عيدٌ، تتميز به زحلة عن باقي المُدُن اللبنانيّة؛ عيدٌ، يصلّي فيه كلّ زحليٍّ مسيحي كاثوليكيّ وارثوذكسيّ؛ عيدٌ، يجمع الأساقفة والإكليروس والمؤمنين حول فاديهم، الله المتجسِّد، عيدُ تعيِّده زحلة منذ 189 سنة؛ عيدٌ مسيحيٌّ مسكونيٌّ بامتياز، إنَّه عيد خميس الجسد الإلهي.
منذ صغرنا ونحن ندخل الكنائس الكاثوليكيّة والارثوذكسيّة، ونصلّي للربّ الواحد المثلث الأقانيم الآب والابن والروح القدس. لقد تربيّنا تربيةً مسيحيَّةً من دون أيّ تمييز بين الكاثوليكي والارثوذكسي وتعلَّمنا أن غنى الكنيسة يكمن في تنوعها الليتورجي والطقسيّ واللغويّ. نشاهد يوميّاً أساقفة وكهنة مدينتنا زحلة يصلّون ويشاركون معاً في المراسيم الدينيّة. يتجلّى بهاءُ زحلة بعيد خميس الجسد حيث يتمّ التطواف بالجسد الإلهي بكل أنحاء المدينة تخليداً لذكرى شفاء أبناء المدينة من مرض الطاعون.
سنة بعد سنة، يلتئم الزحليون أهل المدينة والنازحون منها حول مسيحهم ومخلصهم يسوع المسيح ليشكروه ويمجدوه بالقداديس والتطواف الكبير في المدينة بعيد الجسد، وليتباركوا منه. خميسٌ مميَّز حيث جميع الدوائر الرسميّة والخاصة والمؤسسات والمدارس والجامعات تقفل أبوابها لتستقبل ملكها ومخلصها بالورود والأرزّ والأناشيد مع أصوات الطبول ورائحة البخور. عيدٌ زحليٌّ بامتياز حيث يعطي زحلة، مدينة الكرمة، طابعاً دينياً مسيحيّاً مميَّزاً حيث أساقفتها السَبع المتواجدون فيها يشهدون للمسيح الواحد وللكنيسة الواحدة بالرغم من تنوّع فروعها.
لقد شارك الكاردينال ليوناردو ساندري، رئيس مجمع الكنائس الكاثوليكيّة الشرقيّة في حاضرة الفاتيكان، السنة الماضيّة زحلة بعيد خميس الجسد الإلهي، وعبَّر عن فرحته الكبيرة عند مشاهدته مدينة بأكملها متَّحدة بإيمانٍ واحد وحبٍ واحد حول يسوع الإفخارستي. زحلة عاصمة الكثلكة هي أيضاً عاصمة الارثوذكسية لأنها تحتضن الكاثوليكي والارثوذكسي معاً دون تمييز ومزار السيّدة العذراء هو ملجأ كلٍّ منهم وكنائسها للجميع دون تمييز.
فيا زحلة الأبيَّة، أنتِ التي أنعمَ الله عليكِ ومنحك نعمة الشفاء من مرض الطاعون، أطلب منك أن تبقَي وفيّةً لمحبته لك وأن تباديلنه الحبَّ عَينه؛ أطلب منك أن تكوني دائماً متَّحدةً وأن لا تفرِّقك السياسة والأحزاب والمشاكل الآنيَّة والمصالح الدنيويَّة . تنظرُ المسكونة كلِّها إليكِ نظرة إكبارٍ وتَجلّي، لاسيما في عيدكِ هذا الذي يمنحك صفة ولقب "المدينة المسكونيّة بامتياز".
هكذا عرفتك يا مدينتي زحلة الشامخة وهكذا أوَدُّ أن تبقَي دائماً مخلصةً ليسوع ومتضرِّعةً لأمِّه وأمكِ مريم.