أشارت صحيفة "الثورة" السورية إلى أن "ألمانيا لم تعتد أن تظهر في الواجهة، وفي الأغلب كانت تبطن غير ما تعلن، ومارست أدوارها في خدمة المشروع الأميركي في المنطقة بعيداً عن الاندفاعات التقليدية التي سبقها إليها البريطانيون وتفوّق عليها الفرنسيون، لكنها في كل مرة كانت تسبق حليفاتها فيما يخص استهداف المنطقة، سواء ما يتعلق بعلاقتها بإسرائيل وتسليحها الخفي ومنها تزويدها بما لم تقدم عليه أميركا ذاتها، أم ما استجد من مواقف وحالات تورط مباشرة في دعم الإرهابيين في سوريا".
وفي إفتتاحيتها، رأت الصحيفة أن "ما كشفت عنه مجلة "دير شبيغل" الألمانية مؤخراً من معلومات عن تورط ألماني في تسليح الإرهابيين، ليس عفو الخاطر ولا هو مجرد مصادفة في خطاب إعلامي يعيد مراجعة أدواته ومواقفه على حد سواء، وتتبوأ المجلة الأوروبية الأشهر في علاقاتها بالاستخبارات الغربية ومراكز البحوث العسكرية الصدارة في مقاربة تلك المراجعة، وتحديداً عن الدور الألماني وما تعكسه العلاقة بين المجلة والحكومات الألمانية المتعاقبة"، مضيفة: "المشهد لا يأخذ صفة الاعتياد في ظل تزامنه مع المعلومات الميدانية التي تتحدث عن امتلاك الإرهابيين أسلحة متطورة من أميركا، وتسويق مشاهد استخدام تلك الأسلحة من قبل المجموعات الإرهابية في أكثر من موقع، فالأدوار لا تتكشف إلا في النهايات وبالتوازي مع إفلاس الجبهات التي أشعلتها الخرائط المحدثة لهذه الغاية على امتداد الصورة الافتراضية المرافقة لها".
وأشارت إلى أن "المقاربة بصورتها البسيطة قد لا تكفي لمحاكاة الكثير من الأسئلة التي تثيرها المواقف الغربية وتناقضاتها المتعددة بلبوس من الألغاز والأحجيات، حيث الذعر الاوروبي من رحلة العودة للإرهابيين لا تلتقي بأي حال مع تجديد صفقات الأسلحة للإرهابيين ذاتهم، والخشية والحديث المطول عن إجراءات ولقاءات لمواجهة المد المتنامي للمخاوف الأوروبية من تلك العودة لا يستقيمان مع واقع اللهاث وراء حصة إضافية على رقعة الاشتعال الأميركي"، مضيفة: "واقع الحال الأوروبي اليوم يستكمل فصول المهاترات السياسية فيه مع التورط الألماني، ولا يخرج في نهاية المطاف عن منهج النفاق والدجل على جبهات السياسة والدبلوماسية والإعلام وصولاً إلى التسليح، مروراً بحمل لواء مكافحة الإرهاب الممزوج بكثير من القرائن الدامغة على القنوات المفتوحة مع الإرهابيين وتنظيماتهم، وتوثيق ذلك عبر الدول الداعمة لهم والممولة لصفقات تسليحهم وتدريبهم".
وأضافت: "ليس من الصعب الربط بين ما يتكشف على أعمدة الصحف الغربية وما تفرضه التطورات السياسية والميدانية، ولا الاستنتاج بناء على مواقف أوروبية وغربية معلنة وصريحة، ولا الوصول إلى الخلاصات التي تؤكد أن تلك المواقف لن تعدل في اتجاه الأحداث، وليس بمقدورها التأثير في عزم السوريين على استكمال خطواتهم ورفض أي شكل من أشكال التدخل فيما يخص سيادتهم، لكنه على المقلب الآخر أيضاً يؤشر إلى إصرار غربي على النفخ في نار الإرهاب، وتوفير كل ما يمكن من أجل إبقاء جبهات الاشتعال متقدة في تعويل إضافي على الوهم".
وأضافت "الثورة": "تستطيع ألمانيا أن "تفاخر" بما أنجزته من صفقات الأسلحة السرية للإرهابيين حين تقدم لائحة بخدماتها للأميركي ومشروع الفتنة في المنطقة، لكنها ليست بريئة من خيوط الخراب والدمار التي تنسجها أصابعها المتورطة في تسليح الإرهابيين، وإذا كان الدور الألماني في نهاية المطاف استكمالاً للأدوار الأوروبية الأخرى في مثلث الأطماع وثالوث التآمر على المنطقة، فإنه كغيره لن يضيف سوى مزيد من الرماد على ما هو متراكم، ليؤكد في نهاية المطاف استمرار التعويل الأميركي والأوروبي والإسرائيلي على الإرهاب في خدمة الأجندات الغربية"، قائلة: "يستطيع الضجيج الغربي عموماً والأميركي المفتعل حيال ما يجري في الميدان الاستحواذ على مساحات كبرى من الإعلام، وأن يهيمن على ما سواه تحت ضغط الحاجة إلى تسويق مشاريع بديلة، بعد أن أفلست وتكاد تعلن ذلك ولو جاء بشكل موارب، لكنه ليس بمقدوره أن يحول دون أن يتسرب من خلف المشهد، وبعيداً عن الكواليس المعلبة والمصنعة في الآن ذاته، الكثير من تلك التفاصيل التي تصطادها دير شبيغل وغيرها".
وأضافت: "بين تضاريس ذلك الضجيج تمرر الدول الغربية خطاباً ملتوياً لا يكتفي بما تضمنه من نفاق سياسي، ولا يقتصر على الدجل المكشوف، بل يستدرج فائضاً إضافياً من المراوغة السياسية التي تتجاوز في كثير من الأحيان منطق الجدل، بعد أن تحولت السياسة الأوروبية إلى ممسحة لما ينتج عن الأدوار الأميركية القذرة، وتحاول أن تنظف ما يعلق تحت أظافر الهيمنة الأميركية وهي تغرز أنياب أطماعها في حياة الشعوب ومستقبل وجودها، رغم ترنحها الظاهر للعيان".