أخيراً، عثرت "إسرائيل" على المستوطنين الثلاثة الذين كانوا مفقودين في الخليل بالضفة الغربية المحتلة، بعد عملية بحث عسكرية استمرت لتسعة عشر يوماً، طالت المدن الفلسطينية وداهمت خلالها آلاف المنازل واعتقلت مئات الفلسطينيين، وسجّلت بتحركاتها فشلها الأمني والاستخباري على مدار الأسبوعين الماضيين، لكن ثمة احتمالات وتقديرات أصبحت في الواجهة من إمكانية شن عدوان على غزّة، ومعاقبة حركة "حماس" التي وجّهت إليها "إسرائيل" أصابع الاتهام في قضيّة اختفائهم، بالضفة الغربية المحتلة، ما يعني فتح باب عدوان جديد وفقاً لمراقبين.
وعثرت "إسرائيل" على جثث المفقودين الثلاثة، في اليوم التاسع عشر لاختفائهم، في حفرة قرب بيت كاحل في جبل الخليل، بعد أوسع عملية تفتيش، قالت تقديرات إسرائيلية "إنهم قتلوا بعد اختفائهم بقليل من خلال إطلاق النار عليهم وإخفائهم"، في وقت ألمحت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن عملية العثور على المستوطنين تمت بالصدفة من خلال مستوطنين متطوعين وليس جنود إسرائيليين، وأن مكان العثور على الجثث يبعد عن مكان فقدانهم 10 دقائق فقط.
القرار مُتخذ
وفي هذا السياق، يؤكد المختص في الشؤون الإسرائيلية، أكرم عطالله، إنّ قرار معاقبة "حركة حماس" متخذ في "إسرائيل"، لكنّ الأخيرة لا زالت تناقش سبل الرد وشكل العقاب، وهو موقف الخلاف الحاصل بين أعضاء القيادة الإسرائيلية في الحكومة، والمجلس الوزاري المصغر "الكابينيت".
وفي حديث مع "النشرة"، يرى عطالله إن العقاب أيضاً سيطال السلطة الفلسطينية في رام الله، وستدينها "إسرائيل" وتحملها المسؤولية عما حدث أمام العالم، بهدف حشرها سياسياً، وستسعى إلى إفشال حكومة التوافق الوطني التي أمضى على تشكيلها شهر، وستستغل "إسرائيل" هذه العملية لإكمال سيطرتها على الضفة الغربية المحتلة.
ويلمح عطالله إلى أنّ شكل العقاب ذاته على "حماس" في الضفة، ربما بتنفيذ اعتقالات، أو إبعاد قيادات من الحركة إلى قطاع غزة.
خلاف على العدوان
ورغم سلسلة الغارات العنيفة التي شنتها طائرات الاحتلال الحربية على مختلف محافظات غزة فجر اليوم، والتهديدات التي أطلقها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو بدفع "حماس" ثمن العملية، يوضح عطالله أن توسيع العملية العسكرية أو شن عدوان جديد على غزة، هناك خلاف عليه إسرائيلياً، إذ أنّ بعض أعضاء المجلس الوزاري المصغر يطالبون بضرب غزة وحركة "حماس" خصوصاً، والبعض الآخر يحاولون البحث عن طرف خيط يربط العدوان بعملية المستوطنين، حتى يوسعوا العملية.
ويضيف عطالله: "إسرائيل عينها على الصواريخ في قطاع غزة، وتعتبر أنها هي من تهدد الأمن الإسرائيلي، ومحتمل أن تلجأ لضرب الصواريخ ومخازنها، لأنها تعرف أنها عبء على الأمن الإسرائيلي وهو لا يحتملها وهذه فرصة بالنسبة لها".
ويتابع: "ربما أي عدوان على غزة يصل إلى حد اغتيال قيادات من حركة حماس".
أهداف سياسية واستراتيجية
وفي ذات السياق، يقول الكاتب والباحث الأكاديمي علاء أبو عامر، إن "إسرائيل" ما تزال مصرّة على تحويل غزة دولة قائمة بذاتها، ولن تسمح بإنهاء الانقسام، كما لا تسمح بإقامة دولة فلسطينية، وعينها على السلطة في رام الله، واصفاً ما يحدث بمعركة خلط الأوراق، والهجوم المزدوج الذي يلتقي فيه اليمين واليسار الإسرائيلي على الفلسطينيين.
وفي حديث إلى "النشرة"، يؤكد أبو عامر، أن كل ما تقوم به "إسرائيل" له أهداف سياسية واستراتيجية، حققت بعضها وهي في طريقها لتحقيق ما تريد.
وفي إطار آخر، يرجح أبو عامر أن عملية فقدان وقتل المستوطنين، تحمل سمات العمل الجنائي أكثر من أي شيء آخر، إذ أن المقاومة ليست عملا عشوائيًّا، وهي عمل عسكري ذو هدف سياسي، للمجموع الفلسطيني، لكنّ عطالله يستبعد ذلك ويؤكد أنها عملية مخطط لها فعلياً.