مرت أيام عديدة على انتهاء المعارك في منطقة القلمون المحاذية للحدود اللبنانية، والتي كانت تعتبر ممرّ الموت الى لبنان كونها صدّرت السيارات المفخخة التي استهدفت المدنيين، إلا أنّ هذه المنطقة مرجحة أن تعود إلى الواجهة من جديد في اي لحظة، وذلك بعد ان هرب مسلحو جبهة النصرة والتجأوا الى الجبال الفاصلة بين لبنان وسوريا.
لا شك أنّ "حزب الله" كان يسعى في الفترة الماضية لانهاء المعركة في اسرع وقت في اطار حربه الاستباقية على هذه الجماعات المسلحة، وفعلا استطاع ان يقطع الطريق عليها الى لبنان على طول الحدود بمعارك كانت حاسمة، الا انه وفي المنطق الطبيعي للحروب، كان لا بد من وجود "فلول" لهذه الجماعات في مناطق حدودية، فكيف اذا كانت مناطق جبلية تسمح لهم الاختباء فيها. بيد أن احتماء هذه الجماعات في مناطق قريبة من لبنان، كان يشكل مصدر إزعاج لـ"حزب الله" من وقت إلى آخر.
من هنا فان الحزب وبالتنسيق مع حكومة تمام سلام تمكن من الحد من هذه العمليات وخصوصا بنجاح الخطة الامنية في البقاع، وما نتج عنها من دخول للجيش اللبناني الى مدينة عرسال والطفيل الحدوديتين اللتين كانتا تشكلان المعبر الاساس لتلك الجماعات وما عرف بالبيئة الحاضنة.
ساهم نجاح "حزب الله" في حسم معركة القلمون ونجاح الخطة الامنية في ضبط الوضع الامني على الساحة اللبنانية بنسبة كبيرة، الا ان هذه الجماعات بحسب ما أكدت مصادر لـ"النشرة، “كانت تحاول منذ ايام عدة القيام بعمليات عسكرية محدودة في مناطق لبنانية قريبة من الحدود، حتى انها اشتبكت اكثر من مرة مع مقاتلي حزب الله في البقاع وتحديدا عند مشارف بلدة النبي شيت في الاسابيع الماضية دون ان يتم الاعلان عن ذلك”.
وفي الحديث عن المناطق المتداخلة ضمن سلسلة الجبال بين لبنان وسوريا، فان جرود عرسال وجرود بلدة الطفيل كانتا تشكلان نقطتا الانطلاق للمسلحين من المعرة وجرود طلعة موسى، لذلك فقد اكدت مصادر لـ"النشرة" بان "حزب الله قرر القيام بعملية عسكرية واسعة للقضاء على ما تبقى من مقاتلين لجبهة النصرة مقابل هاتين البلدتين من الناحية السورية".
واشارت المصادر، الى ان "الحزب سيقوم بهذه العملية خلال الايام القليلة المقبلة وقد حدد ساعة الصفر لها"، لافتة الى أنه "قام باستقدام جرافات لفتح ممرات جبلية لتسهيل العملية العسكرية التي ستؤمّن الحدود اللبنانية بشكل كامل من اي عمل قد تقدم عليه هذه الجماعات"، مؤكدة بان "حزب الله يستهدف منذ يوم امس اماكن تواجد المسلحين في مزارع الرنكوس بقذائف الهاون، ويدكّ تحصينات المسلحين في جرود الفليطة-عرسال بالصواريخ".
أما من الناحية السورية فان هذه العملية قد تريح "حزب الله" والجيش السوري اللذين يخوضان معارك حاسمة في كل من ريف دمشق، درعا وحلب، ويحرزان تقدما واضحا على هذه المحاور.
وبالتالي، فقد تكون هذه المعركة هي الاخيرة عند الحدود اللبنانية السورية، ويمكن اعتبارها تكملة للخطة الامنية التي وضعتها الحكومة اللبنانية، ما يشير الى ان اهمية نجاحها ستتخطى الحدود لتصل الى الداخل اللبناني الذي يشهد انتعاشا على المستوى السياحي نتيجة للوضع الامني المستقر لاول مرة منذ بداية الازمة السورية، التي تمدّدت الى دول الجوار أمنيًّا وشكّلت عبئًا اقتصاديًّا.
اذا هي معركة قد تحظى بتأييد معظم القرى الحدودية اللبنانية التي عانت الامرّين من الجماعات المسلّحة، وبالتحديد في بلدتي عرسال والطفيل، حيث كانت هذه الجماعات تقوم بعمليات قتل وسرقة، كانت آخرها تنفيذ حكم الإعدام بحق الفتى السوري ابن الاربعة عشر عاما في بلدة عرسال.