تدرك أوساط طرابلسية أنّ مثلث الحرمان (التبانة ـ القبة ـ الاسواق الداخلية) بحاجة إلى إعلان حالة طوارئ انمائية على كافة الصعد، خصوصًا أنّ هذه المناطق تعاني من حالة بؤس باتت متجذرة تحتاج إلى استنفار الوزارات المعنية لاعادة إعمارها وتوفير الخدمات الاغاثية الصحية والاجتماعية.

فمنذ انتهاء الجولة العشرين من الاقتتال العبثي وبدء تنفيذ الخطة الامنية والتي قطعت شوطا كبيرا من الانجازات الميدانية حيث تم توقيف عدد كبير من المتورطين في الاحداث الدامية التي ألمت بالمدينة على مدى ثلاث سنوات، بدأت تظهر عملية تنافس من نوع آخر بين القوى السياسية التي سارعت في تقديم المساعدات العينية لكسب ود الشارع الناقم عليها نتيجة الاهمال والحرمان اللاحق بمناطقهم على مسمع ومرأى نوابهم ووزرائهم.

وكشفت الأوساط نفسها أنّ تيار "المستقبل" وضع خطة لاستنهاض حالته الشعبية عبر تقديم المساعدات المالية، وهذه المساعدات تم توفيرها لاهالي البداوي والمنكوبين والقبة والتبانة، لكنها توزيع المبالغ المالية يحصل، بحسب الأوساط الشعبية، باستنسابية ووفق المزاجية بحيث تنحصر على المقربين جدًا من التيار وليس على الأكثر فقرًا وحاجة في مناطق البؤس والحرمان عدا عن ضآلة المبلغ المقدم للعائلة والذي لا يتجاوز المئتي ألف ليرة لبنانية. وبدلا من أن تؤدي هذه المساعدات الى تنفيس الاحتقان حيال "المستقبل" وقادته، رفعت من منسوب النقمة عليه سيما وان المطلوب خطة انقاذ سريعة انمائية اعمارية وتعويضات متوازنة للمتضررين.

ويقوم مكلفون من مسؤولي "المستقبل" بإعداد لوائح اسمية فيما تقوم تيارات اخرى باعداد لوائح للمقربين منهم الذين جرى استثناؤهم من مساعدات "المستقبل" وشملت أيضًا أئمة المساجد والمشايخ ومدرّسي التربية الدينية الذين جرى تخصيصهم بمبلغ 500 ألف ليرة لكل شيخ وامام مسجد و300 ألف ليرة لمدرسي التربية الدينية.

وعلقت اوساط شعبية على هذه المساعدات التي رأت فيها انها لذر الرماد في العيون وانها لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تسد رمقا لعائلات عانت ولا تزال تعاني شرور الفقر والحرمان والبطالة بل ان البعض من هذه الاوساط اعتبرت انها احيانا تتضمن اهانات لكرامة المواطن فيما المطلوب خطة انقاذ شاملة.

بيد أنّ توزيع المساعدات لم يقتصر على تيار "المستقبل" بل سارع تيار رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي وانصار الوزيرين السابقين فيصل كرامي ومحمد الصفدي، كل من موقعه، إلى توفير المساعدات الغذائية حيث بدا التنافس واضحا بين هذه التيارات لاستقطاب الشارع في ظل المعاناة والظروف المريرة التي تعيشها المناطق الواقعة ضمن احزمة البؤس.

ولفتت أوساط شعبية إلى أن مشروع وزارة الشؤون الاجتماعية الذي اعلن عنه الوزير رشيد درباس في اطلاقه البطاقة الغذائية المؤقتة الصادرة عن البرنامج الوطني لدعم الاسر الاكثر فقرا والذي سيبدأ العمل بها اعتبارا من اول حزيران المقبل من منطقتي التبانة وجبل محسن قد يكون الخطوة الامثل حيث توزع البطاقة الممغنطة على العائلات والتي تؤمن ما قيمته 30 دولار للفرد الواحد من العائلة بما لا يتجاوز الـ150دولار شهريا تستطيع عبرها العائلات شراء حاجياتها الغذائية من محلات محددة في المناطق اللبنانية ويبلغ عددها 250 موزعة على مساحة لبنان، وهو مشروع مدعوم من وزارة الشؤون الاجتماعية والبنك الدولي والمفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين.