بعد سنوات من النزاع و"الكرّ والفرّ"، وُجِد الحلّ لمشكلة جبل النفايات في صيدا. بسحر ساحر وبمراسيم أصدرت في ظلّ حكوماتٍ مستقيلة، تمّ تحويل الأموال الى UNDP أو الامم المتحدة التي تشرف على المشروع من أجل المضي في عملية إزالة الجبل... اليوم وبعد الانتهاء من عملية الإزالة، وحده البحر سيبقى شاهداً على الجريمة التي ارتكبت في ذاك المكان.

مشروع تدمير بيئي!

"هو مشروع تدمير بيئي"، هكذا يصف الخبير البيئي ​زياد أبي شاكر​ مشروع معالجة ​مكب صيدا​، لافتاً الى أن "النفايات ترمى في البحر دون فرزها"، مشيراً إلى أنّ "هذا الجبل أصبح مطية سياسية يتسابق عليها البعض".

في المقابل، ينفي المسؤول في الأمم المتحدة ​إدغار شهاب​ عبر "النشرة" هذا الكلام، موضحًا أنّ "فرز النفايات يتم بطريقة فنية دقيقة، عبر فصل المواد العضوية عن غير العضوية واستخراج الغاز من الجبل وعدم الرمي في البحر الا المواد الصالحة لذلك".

لكنّ مصادر مطلعة على الملف تنفي عبر "النشرة" كلام شهاب أيضا، مؤكدة أن "جزءًا من النفايات يرمى في البحر فيما البعض الآخر يحرق في معمل سبلين".

المكب حديقة عامة...

يتحدث إدغار شهاب عن مشروع معالجة المكب متناسياً المساحة الهائلة التي تم تصوينها عبر الحائط البحري، ويشير الى أنه "سيسلم الأرض التي عليها المكب فقط وبعد سبع سنوات حديقة عامة"، ومؤكدا أن "الحديقة العامة ستعود ملكيتها ل​بلدية صيدا​".

إلا أنّ رئيس بلدية صيدا السابق ​عبد الرحمن البزري​ يؤكد عبر "النشرة" أنه "لا يمكن أن تكون هذه الأرض أو حتى الحديقة ملكاً للبلدية بل هي ملك لوزارة الأشغال"، وقد سبق لـ"النشرة" أن نشرتالمرسوم الخاص الذي أصدر من قبل وزارة الاشغال ويحمل رقم 5790وبموجبه تم الترخيص خلافا للمرسوم 4810 لمجلس الانماء والاعمار بالقيام بالاشغال في تلك المنطقة. وتوضح المصادر هذه الإشكالية، وتشدد على أن "هذه الحديقة تقوم على الشاطئ الذي ردم جزء منه وبالتالي هي من الأملاك البحرية التابعة لوزارة الأشغال التي رخّصت لمجلس الإنماء والإعمار ولا علاقة لبلدية صيدا بها حتى الساعة".

دراسة تقييم الأثر البيئي سلبية

وفي ما خص الموضوع البيئي، فإن المرسوم الذي يحمل رقم 5790/2011 في مادته الثالثة ينصّ على ضرورة إجراء دراسة تقييم أثر بيئي للمشروع ليتم الموافقة عليه أو عدمه من قبل وزارة البيئة. وفي هذا السياق تؤكد مصادر لـ"النشرة" أن "وزير البيئة السابق ناظم الخوري وافق على دراسة تقييم الأثر البيئي تسهيلا لتنفيذ المشروع، وخلافا لمبدأ قانون حماية البيئة رقم 444 تاريخ 29/07/2002، فإن دراسة تقييم الاثر البيئي جاءت سلبية لأسباب عديدة أبرزها وجود مشروع بديل ذات أثر محدود بالمقارنة مع المشروع المطروح، أما السبب الثاني الأساس فهو من أين ستؤمن المواد الأولية أي الصخور لردم المساحة المحددة في المادة من المرسوم رقم 5790 تاريخ 6 نيسان 2011 البالغة 634640 المطلوبة لتنفيذ المشروع".

"النشرة" حاولت مرات عديدة الإتصال بوزير البيئة محمد المشنوق للاطلاع على هذه الدراسة إلا أنها لم تلق جواباً.

وبالعودة الى المناقصة، يعتبر أبي شاكر أن "المريب في المسألة أن UNDP لم تقم بمناقصة مفتوحة عالمياً بل تم إختيار الجهاد وSuez"" منذ البداية"، معتبرا أن "دفتر الشروط ينص على عدم رمي المواد العضوية في المياه بل فرز كل المواد ورمي التراب والحجارة فقط، ولكن هذا الدفتر "فولكوري" لأنهم يقومون برمي النفايات في البحر دون العودة الى فرزها بطريقة تقنية".

في داخل الحائط البحري بركة مياه لم تردم بعد، وهي عُزلت لتبقى مسرحاً للنفايات وربما لردميات تساعد على جعلها ارضاً يُبنى عليها في المستقبل، وهذا التفسير الأنسب لعزل كل هذه المساحة عن البحر. بهذه الكلمات تشرح المصادر هذه العملية، لافتةً الى أنه "سواء الامم المتحدة أو الانماء والاعمار أو حتى البلدية سيستفيدون منها لأنهم سيسمحون برمي الردميات فيها مقابل مبالغ من المال وهذا ما سيدر الاموال عليهم".

وهنا لا بدّ من السؤال: من هي الجهة المسفيدة من هذا المشروع شعبيا وماليا؟ ولصالح من ستكون مساحة أشغال الأملاك البحرية؟ هل في عُهدة الإنماء والإعمار أم جهات أخرى مثل بلدية صيدا أو شركة عقارية إستثمارية شبيهة بسوليدير بموجب مرسوم إنشاء شركة عقارية أو قانون لاعطاء هذه الشركة صلاحيات أوسع؟...

وحدها الأيام المقبلة كفيلة بإظهار حقيقة هذا المشروع وبالتالي الإجابة عن كل هذه الأسئلة وسواها.