لقد شهد العالم معارك كثيرة، حسمت معظمها عبر خطط ارتكزت على عنصر المفاجأة، فتارةً تكون المفاجأة في السلاح المستخدم وطورًا في العدد والمكان. ومن الأخير نبدأ حيث تميزت القيادة المشتركة لـ"حزب الله" والجيش السوري في حربها مع الجماعات المعارضة عبر ضربها في المكان غير المتوقع بشكل دائم!
وفي اليومين الماضيين توجهت الانظار نحو حلب وسجنها في ضربة نوعية قام بها الجيش السوري، حيث تمكن خلالها من تحرير المبنى بعد حصار دام أكثر من عام ونيف، إلا أنّ أهمية ما جرى لم تُنس القيادة السورية الهدف الذي كانت قد وضعته نصب أعينها والمتمثل بتأمين العاصمة دمشق قبل أيام على الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها سوريا، ممّا يعني حكماً انهاء معركة الغوطة التي تعتبر البؤرة المشتعلة في خاصرة العاصمة، ولا بد من اقتلاعها، لايجاد الحد الدنى من الاستقرار المطلوب لتمرير الاستحقاق الرئاسي.
وفي هذا السياق، أوضحت مصادر لـ"النشرة" أنّ المخطط الذي كان مرسوماً لإنهاء معركة الغوطة عبر المصالحة تطلب تعديلاً، كاشفة أنّ استحداث جبهة جديدة في درعا يهدف للحدّ بشكل كبير من تدفق السلاح والمقاتلين من درعا إلى الغوطة فبساتين المليحة، وذلك من خلال تحرير مدينة نوى.
وبحسب المصادر، فإنّ "القصف الذي شهدته المليحة وبساتينها في اليومين الماضيين كان الاعنف منذ مدة، حيث استهدف سلاح الجو السوري تحصينات "جبهة النصرة" و"اجناد الشام" في شمال وشرق المليحة بأكثر من ثلاث عشرة غارة، دمّر خلالها اماكن تحصن القناصين ومرابض المدفعية، تزامناً مع استهداف تحصينات تعود للجبهة الاسلامية بصواريخ الـ107 مم وقذائف الهاون في منطقة المقيلبية وزبدين وجسرين، سقبا وكفربطنا"، لافتةً الى ان "حزب الله والجيش السوري تمكنا من صد هجوم معاكس شنه مسلحو جبهة "النصرة" ما اضطرهم الى التقهقر سريعاً وسحب جثث قتلاهم والجرحى تحت وابل من النيران".
وأكدت المصادر أنّ "حزب الله والجيش السوري تمكنا ايضا وفي عملية نوعية من قتل القائد الميداني في الجيش الحر ابو احمد العسي وخمسة من مرافقيه في بساتين المليحة، وقد اثمر هذا الهجوم وما سبقه من قصف تقدماً بارزاً في كل من المقيلبية والخيارة ودنون وخان دنون والطيبة".
أما في درعا، فقد كشفت مصادر لـ"النشرة" أنّ "تطورات مهمة جدا ستحملها الساعات المقبلة في ريف درعا تتمثل باعلان مدينة نوى منطقة آمنة نتيجةً لقصف مركز قام به حزب الله والجيش السوري استهدف تحصينات المعارضات المسلحة عبر صواريخ بركان (ارض ـ ارض) وصواريخ الـ107 مم وقذائف الهاون في كل من نوى وانخل تسيل وشيخ مسكين في ريف درعا، بالتزامن مع سلسلة غارات شنتها الطائرات السورية عند المحور الجنوبي لمدينة نوى". وذكرت المصادر عينها أنّ "العملية في درعا تأخذ طابعا استراتيجيا، يتمثل بطائرات الاستطلاع "أيوب" التي تحلق فوق اجواء ريف درعا على مرأى ومسمع من الجيش الاسرائيلي في الجولان".
وعود على بدء، فان ما كشفناه سابقاً عن مصالحة ستشهدها الغوطة الشرقية على غرار ما حصل في حمص القديمة، قد ظهرت اولى بوادرها في دوما حيث تمت عملية تبادل للأسرى بين الجيش السوري و"جيش الاسلام".
وعلى اعتبار ان المفاجأة اليوم تمثلت بفتح جبهة درعا بالتزامن مع الجبهات المفتوحة اصلاً في اماكن ومحافظات مختلفة في سوريا، فالسؤال الطبيعي في هذا الوقت بعد كل هذا التقدم الذي يحرزه الجيش السوري، يكمن في الهدف الجديد الذي يمكن ان تكشفه الايام المقبلة والتي قد تكتمل فيه خارطة الميدان السوري.