كشف دبلوماسي شرقي أن بلاده تراقب عن كثب التطورات الأمنية المتسارعة العاصفة بالمنطقة العربية، بعد المفاجأة المدوية التي حققها تنظيم "دولة الاسلام في العراق والشام" في بلاد الرافدين، في ظل خشية من اعادة خلط الأوراق الدولية والاقليمية، خصوصاً أن اتساع رقعة سيطرة التنظيم المدرج على لائحة الارهاب الدولي والأوروبي، بات على مقربة من تركيا كما دخل مباشرة على خط الملف الكردي، يطرح اشكالية تراوح بين حدين لا ثالث لهما، فإما أن "داعش" مدعوم من الغرب وينفذ أجندة دولية تؤسس إلى تظهير خريطة جغرافية للعالمين العربي والاسلامي عبر اعلان جغرافية "دولة الخلافة الاسلامية"، ما سيدفع بالأكراد إلى اعلان دولتهم والشروع في الدفاع عن حدودها وكيانها بحجة وقف المد "الداعشي" باتجاهها، بحيث تكر السبحة من دون رادع ، أو أن الغرب يعمل على تكبير حجم "داعش" وتعظيم دور الدول الداعمة لها لاطلاق النفير واعداد جيش قادر على القضاء على هذه الظاهرة افساحاً في المجال أمام عودة الاسلام المعتدل إلى لعب دوره في هذه البقعة من العالم المتفجر.
ويرجح الدبلوماسي الاحتمال الثاني، على اعتبار أن العالم لن يحتمل أن تكون منابع الطاقة والنفط بيد التنظيمات الأصولية والتكفيرية لعدة أسباب، أبرزها أن هذه المادة الحيوية ستؤمن تمويل ذاتي لها فتخرج حينها عن سيطرة الدول الداعمة والممولة لها ومقارعتها في عقر دارها، اسوة بما حصل في أفغانستان حين دعمت الاستخبارات الأميركية تنظيم "القاعدة" بشخص أسامة بن لادن للوقوف في وجه الروس فاذا بالأحجام تتبدل بسرعة قياسية ويخرج التنظيم المولود في أروقة المخابرات الأميركية عن السيطرة ليعيد تشكيل قواته الذاتية بمعزل عنها مستعيناً بتمويل البترودولار وبسوق السلاح السوداء، ما يعني أن المصالح الاستراتيجية للدول الكبرى تصبح مهددة بالكامل، كما أن اسرائيل لن تقبل بوجود التكفيريين على تماس معها او بالقرب منها على اعتبار ان هذه الظاهرة بدأت تعم العالم الاسلامي بعد موجة من المعنويات العالية التي خلفها الهجوم الصاعق على نينوى العراقية والنتائج الناجمة عنه أكان لجهة السيطرة على سلاح نوعي وكمي أو لناحية المكاسب المادية المحققة من خلال السطو على أموال المصارف ما يعني بان التنظيم المذكور بات يتمتع بالسلطة إلى جانب المال في معادلة خطيرة للغاية بدأت ترخي بظلالها الثقيلة على المنطقة برمتها.
وتوقف الدبلوماسي عند الكلام المقتضب الصادر عن الرئيس الايراني حسن روحاني، المعروف باعتداله ومصالحته مع الغرب، والمتضمن تهديدات مباشرة وغير مبطنة من خلال القول إن ايران ستكافح الارهاب في العراق، سرعان ما سارع الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى دعم هذا الموقف من خلال القول إن هناك تحركات عسكرية قصيرة المدى وفورية ينبغي عملها في العراق، واعراب بلاده عن استعدادها للقيام بأي عمل عسكري عندما يتعلق الأمر بتعرض أمنها القومي للخطر، من دون أن يفصح ما اذا كان ذلك سيتم عبر اعطاء طهران الضوء الأخضر للدخول على خط المعارك في موازاة الضغط على السعودية لوقف الدعم المالي، أو أن بلاده ستعود عسكرياً إلى العراق مع استبعاد هذه الفرضية وإن كان ذلك لا يمنع من ضربات سريعة وفاعلة تسهل عمل الجيش العراقي الحديث العهد في المعارك والقتال وغير المدرب على مكافحة الارهاب.
ويختم الدبلوماسي من دون أن يجزم بأنه من غير المستبعد أن يشارك الجيش السوري في الحرب ضد الارهاب داخل الأراضي العراقية من خلال تشكيل ألوية متخصصة بمكافحة الارهاب، مع الاشارة إلى أن قواته حصلت على خبرات قتالية عالية بفعل حربها المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.