دعا المجمع الأنطاكي المقدس، في ختام دورته الاستثنائية في معهد القديس يوحنا الدمشقي في البلمند، برئاسة بطريرك الروم الارثوذكس يوحنا العاشر، إلى "إتمام الاستحقاقات الدستورية في سوريا وفي لبنان في موعدها وضمن مهلها الدستورية بما يكفل صون كل ركائز الدولة المدنية من سيادة واستقرار وعيش مشترك يقود إلى خير هذه البلدان ونمو إنسانها ورفاهه". وتناولوا "الشأن الكنسي العام"، مستعرضين "آخر مستجدات الخلاف مع البطريركية المقدسية".
واستعرض آباء المجمع "للواقع الأليم الذي تعيشه منطقتنا وخاصة سوريا"، مؤكدين أنهم "إلى جانب شعبنا الذي سيمسح الله كل دمعة من عينه"، وجددوا الدعوة "للحفاظ على مبادئ العيش المشترك، مسلمين ومسيحيين، في سوريا وفي لبنان وفي كل بقاع المشرق"، مؤكدين على المواقف التي سبق وأعلنوها". وجددوا مناشدتهم العالم بـ"إطلاق المخطوفين، ومن بينهم مطرانا حلب بولس ويوحنا المخطوفان منذ سنة وسط صمت عربي ودولي مخز".
ولفت بيان المجمع الى انه "لما كانت بطريركية القدس قد قامت بتاريخ 4 آذار 2013 بانتخاب الأرشمندريت مكاريوس مطرانا على أبرشية قطر، بعد استحداث هذه الأبرشية، التي تقع ضمن حدود أبرشية بغداد والكويت والجزيرة العربية وتوابعها والتي تعود إلى بطريركية أنطاكية؛
ولما كانت هذه البطريركية قد قامت برسامة الأرشمندريت المذكور بتاريخ 10 آذار 2013 مطرانا على هذه الأبرشية المستحدثة، بالرغم من اعتراض البطريرك الأنطاكي على إنشائها وعلى الانتخاب، والذي عبر عنه باتصال هاتفي بغبطة بطريرك القدس وبقداسة البطريرك المسكوني؛
ولما كان البطريرك الأنطاكي، قد أرفق اعتراضه الشفهي، برسالتين خطيتين مؤرختين بتاريخ السادس والثامن من آذار 2013 إلى كل من بطريرك القدس والبطريرك المسكوني، لم يلق عليهما أي جواب؛
ولما كان المجمع الأنطاكي المقدس قد انعقد بتاريخ 13 آذار 2013 بدورة استثنائية لبحث هذه المسألة وتبعاتها؛ حيث قرر اعتبار ما قامت به كنسية القدس تعديا على حدود البطريركية الأنطاكية، وطلب من بطريركية القدس "إصلاح الوضع في أسرع وقت" كي "لا تضطر (الكنيسة الأنطاكية) إلى اتخاذ مواقف تصل إلى قطع الشركة مع الكرسي المقدسي، وإلى إعادة النظر في العلاقات الأرثوذكسية وفي اتفاقيات جنيف الحاصلة من قبل اللجان التحضيرية للمجمع الأرثوذكسي الكبير المقدس، ومن ضمنها ما يعود إلى الانتشار الأرثوذكسي"؛
ولما كانت وفود أنطاكية قد زارت الكنائس الأرثوذكسية الشقيقة لعرض هذه المسألة عليها ولإفساح المجال أمام الحلول السلامية تفاديا لما يمكن أن يتهدد الكنيسة الجامعة من مخاطر؛
ولما كان المجمع الأنطاكي المقدس في دورته العادية الأولى في حزيران 2013 قد استعرض الرسائل المتبادلة مع بطريركية القدس بشأن هذه المسألة، وقرر قبول مبادرة البطريركية المسكونية لعقد لقاء بين البطريركية الأنطاكية والبطريركية المقدسية وبحضور البطريركية المسكونية في وزارة الخارجية اليونانية، في أثينا يوم الجمعة الواقع فيه 21/ 6/ 2013؛
ولما كان هذا الاجتماع قد انعقد في التاريخ المتفق عليه، وأدى إلى الاتفاق على مبادرة ثلاثية النقاط قوامها إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل الرسامة الأسقفية، ومن ثم تدارس الحضور الرعائي لبطريركية القدس في قطر وفقا للتقليد الكنسي المستقر؛
ولما كانت بطريركية القدس قد تنصلت من الاتفاق المذكور وأمعنت في تعديها، بالرغم من جميع المبادرات والوساطات التي قامت بها البطريركية المسكونية والحكومة اليونانية لحل هذه الأزمة وفقا للقوانين الكنسية وبروح سلامية، ناقش المجمع الأنطاكي في دورته العادية الثانية المنعقدة في تشرين الأول 2013 هذه المسألة مجددا، وبهدف تغليب الحل السلامي على غيره من الحلول قرر ضرورة إيجاد حل لهذه الأزمة في مدة أقصاها شهران من تاريخ المجمع وفوض إلى صاحب الغبطة في حال عدم استجابة كنيسة القدس لمطلب الكنيسة الأنطاكية المحق بإزالة التعدي على حدودها القانونية باتخاذ الإجراءات اللازمة بما فيها قطع الشركة؛
ولما كان البطريرك الأنطاكي قد تلقى دعوة لانعقاد لقاء رؤساء الكنائس الأرثوذكسية في البطريركية المسكونية في الفنار ما بين 6 و9 آذار 2014 فقد علق تنفيذ هذا القرار وطلب من قداسة البطريرك المسكوني في رسالته الجوابية العمل على إيجاد حل لهذه المسألة قبل انعقاد لقاء رؤساء الكنائس؛
ولما لم تتم معالجة هذه المسألة في الاجتماعات التحضيرية للقاء الكنائس الأرثوذكسية؛ ولم تدرج على جدول أعمال الاجتماع بالرغم من طلب الوفد الأنطاكي؛ وحيث أن جميع محاولات حل هذه المسألة اصطدمت بحائط الفشل؛ قررت البطريركية الأنطاكية تعليق توقيعها على البيان الختامي للقاء رؤساء الكنائس وعدم المشاركة في القداس الاحتفالي بمناسبة أحد الأرثوذكسية؛
وبناء على كل ما تقدم، وأمام تعنت بطريركية القدس واستمرارها في التعدي على حدود البطريركية الأنطاكية بالرغم من كل المبادرات السلامية التي اتخذتها هذه الأخيرة لتجنب قطع الشركة مع بطريركية القدس، وأمام عجز الكنائس الأرثوذكسية عن المساهمة في حل هذه الأزمة وفقا لمقتضيات القانون الكنسي؛
وأمام تشبث البطريرك المقدسي في رسالته المؤرخة في 29 شباط 2014 والتي سلمت إلى الوفد الأنطاكي في اجتماع الفنار-البطريركية المسكونية، بتجديد ادعائه بأن "سوريا والعربية" تقعان ضمن نطاق البطريركية المقدسية؛
فإن المجمع الأنطاكي المقدس إذ يعيد التأكيد أن أبرشية بغداد والكويت والجزيرة العربية وتوابعها، هي أبرشية من أبرشيات الكرسي الأنطاكي تشمل حدودها الدول التالية: إيران، العراق، الكويت، البحرين، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، قطر، سلطنة عمان واليمن. وأن أي وجود أرثوذكسي في أي من هذه الدول يجب أن يراعي التقليد الأرثوذكسي المستقر وقواعد الحق الكنسي الذي يرعى علاقة الكنائس بين بعضها البعض. قرر ما يلي:
1- الطلب من البطريرك الأنطاكي عدم ذكر البطريرك المقدسي في الذيبتيخا (لائحة رؤساء الكنائس الأرثوذكسية) في معرض ذكره للبطاركة ورؤساء الكنائس الأرثوذكسية؛
2- إلغاء الفقرة الثانية من القرار رقم ع 2-5-2013 المتخذ في الدورة المجمعية المنعقدة في تشرين الأول 2013 لتحقيقها الغاية المبتغاة من اتخاذها؛ وإعادة الحضور الأنطاكي بشكله السابق للقرار المذكور إلى "مجالس الأساقفة" في بلاد الانتشار.
3- الطلب من البطريرك مخاطبة رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشقيقة لإبلاغهم بحيثيات هذا القرار والطلب منهم التحرك لحل هذه الأزمة التي ستؤدي تداعياتها إلى إعاقة الشهادة للوحدة الأرثوذكسية.
4- تفويض صاحب الغبطة باتخاذ ما يلزم من إجراءات لتنفيذ هذا القرار أو وقف مفاعيله فيما لو زالت أسباب اتخاذه.
وتابع الآباء القضايا الكنسية الأخرى، فتدارسوا مسألة تشكيل المجلس التأديبي الإكليريكي الاستئنافي، وأقروا هيئتيه الأصيلة والرديفة بالشكل التالي: الياس متروبوليت بيروت رئيسا أصيلا، اسحق متروبوليت ألمانيا رئيسا رديفا، الأسقف أثناسيوس فهد مستشارا أصيلا، الأسقف ديمتري شربك مستشارا أصيلا، الأسقف نقولا بعلبكي مستشارا رديفا، الأسقف إيليا طعمة مستشارا رديفا، الأرشمندريت يوحنا بطش أمينا للسر، الأرشمندريت ابراهيم داود مساعدا لأمين السر، وأقروا تعيين الأستاذ الياس نقولا موسي نائبا كنسيا عاما في هذا المجلس. كما أقروا اللائحة السنوية للأهلية للأسقفية لسنة 2014.
وفي الختام رفع آباء المجمع الصلاة من أجل السلام في المشرق وفي كل العالم وتوجهوا بالتحية الفصحية لكل أبنائهم في الوطن وبلاد الانتشار، طالبين منهم "الصلاة لكي يسكب الله سلامه في الربوع الأنطاكية ويجلو النفوس بقوة ورجاء المسيح المتألم والناهض من القبر ويمسح بنور قيامته المجيدة كل براياه".