هي الرئاسة... الموقع الأول في الجمهورية اللبنانية قبل الطائف بالفعل وبعده بالاسم! للمرة الأولى منذ الطائف، يطبّق الطائف بحذافيره ومن حيث لا يدري مطبّقوه.

حكومة وفاقية تمثّل الشريحة الأكبر من اللبنانيين، عبر تفاهم عريض استطاع ضبط الأمن واعتقال أكثرية المطلوبين. مجلس نيابي يلتئم في محاولة لسنّ القوانين ورفع الظلم عن المظلومين، ناهيك عن انسجام بين الخصوم السياسيين الذين كانوا أعداء الأمس القريب. كل شيء يسير على ما يرام ولا حاجة لرئيس جمهورية لا دور له.

المرشحون كثر. المطروحة أسماؤهم كثر. الاستفزازيون كثر. المعرقلون كثر. المصوّتون 128 نائبا أما الناخب فواحد.

الناخب هو الغرب! والغرب بكل أطيافه، الغرب الذي لم يغرب وجهه ليوم واحد عن لبنان وعن التدخل في شؤونه وفي كل مرة تحت ذريعة جديدة.

اللبنانيون القاطنون في مجلس النواب يملكون خيار الانصياع، وبأصواتهم يصل فخامته الى القصر الجمهوري، أما برنامج الرئيس، أي خطاب القسم فيكتبه فخامته ايمانا منه بدوره الوطني ولكن، بالله عليكم أي رئيس استطاع تطبيق سطر واحد من خطاب قسمه؟

ان سلوك الرئيس السياسي رهن التوجهات الغربية. ومن يأتي به يملك القدرة على تغيير مساره والا فمساره الأمني لا يعرف الأمان. ألم يحدث هذا مع انتخاب الرئيس الشهيد بشير الجميل؟ ألم يحدث هذا مع انتخاب الرئيس الشهيد رينيه معوّض؟

عذرا فخامة الرئيس العتيد ولكن ما بعد الطائف ليس كما قبله.

انه الطائف! ادارة الدولة بكل مرافقها أفقيا! فالهرمية باتت هرمة، والمناصفة انتهت. كيف انتهت؟ انتهت لأن المناصفة باتت بين اللبنانيين وغير اللبنانيين المقيمين في لبنان ولم تعد بين المسيحيين والمسلمين اللبنانيين.

انه الطائف! دولة الاتفاق على كل شيء حتى على العداوة! كيف؟ أليس اتفاق الدوحة اتفاق الأعداء على الاتيان برئيس جمهورية ليس على عداوة مع الطرفين؟

انه الطائف! دولة الاتفاق على تمزيق الدستور وضرب القوانين والديمقراطية بعرض الحائط. كيف؟ أوليس تمديد النواب لأنفسهم خير دليل على نسف الدستور وقيم الديمقراطية

انه الطائف! دولة اتفاق الزعماء والاقطاعيين على تجويع المواطن. كيف؟ أوليس افراغ السلسلة من مضمونها ضرب من ضروب التحايل على الحق.

انه الطائف! دستور يمهّد للفراغ، انه دستور التأويلات، في كل بند من بنوده يصلح الاجتهاد، ولكل مجتهد توجّه سيوطائفي، يجعله فقيها أكثر منه مشرّعا.

الفراغ بات قاب قوسين وسينسحب تدريجيا على باقي المؤسسات ما يسمح بقرب ولادة تسوية بحجم الطائف قد تفضي الى نظام جديد.

وجل ما يرعب المسيحيين اليوم أن تكون معادلة الرئيس العلوي في سوريا تساوي الرئيس الماروني في لبنان وما ينسحب على تلك ينسحب على هذه.

أما بعد فلكل زمن رجالاته غير أننا نطمح أقلّه مارونيا الى رجال تصنع الزمن، فلا نثقل كاهل الطوائف الأخرى بالمارونية السياسية ولا نمحى بالشيعية السياسية والسنية السياسية.