مع نجاح وحدات النخبة في الجيش السوري بدخول سجن حلب المركزي بعد حصار دام أكثر من سنة شهدت العديد من معارك الكر والفر انتهت إلى سيطرة الجيش الكاملة على السجن ومحيطه واستعادة النظام السيطرة على الارض عشية الانتخابات الرئاسية، دخلت الازمة السورية ومحافظة حلب تحديدا في سباق محموم بين مشاركة ثالث اكبر المدن السورية بعد دمشق وحمص فعليا في انتخاب الرئيس بشار الاسد لولاية جديدة، ودخول تركي مباشر على خط المعارك منعا من انهيار المعارضة بشكل كامل، خصوصًا أنّ المسلحين أنفسهم عوّلوا على العاصمة الاقتصادية لإحراج النظام وإسقاطه انطلاقا من هناك في ظل حدود مفتوحة مع تركيا على خطوط الامداد والدعم الكاملين، مع الاشارة إلى أنّ حكومة أنقره أعلنت عن مضايقات نفذها سلاح الجو السوري ضد مقاتلات تركية كانت تقوم بجولات استكشافية على الحدود، في مشهد يؤكد أنّ النظام عازم على المضي في لعبة الحرب والحسم العسكري حتى النهاية.
وتزامن الاعلان عن استعادة الجيش السوري السيطرة الكاملة على محيط السجن وادخال المؤن والمساعدات الانسانية والعسكرية مع اعلان مجلس الامن الدولي عن فشله في احالة الملف السوري الى المحكمة الجنائية بعد أن كرّرت كلّ من موسكو وبكين استخدام حق النقض"الفيتو" لافشال المشروع الفرنسي المدعوم من أميركا، في مشهدٍ مكرّر يحمل الكثير من المؤشرات أبرزها مضيّ روسيا والصين في دعمهما المطلق للنظام السوري أولا وعدم معارضتهما لحسم الازمة عسكريًا طالما أنّ الجيش قادر على ذلك ثانيًا، إضافة إلى تكريس معادلة دولية جديدة قوامها دور مؤثر وفاعل ومرجح لروسيا في أزمة الشرق الاوسط والعالم انطلاقا من بوابة المتوسط اقليميا والبوابة الايرانية باتجاه اسيا الوسطى ومضيق هرمز.
وليس بعيدًا عن ذلك، يرى زوار العاصمة السورية ممن التقوا قيادات امنية وميدانية ان المعركة من وجهتها الاستراتيجية شارفت على النهاية فنجاح النظام في اقفال دائرة الحدود البرية انطلاقا من القصير مرورا بالقلمون وراهنا بالحدود الجنوبية مع الاردن وقريبا في حلب من شأنه ان ينقل الحرب من حرب ميدانية مفتوحة على الاحتمالات كافة الى حروب امنية متنقلة ومحصورة المساحات والاهداف لمحاصرة المجموعات ضمن مربعات صغيرة والسيطرة عليها تدريجيا. فموجة المصالحات ستنتشر في الأيام القليلة المقبلة وهي ستجد طريقها الى النجاح بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، خصوصًا أنّ الرئيس بشار الاسد سيعلن في خطاب فوزه بحسب ما هو مقرّر البدء بمرحلة الاعمار انطلاقا من حمص نفسها التي اصبحت بعيدة عن الجبهات ومرشحة لتشكيل النموذج المفترض لتعميم المصالحات واعادة الاعمار.
ويلفت هؤلاء إلى أنّ دوائر قصر المهاجرين بدأت تعد العدة لاعلان النصر السوري على الارهاب المتنقل داخل الحدود السورية، كما على الدول الداعمة له تمهيدا لانطلاقة حيوية للعهد الجديد في ظل اعادة تفعيل الحركة الدبلوماسية الصامدة بفعل عدم إعلان أيّ دبلوماسي سوري انشقاقه عن النظام وهذه نقطة إيجابية تساعد على الاعتراف الدولي بنتائج الانتخابات وإن كان على مضض.
في المقابل، يشير أحد هؤلاء إلى أنّ الاستحقاق اللبناني هو واحد من الملفات التي تأخذ حيّزًا هامًا لدى الدوائر السورية المنكبة على وضع دفتر شروط من شأنه أن يرتدّ على المسارين وإعادة ربطهما في ظل سلسلة من الممنوعات أبرزها عدم الاتيان برئيس للبنان يناصب النظام السوري العداء أو يعمل على تفخيخ حلقة الوصل الممتدة من ايران الى لبنان مرورا بسوريا.