ما كان للخطة الامنية أن يكتب لها النجاح لولا خروج المسؤول السياسي للحزب العربي الديمقراطي رفعت علي عيد من جبل محسن.. فخروجه من المنطقة كان المخرج الذي أذن للخطة الامنية ان تنطلق وتعيد الاستقرار الى طرابلس وتنهي البؤرة الامنية المتوترة وتوقف طاحونة الموت والدمار التي استمرت ثلاث سنوات متواصلة.
وخروج رفعت عيد من جبل محسن أزال الحجج والمبررات لدى قادة التبانة والقوى السياسية ووضع حدًا للذين دأبوا على اتهام الجيش بالكيل بمكيالين..
يبدو اليوم جبل محسن أنه بات بغير قائد وقيادة حتى أنّ حجم الصور التي كانت مرفوعة قد خفت واقتصرت على القليل منها في نطاق جغرافي ضيق عكس ما كانت الحال عليه قبل الخطة الأمنية حيث كانت الصورة حجة للفريق الآخر بانها استفزازية وادت الى رفع صور وشعارت مناهضة في مواجهتها..
حسب مصادر جبل محسن، فإن رفعت عيد غادر المنطقة مجبرًا مع كثير من خيبة الامل بحلفائه الذين تركوه يواجه مصيره نتيجة تسوية ما رسمت لانجاز الخطة الامنية التي لن تتحقق الا بمغادرة عيد او باعتقاله..
تقول هذه المصادر أن خيبة رفعت عيد تكمن في مساواته بزياد علوكي وسعد المصري بينما يعتبر نفسه قطبًا سياسيًا وممثلاً للطائفة العلوية وليس بقائد محور ورغم ذلك آثر المغادرة كي لا يتهم بعرقلة الامن غير ان عتبه على حلفائه كبير لاعتقاده انه كان يمكن اعتماد مخارج اخرى تحفظ له مكانته وموقعه السياسي في حين ان الذي جرى ادى الى نكسة كبرى لموقعه السياسي ولزعامته في الطائفة الاسلامية العلوية وانه يدفع ثمن فبركات لملفات امنية لا تمت بصلة اليه.
في ظل هذا الواقع تسود الشارع الطرابلسي شائعات كثيرة حول مغادرة رفعت عيد بان جبل محسن يفتش عن قائد جديد بديل وان السكان يريدون زعيما سياسيا للطائفة العلوية يعيد نسج علاقات اجتماعية طبيعية مع طرابلس بكافة احيائها حيث تؤكد بعض المصادر ان لا عودة لرفعت عيد الى المنطقة المذكورة خصوصا بعد صدور مذكرات توقيف بحقه وان ابناء الطائفة العلوية باتوا يرجحون اسماء لقيادات علوية جديدة بديلة تلقى تأييدا واجماعا منهم ومباركة من المجلس الاسلامي العلوي وقد بدأت تطفو على سطح المدينة اسماء عدة يتم التداول بها بدءا من النائب السابق احمد حبوس الى الدكتور نصر خضر والد محافظ بعلبك-الهرمل بشير خضر مرورا بالسيدة ليلى شحود الناشطة في الحقل العام وعضو مجلس بلدية طرابلس.
وتتحدث اوساط طرابلسية ان حجم الملفات التي اعدت بحق رفعت عيد والتي رافقتها بروباغندا اعلامية كبيرة تجعل من عودته الى طرابلس صعبة للغاية الا في حالتين:
الحالة الاولى اعادة احياء الاتفاق الذي جرى في منزل المفتي الشيخ مالك الشعار حيث جرى توقيع الاتفاق بين رئيس الحكومة السابق سعد الحريري والنائب السابق علي عيد وهذا امر مستبعد حتى الآن.
والحالة الثانية عودة التوتر والسجال السياسي والامني الى الساحة اللبنانية نتيجة العقبات التي تعرقل انتخاب رئيس للجمهورية مما يؤدي الى انهيار الخطة الامنية في طرابلس وجعلها ساحة تنفيس للاحتقان السياسي العام.
وتفاوتت الاراء في جبل محسن حول غياب رفعت عيد حيث اعتبر البعض ان غيابه هو فك الحصار الذي فرضته المجموعات المسلحة على الجبل منذ اكثر من ثلاث سنوات، وبدأت الحياة تعود الى طبيعتها تدريجيا. وكانت لافتة الحركة الناشطة التي شهدتها طلعة الشمال حيث كان يعتبر هذا الطريق خط تماس بين التبانة وجبل محسن، كما شهد ازدحام سير، وفتحت المحلات التجارية على جانبي الطريق، فيما اعتبرت اصوات أخرى ان غياب عيد مؤقت وان عودته ليست بعيدة، وغيرهم يرفض التعليق على مجريات الاحداث، لانهم يخشون من عودته وغضبه عليهم.
بانتظار ما تخبئه الايام المقبلة فان معظم اهالي جبل محسن يلتزمون الصمت نتيجة النكبات المتتالية التي انهالت عليهم، ويعتبرون ان رأيهم لا يقدم ولا يؤخر في اختيار شخصية علوية تمثلهم خصوصا وان اصواتهم الانتخابية لا تمثل الا 5% من اصوات الناخبين في طرابلس.