة في حدود 1- 2% من أرباح المؤسسة وسيشمل هذا الخيار مضمون الفقرة السابقة لجهة إعداد الدراسات ووضع مشروع متكامل لإنشاء المؤسسة والاستعداد لتنفيذه بالإضافة إلى ما يلي:
1- إيجاد أسواق جديدة للمنتوجات الزراعية اللبنانية في أوروبا وأفريقيا وأميركا الجنوبية وإشراك المعنيين بهذه الأسواق سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص بالمساهمة في تمويل المؤسسة والمشاركة في أرباحها وخسائرها وفي تأمين وتصريف كمية دنيا محددة من المنتوجات الزراعية اللبنانية.
2- أما فيما يتعلق بدور جرمينال في هذا الخيار فإنه يتراوح بين حصولها على عمولة بنسبة 1- 2% من أرباح المؤسسة أو مشاركتها في تأسيس المؤسسة بنسبة يعود للجانب اللبناني تحديدها.
ونشير أخيراً إلى أن جرمينال وفي حال التوجه نحو هذا الخيار الثالث تأخذ على نفسها تحمّل الخسارة في حال حصولها.
إن هذا العرض الذي قدّمته مؤسسة جرمينال خلال المقابلة التي أجريناها مع أمينها العام بناء لتوصية من مجلس الدراسات الزراعية لدول البحر الأبيض المتوسط وبصورة خاصة لمندوب الحكومة الفرنسية في هذا المجلس يستحق الاهتمام والدرس خصوصاً وأننا كنا في حينه في صدد إنشاء مؤسسة وطنية لتسويق وتصنيع المنتوجات الزراعية وكنا نفضل بأن يكون مشروعها مستوفياً لكافة الدراسات الاقتصادية والتكنولوجية والقانونية وهي ما يمكن لمؤسسة جرمينال المختصة في هذا الحقل والجامعة لعدد من الخبرات في حقول التسويق والتوضيب المتمتعة بسمعة طيبة وبشبكة من العلاقات التجارية مع مختلف الأسواق الزراعية في كافة دول العالم أن تساعد على إنجازه.
وأخيراً، وبصدد إنشاء المؤسسة الوطنية لتسويق وتصنيع الإنتاج الزراعي اللبناني فلقد أدت الاجتماعات المتواصلة مع نقابة المزارعين وبعض التعاونيات والمزارعين والمسؤولين عن مجلس العلاقات الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الاتصالات التي أجراها المرحوم فهد البيطار مع المؤسستين الماثلتين في الأردن وقبرص، إلى صياغة المشروع الأولي التالي الذي يركز على المحافظة على حرية التجارة واحترام حقوق العاملين في قطاع توضيب وتصدير الإنتاج الزراعي:
1- في أهداف المؤسسة:
هنالك ثلاث حلقات يمر بها الإنتاج الزراعي في طريقه من الحقل إلى المستهلك.
الحلقة الأولى: من الحقل إلى المشغل
وتتضمن هذه الحلقة العلاقات التجارية والمالية بين التاجر والمزارع وغالباًَ ما يسودها الاضطراب، كما ترافقها النزاعات.
الحلقة الثانية: في المشغل:
حيث ينفرد كل تاجر بأسلوبه الشخصي في عرب الإنتاج وتوضيبه. ولا بد هنا من الإشارة إلى انعدام الجدية وغياب روح المسؤولية لدى بعض المصدّرين مما ينعكس سلباً على سمعة الإنتاج اللبناني في الخارج وبالتالي على قدرته التنافسية في أسواق أصبحت صعبة للغاية وتفرض التقيد بأرقى شروط التوضيب المعتمدة في الدول المتقدمة
الحلقة الثالثة: وهي حلقة التصريف
وتتناول الأسواق الاستهلاكية ولا سيما الخارجية منها حيث أثبت التاجر اللبناني بأنه يجيد هذه الحلقة بحذاقة بالغة ومشهود له بها عالمياً.
وعلى هذا الأساس فإن المؤسسة المزمع إنشاؤها تهدف إلى ضمان مصلحة المزارعين في تصريف منتوجاتهم وتأدية أثمانها في المهل المقبولة وتعزيز نوعية هذه المنتوجات مع الحفاظ على حقوق الجهات المصدّرة ضمن احترام مبدأ النظام الحرّ المتبع في لبنان.
2- في مهام المؤسسة وهيكليتها
أ- تنشا مؤسسة يطلق عليها اسم «المؤسسة الوطنية لتسويق وتصنيع الإنتاج الزراعي في لبنان».
ب- تشترك في إنشاء هذه المؤسسة مختلف الوزارات والمؤسسات والفعاليات المعنية بالشأن الزراعي ولا سيما:
1- المزارعون.
2- التعاونيات ونقابات المزارعين.
3- مصدرو المنتوجات الزراعية.
4- الدولة من خلال وزارات الزراعة والاقتصاد والتجارة ومجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية.
5- تتخذ المؤسسة فروعاً لها في مختلف المناطق الزراعية.
6- تقوم المؤسسة بتقدير الإنتاج الزراعي السنوي وتكون مسؤولة بالإضافة إلى تأمين الأسواق الخارجية، وتوحيد عمليات عرب الإنتاج وتصنيفه وتوضيبه وتصنيع الفائض منه وفقاً للمواصفات التي تفرضها الأسواق المستهلكة ضماناً لمستوى نوعية الإنتاج اللبناني وسمعته في الداخل والخارج. ويحصر بها فتح تمغة «إنتاج لبناني» ومع شعار الأرزة اللنبانية.. وصنف ... «كذا»... ونخب «كذا»... يقوم بتصدير الإنتاج الزراعي الممهور لشعار «إنتاج لبناني» مصدرون مصنفون وفقاً للائحة تصنيف فني تضعها وزارة الزراعة ووزارة الاقتصاد ويمكنهم بأن يضيفوا إلى هذا الشعار شعارات مؤسساتهم الخاصة.
7- تشتمل فروع المؤسسة في المناطق الزراعية على مراكز ثابتة مجهزة بأحدث المعدات في توضيب المنتوجات وتصنيفها عند الحاجة مع الحفاظ على مؤسسات التوضيب الخاصة القائمة وتشجيعها بغاية تحديثها شرط قبولها بمراقبة المؤسسة الوطنية فيما يعود لشروط التوضيب التي تعتمدها المؤسسة في مراكزها.
8- يكون لأسعار المنتوجات الزراعية المشمولة برعاية المؤسسة حد أدنى يزيد عن معدل سعر الكلفة بزيادة تتناسب مع مقتضيات تأمين حياة كريمة للمزارعين تضمنه المؤسسة وتدفعه للمزارعين فوراً، وضمن مهل مقبولة متفقة مع المعطيات الزراعية والتجارية.
9- ينشأ لضمان الحد الأدنى من الأسعار، صندوق يجري تمويله من أرباح المؤسسة ومخصصات الدولة ورسوم جمركية خاصة توضع على بعض المستوردات الزراعية.
10- يمكن للمؤسسة أن تصدر مباشرة إلى جانب المصدرين العاديين وعندها توزع أرباحها الصافية على المساهمين.
11- يجري الإعداد لإنشاء هذه المؤسسة عن طريقة المقابسة عن المؤسسة المماثلة في الدول التي سبقنا إلى إنشائها وذات النظام الاقتنصادي المشابه لبلادنا وعن طريق الاستعانة بخبراء مختصين ي القطاعات الخارجية والداخلية ولا سيما التعاونية منها، مع التشديد على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار المعطيات اللبنانية التجارية والزراعية والاجتماعية الخاصة.
أيها السادة.
أستميحكم عذراً. إن أطلت عليكم الكلام، وآمل أن أكون قد أحطت بالجوانب الهامة لمشكلة المنتوجات الزراعية اللبنانية. ويهمني التأكيد بأن مداخلتي لا تطمح لأن تكون أكثر من مدخل لبحث هذا الموضوع الصعب والخطير. الذي يحتاج لدراسات طويلة ودقيقة من الوجهات الاقتصادية والزراعية والتقنية والسياسية. وإنني بتصرفكم وتصرف أية جهة مسؤولة أو أهلية تحزم أمرها على التصدي لمعالجته تخطيطاً وتأسيساً وتنفيذاً.
ولد نبيه غانم في بلدة صغبين بالبقاع الغربي، واتم مراحل دراسته من الابتدائية حتى الثانوية في مدرسة الفرير في الجميزة.
حاز غانم على 3 شهادات جامعية، فنال شهادة الهندسة الزراعية من المعهد الزراعي الوطني في غرينيون بفرنسا، كما نال اجازة في الحقوق من جامعة القديس يوسف في بيروت، اضافة الى شهادة دبلوم الدكتوراه في العلوم الاقتصادية من جامعة القديس يوسف ايضا.
شغل غانم عددا من الوظائف الادارية في لبنان وخارجه، بحيث تسلم رئاسة ادارة الثروة الزراعية في لبنان من العام 1958 حتى العام 1964 ، ورئاسة مصلحة زراعة البقاع من العام 1964 حتى العام 1970، ومن ثم رئاسة مصلحة التعاون في البقاع من العام 1973 حتى العام 1992، واخيرا تم تعيينه مستشارا لمجلس ادارة بنك بيروت للتجارة من العام 1992 حتى العام 1997.
كما عيّن غانم مندوبا للبنان لدى منظمة الدراسات الزراعية العليا لدول البحر المتوسط من العام 1980 حتى العام 1993، ونائباً لرئيس المنظمة نفسها من العام 1984 حتى العام 1986.
الى جانب الوظائف الادارية، عمِل غانم في مجال التدريس الجامعي، فعمل كأستاذ محاضر بمادة الاقتصاد في كلية الحقوق بالجامعة اللبنانية من العام 1978 حتى العام 1995، وكأستاذ محاضر بمادة الاقتصاد في كلية الزراعة بجامعة القديس يوسف من العام 1978 حتى تاريخه، اضافة الى تدريسه مادة الاقتصاد الزراعي في كلية الصيدلة في الجامعة اليسوعية منذ عام 2003 حتى تاريخه. كما عمِل غانم كأستاذ زائر بمادة الاقتصاد،في معاهد الدراسات الزراعية العليا في "" ايطاليا ، "" اليونان، و"" فرنسا، خلال فترة عضويته في منظمة الدراسات الزراعية العليا لدول البحر الابيض المتوسط من العام 1985 حتى العام 1993.
للدكتور نبيه غانم مؤلفات كثيرة منها، المشكلة السكرية في لبنان عام 1966، الزراعة اللبنانية وتحديات المستقبل عام 1972، التسليف الزراعي في خدمة التنمية عام 1984، الزراعة اللبنانية بين المأزق والحل عام 1998، مشروع قانون الزراعة عام 1996، خطة "التنمية الزراعية" للبناني عام 2009، و مشروع بحيرة الليطاني السياحي.