بعد عام كامل أجرت خلاله وزارة الصحة مئات الفحوص المخبرية على مرضى مصابين بالتهابات رئوية حادة، أعلن امس عن أول حالة اصابة في لبنان بفيروس كورونا، الذي ظهر للمرة الاولى في السعودية في ايلول . وشددت وزارة الصحة على متابعة التحقيقات الوبائية وعمليات الرصد للتأكد من عدم تفشي هذا الوباء.
سجلت في لبنان أول حالة اصابة بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الاوسط التنفسية، الذي يؤدي الى التهابات رئوية حادة. وأعلن وزير الصحة وائل ابو فاعور، أمس، «من منطلق الشفافية تجاه الرأي العام اللبناني، والمسؤولية والحرص على سلامة وصحّة اللبنانيين»، تشخيص «حالة واحدة لمريض مُصاب بفيروس كورونا، كان قيد المعالجة في أحد المستشفيات».
وأوضح أن وزارة الصحة بادرت إلى التأكّد من تدابير السلامة التي اتّخذها المستشفى، ومن اتّباع الأصول العلمية في العلاج والوقاية، وهو الأمر الذي أدّى إلى تحسّن ملموس في صحة المريض، بما سمح له بمغادرة المستشفى.
المدير العام للوزارة الدكتور وليد عمار قال في اتصال مع «الاخبار» ان الاجراءات التي اتخذها المستشفى كانت ممتازة، كاشفاً ان مختبرات الوزارة اجرت، منذ بداية ظهور الفيروس، مئات الفحوص المخبرية على مرضى أصيبوا بالتهابات رئوية، وثبت انهم كانوا في منطقة الخليج قبل دخولهم الى لبنان. وأوضح عمار: «أول من أمس، كان هناك شكوك في احدى الحالات وكانت النتيجة سلبية، لكننا قلنا اننا معرضون لوصول مصابين، وهذا ما ثبت اليوم (امس) من خلال النتيجة التي اعلناها بكل شفافية». وأشار الى ان «الاجراءات الوقائية على المعابر الحدودية هي من باب تطمين المواطنين، لكننا لن نعمد الى فحص كل مغادر لديه ارتفاع في درجات الحرارة، إلا اذا كان التشخيص الطبي في المطار يوصي بذلك».
ولفت عمار الى ان كل الدول التي اعلنت عن وجود حالات «كورونا» ناتجة عن زوار من دول خليجية لم تعلن لاحقاً استيطان الفيروس وتحوله الى وباء، وخصوصاً ان انتقال الفيروس من مريض الى آخر يخفف من حدة الاصابة ولا يفاقمها. وكشف أن الوزارة أجرت تدريبات للفرق الطبية في المستشفيات حول كيفية التعاطي مع الحالات المشابهة، بدءاً بالكمامات والثياب الواجب ارتداؤها من قبل الفريق الطبي والممرضين، مروراً بمسار التعاطي العلاجي مع المريض.
ولا شك في ان اكتشاف اول حالة امس سيرفع درجة الجاهزية في المستشفيات اللبنانية، ويشعرها بمسؤولية اعلى تجاه الحالات التي لديها التهابات رئوية، وخصوصاً ان تقرير منظمة الصحة العالمية، الذي صدر اول من امس، بيّن ان إحدى اهم ركائز احتواء الفيروس والتقليل من مخاطره ترتبط بآلية تعاطي المستشفى مع المريض، وتأمين العلاج اللازم والفوري له، الامر الذي لم يكن يحصل في بداية اكتشاف المرض في الخليج، وهو ما ادى الى ارتفاع حالات الوفاة في حينها.
ذكرت المنظمة في تقريرها أن انتشار كورونا في المستشفيات يعود الى أسباب منها «مخالفات» لإجراءات أوصت بها لمنع العدوى والسيطرة عليها، لكن لفتت الى أن الأدلة الحالية تشير إلى عدم حدوث تغير كبير في قدرة الفيروس على الانتشار.
وقد حثت وزارة الصحة الجسم الطبّي والتمريضي والمؤسسات الصحّية على عدم التهاون في اتّخاذ أقصى التدابير الوقائية، وإبلاغ برنامج الترصّد الوبائي عن أيّة حالة مشتبه فيها لمتابعتها، كما أكدت الوزارة عدم وجود مبرّر للخوف، ودعت الى اتّخاذ التدابير المعتادة للوقاية من الأمراض التنفّسية، علماً أنّ الحالات التي سُجّلت في بعض دول العالم، وكان مصدرها دول الخليج، لم تؤدّ إلى انتشار الوباء في هذه الدول.
وكان ابو فاعور قد جال امس في مطار رفيق الحريري الدولي برفقة رئيس لجنة الصحة النيابية عاطف مجدلاني، حيث اطّلع على الإجراءات المتّخذة من فريق الحجر الصحي وفرق الأطباء والممرضين التابعين للوزارة في المطار. وأوعز بتشغيل كاميرات المراقبة الحرارية لرصد أي مسافر تظهر عليه عوارض الحرارة المرتفعة، كما اطّلع على الزيادة التي حصلت على التجهيزات الطبّية لمركز الوزارة هناك، إضافة إلى الكادر الطبي الذي بات يضم 8 أطباء و16 ممرضاً وممرضة.
ويُعدّ برنامج الترصد الوبائي في وزارة الصحة قائمة اولويات في التعاطي مع انتشار فيروس كورونا، من أبرزها الإبلاغ السريع والكامل عن الحالات، مصحوبة بتاريخ المخالطة. وبعدها تعلن وزارة الصحة كافة التفاصيل المتعلقة بنتائج الرعاية الصحية والمعالجة، وتجميعها بطريقة موحدة، وهي أمور ضرورية كي يتمكن الخبراء في منظمة الصحة العالمية من تكوين صورة للتدخلات التي تفيد في مكافحة الفيروس. ويبحث العلماء في مختلف أنحاء العالم عن مستودع حيواني للفيروس، منذ تأكدت حالات الاصابة البشرية الأولى في سبتمبر أيلول 2012.
وتسبب الفيروس الذي ينتمي الى عائلة الفيروسات التاجية في مقتل 121 شخصا في السعودية منذ رصده قبل عامين. ويعمل عشرات الآلاف اللبنانيين في دول الخليج، لا سيما منها السعودية. وتطالب الحكومة اللبنانية برفع حظر السفر الى لبنان الذي تفرضه عدد من دول الخليج على مواطنيها مع اقتراب موسم السياحة الصيفية، كما ان بعثات العمرة والحج السنوية الى السعودية من مختلف دول العالم ساعدت على انتشار الفيروس، الذي يصيب البشر بأعراض تشمل السعال والحمى والالتهاب الرئوي. ورصدت حالات في السعودية وقطر والكويت والأردن والإمارات وماليزيا وعمان وتونس وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا.