ما إن عاد احد النازحين السوريين من بيروت الى مكان اقامته في ابي سمراء بطرابلس حتى لاحقه احد الشبان ليتأكد من اصبعه، التي لا تزال تحمل آثار الحبر رغم كل محاولاته لازالتها وكان كافيا لادانته بارتكاب "الخيانة العظمى" فنال نصيبه من الركل والضرب امام الناس مع سيل من الشتائم...
هذا المشهد الذي تكرر في اكثر من حي من احياء طرابلس، حمل رسالة واضحة الى كل من سوّلت له نفسه من النازحين السوريين مجرد التفكير بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية السورية، فالمشاركة بالانتخابات ليست مجرد "خيانة" وحسب بل لها تبعاتها اقلها طرده من المنطقة التي يقيم فيها ونزع صفة النازح عنه، مما يفقده كل "الهبات" والمساعدات المقررة من المؤسسات العربية والدولية..
وشكلت التظاهرة التي جرى تنظيمها امام مسجد التقوى يوم افتتاحه والتظاهرة الاخرى التي نظمت داخل التبانة اشارات الى ان النازحين السوريين في طرابلس هم على "وفائهم" و"ولائهم" لمن احتضنهم من القوى السلفية وباقي القوى السياسيّة، وان مشروع توظيف النزوح السوري لا يزال قائما لم يتغير ولا يتبدل، والمرحلة المقبلة ستكون شاهدة على ما ينتظر النازحين السوريين من دور في الرد على نتائج الانتخابات الرئاسية السورية، سيما وان صدمة الزحف البشري السوري الى السفارة السورية في بيروت كانت كافية لاثارة علامات التساؤل بعد أن تنامى الى بعض القوى السياسيّة ان عددا غير قليل من الشمال توجه الى بيروت للادلاء بصوته، ومن لم يتمكّن يمّم صوب الحدود الشمالية للاقتراع في المراكز الحدودية السورية.
ولم يخفَ على أحد أنه في اليوم المحدد للاقتراع في سوريا استنفرت جهة سياسيّة في مدينة طرابلس لتمارس دورها في رصد ومراقبة السوريين، بعد أن سبق ذلك رسائل واضحة تحذر من المشاركة في الاقتراع، وكان في الوقت عينه ناشطون سوريون معارضون يتولون مسؤولية متابعة التجمعات البشرية السورية المتواجدة في احياء طرابلس خشية ان يكون بينها "مندسون" للنظام السوري..
وحسب مصادر طرابلسية ان تجمعات النزوح السوري بالفعل لم تشهد اي حراك باتجاه المنطقة الحدودية لاسباب عديدة ابرزها:
اولا – ان معظم النازحين في الاصل هم من العائلات المتطرّفة في معارضتها للنظام السوري.
ثانيا – منذ لحظة وصول هؤلاء جرى احتضانهم من القوى السلفية في الدرجة الاولى ومن قوى 14 آذار، وباتوا شركاء في الحراك السياسي وحتى في الحراك العسكري الذي شهدته طرابلس على جولات الاقتتال العشرين التي مضت بين التبانة وجبل محسن.
ثالثا –بين العائلات السورية النازحة من هو تحت خط الفقر وجرى ادراجهم في لوائح اللاجئين ليستفيدوا من التقديمات المختلفة، وهم بالتالي يخشون خسارتها او التعرض للطرد فكانوا اكثر المتشددين في رفض الاقتراع تحسبا لاي ملاحقة او لانقطاع "رزقهم" خاصة بعد قرار وزارة الداخلية الذي لعب دورا في انخفاض مستوى المشاركة من النازحين السوريين..
وبالرغم من ذلك، سجلت حالات مشاركة في الانتخابات الرئاسيّة السورية لمواطنين سوريين من المقيمن في الشمال منذ سنوات قبل اندلاع الازمة السورية، وعادوا الى لبنان دون وجل لا سيما من يقطن منهم في الكورة وزغرتا والبترون وبعض مناطق عكار..
احد المواطنين السوريين اكد انه لولا الارهاب الذي تعرض له بعض النازحين في طرابلس، لكانت اعداد المشاركين من العائلات النازحة المقيمة في طرابلس السباقة الى المشاركة في الاقتراع لانهم سئموا التهجير والتشرد، وذاقوا مرارة النزوح وادركوا انهم مجرد وقود في مشاريع الآخرين يتاجرون بالنزوح السوري اما لجمع الثروات او لتنفيذ المؤامرة الكبرى المستمرة على سوريا.