استعرض دبلوماسي شرقي الوضع العام في لبنان رافضًا، أقله من وجهة نظر بلاده، الربط بين الأحداث الأمنية التي تحصل بين الحين والآخر والفراغ الرئاسي بعد أن انخرطت الحكومة اللبنانية وبالرغم من تناقضاتها بالحرب على الارهاب بمعزلٍ عن الموقف السياسي الجامع في ما بينها، ملاحظا أنّ وزير الداخلية نهاد المشنوق المحسوب على تيار "المستقبل" وفريق الرابع عشر من آذار يعمد إلى ذكر الإرهاب والإرهابيين ومساعي الأجهزة الأمنية للحدّ من موجة الارهاب والتكفير في كلّ ظهور إعلامي خلافًا لما كان يحصل في السابق، حيث أنّ وزراء الداخلية المتعاقبين على الوزارة الأمنية الأكثر حساسية واتصالا بمكافحة الارهاب طالما رفضوا الاعتراف بالواقع المتصل بهذا الملف على أهميته ودقته، ما يؤسّس إلى الاعتقاد بأنّ الفراغ الرئاسي لا يرتبط على الاطلاق بالتطورات الامنية الناجمة من أساسها عن تداعيات الحرب الطائفية المشتعلة في العالم العربي، لا سيما أنّ صلاحيات الرئيس لا تتعدّى كونها شكلية وغير فاعلة ومؤثرة في مواضيع حسّاسة على غرار إعلان الحرب على الارهاب أو نشر الجيش في هذه البقعة أو سواها، بيد أنّ مثل هذه القرارات مرهونة بالقيادات الأمنية والعسكرية وهي لم تشهد أيّ فراغ حتى الآن.
ويعني هذا الأمر، بحسب الدبلوماسي المذكور، أنّ درجة الاهتمام الدولي والاقليمي بالاستحقاق الرئاسي تدنت إلى مستويات قياسية بعد أن انشغل اللاعبون بما وصفه بالحرب على الارهاب انطلاقا من سوريا ولبنان ومؤخرًا العراق في مشهد متكامل ومتصل بدأت معالمه تلوح في الافق مع انطلاق عملية تصفية الارهابيين المتمركزين في جرود عرسال وملاحقتهم في لبنان وتسجيل نقاط ثمينة على الخلايا المتحركة في بيروت بفضل تبادل المعلومات التي تشارك فيها المخابرات السورية على أعلى المستويات من خلال اجتماعات سرية في عاصمة أوروبية معروفة بحيادها تضمّ قياديين أمنيين من الدول الشرقية والغربية على حد سواء.
مع ذلك، يكشف الدبلوماسي أنّ الحراك الدولي على صعيد الاستحقاق الرئاسي لم يتوقف بالرغم من هدوئه ، غير أنّ الملف ما زال في دائرة الصف الثاني ولم ينتقل بعد الى مراكز القرار الكبرى فواشنطن المعنية بالاستحقاقات الاقليمية برمتها تدرك جيدا أنّ الوقت يلعب لصالح المحور السوري الايراني، ولذلك فهي غير مستعجلة على الاطلاق لحسم الملف، بل عمدت الى ربطه بسائر الملفات الاقليمية الساخنة، وخير دليل على ذلك ما طلبته الادارة الاميركية عبر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان من المستشارة السياسية والاعلامية للرئيس السوري بثينة شعبان بعدم عرقلة دمشق انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان باعتراف واضح وصريح بعودة الدور السوري الى السياسة اللبنانية بعد أن أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أنّ إسقاط الرئيس بشار الاسد بات من المستحيلات بما معناه التعاطي الايجابي مع المستجدات والتحولات.
وفي هذا السياق، يرى الدبلوماسي نفسه أنّ الموقف الغربي المتردد من الاستحقاق الرئاسي أرخى بظله على السياسيين المحليين وهذا ما يفسر استمرار التواصل في ما بين المكونات والكتل النيابية القادرة على حسم الملف من دون أيّ نتيجة أو تقدّم، فالاتصالات بين رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري لم تنقطع كما أنها لم تؤدّ إلى نتيجة، وكذلك فإنّ اللقاء الاخير بين الحريري ورئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط لم ينته إلى أيّ قرار وكل ما حققه هو كسر الجليد بين الرجلين، وبالتالي فإنّ الأمور ستبقى في هذه الدائرة بانتظار قرار حاسم وهذا ما لم يحن أوانه أقلّه حتى اللحظة.